خاص بآفاق البيئة والتنمية / غزة
الجدار سيحجز كثيرًا من السيول السطحية الصغيرة التي تغذي قطاع غزة أثناء تساقط الأمطار، مشيرًا إلى أن هناك أكثر من ستة سيول تزود غزة بالمياه، فكلها ستنقطع في حال تشييد الجدار. أيضًا يشير الوحيدي إلى أن تنقّل الكائنات الحية الصغيرة سيصبح مستحيلاً، وبالتالي سيكون هناك خلل في التوازن البيئي.
|
يقول مختصون بيئيون فلسطينيون إن وضع الخزان الجوفي وتماسك التربة في قطاع غزة سيصبح مهدداً أكثر من أي وقت مضى، مع إعلان السلطات الإسرائيلية نيتها بناء جدار إسمنتي فوق وتحت الأرض على امتداد الحدود الفاصلة مع القطاع بدعوى مكافحة الأنفاق الهجومية للفصائل الفلسطينية.
وقالت صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية إن عملية تشييد الجدار ستتكلف 2.2 مليار شيكل إسرائيلي، وسيمتد بطول 60 ميلًا حول غزة.
وأشارت الصحيفة إلى أن وزارة الجيش الإسرائيلي نشرت بداية الأسبوع الأول من شهر آب عطاءً أول لأعمال الحفر والبناء لخط الحماية الاسرائيلي الجديد ضد الأنفاق الهجومية للفصائل الفلسطينية حول قطاع غزة.
وذكرت الصحيفة أن مناقصة مغلقة أُرسلت لـ20 شركة مقاولات كبرى في إسرائيل، وأن العطاء يتطرق للجزء الأول المكون من 10 كيلومترات، بالإضافة إلى جدار تحت أرضي محيط بالقطاع سيتم بناءه على طول 60 كيلومتراً.
وكشفت الصحيفة عن أن الجدار الخرساني يصل لعمق عدة عشرات من الأمتار، وسيمتد أيضًا لفوق سطح الأرض، ومن أجل تسريع البناء، فقد تم تحديد تاريخ بداية العمل في أكتوبر القادم.
لكن وبعيدًا عن الأهداف الأمنية الإسرائيلية المعلنة من وراء تنفيذ المخطط، فإن جملة من التحديات البيئية ستبرز في قطاع غزة (صاحب الكثافة السكانية الأعلى في العالم)، بحسب ما يقول مدير عام التربة والريْ في وزارة الزراعة بغزة، المهندس نزار الوحيدي، إذ يؤكد أن الجدار الإسرائيلي سيحدث قطعًا في الخزان الجوفي بعمق عشرة أمتار في المنطقة الواقعة في شرق غزة.
ويشير الوحيدي لمجلة آفاق البيئة والتنمية، إلى أن انسياب المياه سيتأثر بفعل إقامة الجدار، ذلك لأن قطاع غزة يأتي إليه وارد مياه من تحت الأرض من الأراضي الفلسطينية المحتلة قرب الحدود نتيجة عمليات الري وسيلان الأودية والبرك التخزينية.
ويضيف الوحيدي، أن الجدار سيحجز كثيرًا من السيول السطحية الصغيرة التي تغذي قطاع غزة أثناء تساقط الأمطار، مشيرًا إلى أن هناك أكثر من ستة سيول تزود غزة بالمياه، فكلها ستنقطع في حال تشييد الجدار.
أيضًا يشير الوحيدي إلى أن تنقّل الكائنات الحية الصغيرة سيصبح مستحيلاً، وبالتالي سيكون هناك خلل في التوازن البيئي.
ويحذر الوحيدي من أنه في حال تم ضخ المياه المالحة في عمق الأرض في المناطق الشرقية لقطاع غزة على غرار ما قامت به السلطات المصرية لهدم الأنفاق المنتشرة أسفل الحدود مع رفح في أقصى جنوب القطاع، فإن ذلك "سيشكل نكبة كبرى للخزان الجوفي"،
|
وينوه إلى أن تأثير الجدار سيتجاوز باطن الأرض إلى السطح، حيث أعرب عن خشيته من تأثيرات خطيرة على المزارعين الفلسطينيين في المناطق الحدودية من خلال نقاط المراقبة التي ستنتشر على طول الجدار وما يمكن أن يجري من عمليات إطلاق النار الأوتوماتيكية التي تهدد حياتهم.
ويعتبر الخزان الجوفي الساحلي المشترك مع (إسرائيل) وجزئيًا مع الجانب المصري، المصدر الوحيد للمياه لنحو مليوني نسمة في قطاع غزة. ويُستهلك القطاع من مياه ذلك الخزان ما يقارب مائة وسبعين مليون متر مكعب سنويا ( 90 مليون متر مكعب للاستهلاك الآدمي و80 مليون متر مكعب للاستهلاك الزراعي).
ويحذر الوحيدي من أنه في حال تم ضخ المياه المالحة في عمق الأرض في المناطق الشرقية لقطاع غزة على غرار ما قامت به السلطات المصرية لهدم الأنفاق المنتشرة أسفل الحدود مع رفح في أقصى جنوب القطاع، فإن ذلك "سيشكل نكبة كبرى للخزان الجوفي"، كما قال.
ويشرح حديثه أكثر بالإشارة إلى أن الأرض تميل باتجاه الغرب، فأي ضخ للمياه المالحة في المناطق الشرقية في مسافة خمسة كيلومترات سيصل تأثير ذلك لكل الآبار الجوفية في غزة في غضون أسابيع قليلة فقط.
وهذا الجدار المفترض سيشكل عمليًا منظومة الدفاع الثالث التي تبنيها إسرائيل على حدود قطاع غزة، بعد منظومة أولى أُقيمت عام 1994 وكانت عبارة عن سياج بطول 60 كم، وثانية أُقيمت عام 2005 بعد الانسحاب من غزة من طرف واحد، لكن المنظومتين لم توفرا حلولًا شاملة لخطر الأنفاق.
|
حصار بيئي
ويلخص الوحيدي ما أوضحه سابقًا بالقول بأن الجدار الإسرائيلي "عبارة عن حصار بيئي يُكمل حلقات الحصاريْن السياسي والجغرافي المفروض على قطاع غزة".
وهذا الجدار المفترض سيشكل عمليًا منظومة الدفاع الثالث التي تبنيها إسرائيل على حدود قطاع غزة، بعد منظومة أولى أُقيمت عام 1994 وكانت عبارة عن سياج بطول 60 كم، وثانية أُقيمت عام 2005 بعد الانسحاب من غزة من طرف واحد، لكن المنظومتين لم توفرا حلولًا شاملة لخطر الأنفاق.
نائب رئيس سلطة المياه في قطاع غزة المهندس مازن البنا، كان له رؤية مختلفة قليلًا عن سابقه بشأن خطورة بناء الجدار الإسرائيلي على وضع الخزان الجوفي في غزة، لكنه يشير إلى أن خطورته تكمن في خلخلة التربة في المناطق القريبة من عمليات الحفر التي ستجري في باطن الأرض.
ويشرح البنا بأن الجدار يستهدف كما يقول الجيش الإسرائيلي منع حفر الأنفاق التي تشيدها الفصائل الفلسطينية في غزة لأغراض عسكرية وغالبا ما يتم تشييد هذه الأنفاق في المنطقة غير المشبعة بالمياه الجوفية (من سطح الأرض حتى مستوى المياه الجوفية)، وبالتالي فإن الجدار سيمتد إلى هذه المنطقة ولن يكون داخل المياه الجوفية، وفق اعتقاده.
المنطقة الحدودية مع قطاع غزة حيث تخطط إسرائيل إنشاء الجدار في باطن الأرض
خلخلة التربة
بيد أنه أشار إلى أن التأثير السلبي لهذا الجدار في أنه سيحدث خلخلة في عمق التربة نتيجة الحفريات التي ستتم في المنطقة.
ويضيف البنا كذلك أن أية ملوثات موجودة على سطح الأرض ممكن أن تتسرب فيما بعد إلى المياه الجوفية بسهولة وبالتالي تلوث الخزان الجوفي.
وحتى لو أن أعمال تشييد الجدار تجري في عمق الأراضي داخل (إسرائيل)، لكن في النهاية فإن اتجاه المياه الجوفية يجري باتجاه قطاع غزة وبالتالي أي تلوث يحدث هناك قد ينتقل إلى القطاع، يتابع البنا.
وينوه إلى تأثير سلبي آخر ممكن أن يكون لو أن هناك انسياب جانبي للمياه الجوفية نتيجة مياه الأمطار (التي تتساقط في قطاع غزة وخارجه)، متابعًا "فعندما يحدث تسرب للمياه الجوفية فهذه المياه قبل أن تصل المياه الجوفية تبدأ بالسريان والحركة باتجاه قطاع غزة وربما يؤثر ذلك سلبا على كمية المياه التي يستفاد منها داخل قطاع غزة".
ويتابع: "ما عدا ذلك لن يكون هناك تأثير سلبي على مصادر المياه".
خطورة الجدار الإسرائيلي تكمن في عمقه، ففي حال وصل لعمق الخزان الجوفي سيدمر جزءًا كبيرًا من الموارد المائية التي تصل القطاع وسنتأثر بذلك بشكل كبير. وأكد الأغا أن غزة تعاني من عجز سنوي مائي حاد يصل لـ 100 مليون متر مكعب.وتابع أنه إذا تم تشييد الجدار "فسنفقد جزءا كبيرا وضخما من تغذية الخزان الجوفي للقطاع، وسيؤدي ذلك لتفاقم الكارثة في غزة، نظرًا للعجز الحاد في الخزان الجوفي.
|
ويردف: "حتى لو كان هذا الجدار يصل المياه الجوفية ففي النهاية المياه تتحرك بناء على الجاذبية الأرضية، فإن كانت المياه الجوفية خارج حدود قطاع غزة هي أعلى منها داخل حدود قطاع غزة فتستمر المياه الجوفية بالتدفق".
وينبه بأنه في حال قررت (إسرائيل) ضخ مياه مالحة في باطن الأرض، فإن المياه الجوفية ستتلوث وبالتالي تصبح مالحة وتؤثر سلبا على مصدر المياه الوحيد (الخزان الجوفي) في قطاع غزة، وتباعاً التأثير على كل مناحي الحياة من مشرب ومزروعات.
وكانت الأمم المتحدة حذّرت من خلال دراسة أعدتها بعنوان "غزة في 2020" من أن مشاكل كثيرة سيعاني منها السكان في القطاع في عام 2020 ومنها تسرب الملوحة إلى المياه الموجودة في الآبار الجوفية وهناك دلائل كثيرة تتحدث عن التلوث من مياه المجاري التي تصل إليها، مضيفة أن المياه الجوفية الموجودة في غزة لا تقابل أي من المستويات الدولية التي يجب أن تكون عليها.
وفي وقت سابق، صرّح مدير عام حماية البيئة في سلطة جودة البيئة في غزة، بهاء الأغا، أن خطورة الجدار الإسرائيلي تكمن في عمقه، ففي حال وصل لعمق الخزان الجوفي سيدمر جزءًا كبيرًا من الموارد المائية التي تصل القطاع وسنتأثر بذلك بشكل كبير.
وأكد الأغا أن غزة تعاني من عجز سنوي مائي حاد يصل لـ 100 مليون متر مكعب.
وتابع أنه إذا تم تشييد الجدار "فسنفقد جزءا كبيرا وضخما من تغذية الخزان الجوفي للقطاع، وسيؤدي ذلك لتفاقم الكارثة في غزة، نظرًا للعجز الحاد في الخزان الجوفي.