قراءة في كتاب: العلوم، التنمية والسيادة في العالم العربي

اسم الكتاب: العلوم، التنمية والسيادة في العالم العربي
عدد الصفحات: 243 من القطع المتوسط
اسم الناشر: بالجريف ماكميلان للنشر
سنة الإصدار:2012
خاص بآفاق البيئة والتنمية
في السنوات الأخيرة ظهر ارتفاع ملحوظ في حجم الدراسات العلمية والأداء التنموي في العالم العربي، ولكن تظل الصورة العامة قاسية ومشلولة بسبب محدودية تغلغل العرب في الأبحاث العلمية وتداعيات الهيمنة السياسية والاقتصادية التي تتحكم بها التبعية التكنولوجية للدول المتقدمة مع انتشار الفساد. هذا الكتاب الذي أعده البروفسور والمستشار العلمي د. أنطوان زحلان المقيم في بيروت يحاول تشخيص أداء الأبحاث العلمية الأخيرة في العالم العربي والمؤسسات الراعية لها مع التنمية السياسية والاجتماعية، عارضاً الأسباب التي حدت من تطور الأبحاث والتنمية، وذلك من خلال مؤشرات قياس عالمية لتقييم مخرجات الأبحاث، رأس المال الإنساني، الأداء الاقتصادي، والمكانة الصحية والزراعية، محدداً تأثير التعاون الدولي وتأثير الوضع السياسي الاقتصادي على التنمية العلمية.
عالج المؤلف قضايا الثقافة التكنولوجية الخلاّقة، في المجتمع العربي، من منظور عِلْمِيّ تنموِيّ- قِيَمِيّ. لذا يرى –بدايةً- أن التحديات التي برزت من الثورة الصناعية والتطورات التي تلتها تشير إلى أن كل عضو في المجتمع هو مهم. ولهذا، فحتى يستطيع مجتمع ما أن يدافع عن نفسه، عليه أن يسعى إلى تحقيق تربية جيدة لأطفاله وخدمات صحية عالية الجودة لجميع سكانه. وعلى هذا المجتمع أن يثبت مبادئ اقتصادية تمكّن كلّ مواطنيه من اكتساب ما يكفي ليكونوا قادرين على العيش بكرامة، وليساهموا في استمرارية مجتمع عادل ومنصف. فـالعلم والتكنولوجيا هما مُدْخَلَات حيويّة؛ ولكن بدون العدالة وحقوق الإنسان، يصبح العلم والتكنولوجيا أدوات للقمع والاستغلال والإفقار. وهذا هو السبب في أن قسماً هاماً من هذا الكتاب مكرّس للفقر، والأمن القومي، وبناء المنظمات والبلديات.
وأشار زحلان إلى غياب التشارك (العربي – العربي) في البحث والتطوير العلميين حيث تصل نسبة التشارك في العلوم الطبيعية بين البلدان الصناعية في الغرب إلى 80%، مع غياب المراكز الإقليمية المشتركة لهذا الأمر، وعدم الربط بين العلم والجامعات ومؤسسات الأعمال كمكون مركزي للتنمية.
ويرجع ضعف التشارك الدولي للعلميين العرب، وفق زحلان، إلى عدم وجود مجتمع علمي وطني، واقتصاد وطني للعلم والتكنولوجيا في الدول العربية بعكس ما فعلته نمور آسيا، إضافة إلى فقدان المعلومات الإحصائية المناسبة، ما يعيق عمل المخططين ومتخذي القرارات العرب ويمنعهم من أن يكونوا مدركين بما يكفي لتدني إنتاجية النظم الاقتصادية في بلدانهم، وإنتاجية رأس المال البشري فيها، فإنه يشدد على دور عدم الاستقرار السياسي والأمن في عملية الانهيار الحضاري العربي، وعدم استطاعة الحكام العرب من بلورة ثقافة سياسية قادرة على الحفاظ على دوام الاستقرار.
يستعرض المؤلف محاولات عدد من الدول العربية للتطوير و التركيز على الأبحاث وخلق الفرص، لكنه لا يلبث أن يضع إصبعه على مكمن الخلل في هذه المحاولات بما يبقيها هشة، أو عرضة للتجمد، أو عدم القدرة على المواكبة العلمية، إذ يرى أن التحدي الأبرز للأمة العربية يكمن في كيفية الاعتماد على الذات، وفي كيفية الاستفادة من مواردها، فهذه البلدان لم تستطع اعتماد الإجراءات الضرورية التي تدفعها نحو مرحلة من النمو الاجتماعي والاقتصادي والحضاري، لأن القيادات السياسية العربية لم تستطع إدارة التغيرات السياسية الضرورية للتقدم، إضافة إلى غياب الثقافة السياسية، عدا عن الحروب في الصراع مع إسرائيل والحروب الداخلية (الحرب اللبنانية)، وتشرذم الاقتصادات العربية، وعدم تنمية البنى التحتية الوطنية في العلم والتكنولوجيا، من دون أن ننسى إنزال التقدم العلمي الأوروبي الضربات بمنطقتنا منذ العام 1498 وازدياد السيطرة الأجنبية العلمية إلى اليوم.
يشير الكاتب أيضاً إلى أنه ما بين 70 إلى 80% من تريليونات الدولارات التي استثمرتها الدول العربية تصرف على استيراد الخدمات والمواد والمعدات، والجهد للتخلص من التبعية ما زال هشاً، لافتاً إلى كيفية اتخاذ الوزارات والدوائر قراراتها والناتجة عن النفوذ الأجنبي وسياسة التبعية التكنولوجية.
المصادر والمراجع:
العلم والسيادة، منظمة المجتمع العلمي العربي، نيسان 2015-
العلم والسيادة، منى سكرية، مركز أفاق للعلم والبحوث، تموز 2012-
-Science Development and Sovernity in the Arab world, A.B Zahlan, 2012