خاص بآفاق البيئة والتنمية
شهد مقر محافظة طوباس والأغوار الشمالية نقاشاً لمشروع الصرف الصحي، الجاري التنفيذ في مدينة طوباس وبلدة عقابا وقرية تياسير، واستنفذ الحاضرون الذين لم يكتمل نصابهم كامل الوقت المخصص للحوار.
وقدّم مسؤول البنية التحية للمشروع م. مراد فقهاء شرحًا للأعمال المنجزة منه، وللشكل الذي ستخرج به محطة المعالجة، وقال:" إن المشروع ممول من الاتحاد الأوروبي، وتتشارك فيه مكاتب استشارية ومنفذون من فلندا وألمانيا الاتحادية والأردن وفلسطين، وبأدوات ومستلزمات فلسطينية وتركية بتعاقد يصل إلى 18 مليون دولار، فيما سينتهي المشروع مطلع أيلول 2017."
معطيات
وأضاف:" سيمتد المشروع على مدى 17 (كم) في عقابا، ولمسافة 7,5 (كم) في تياسير، وسيسير 29 (كم) في طوباس، فيما سيصل الناقل إلى طول 7 (كم)، وبمجموع إجمالي 70 (كم)، أما محطة المعالجة فممتدة على مساحة 45 (دونما)، وستقام إنشاءات على 16,5 (دونم) منها."
وردًا على سؤال لـ(آفاق البيئة والتنمية) حول مسار الخط الناقل في تياسير، والذي يهدد باقتلاع أشجار زيتون معمرة من المكان، قال فقهاء:" أعدنا تصميم مسار الخط 5 مرات متتالية؛ لتجنب اقتلاع الأشجار، لكننا سنضطر لاقتلاع بعضها ومن ثم إعادة زراعتها، وتواجهنا صعوبات مماثلة مع أشجار اللوز والكهوف الأثرية المنتشرة في المنطقة، كما عرقل عملنا وجود حفر امتصاصية عشوائية في الشوارع، وتأخرت أشغالنا بفعل مرور الخطوط في مناطق خاصة."
فيما أكد مهندس بلدية طوباس عبد اللطيف مساعيد، أن أشجار الزيتون المعمرة لا يمكن نقلها لأمكنة أخرى، فهي تتعرض لخطر الجفاف، وحدث هذا في مواقع كثيرة في الماضي."
تهديدات
وأعاد فقهاء الإشارة إلى أن المواصفات الهندسية للخطوط الناقلة وللمحطة مصممة بمواصفات حديثة، وستخضع لعمليات فحص ومراقبة طوال فترة التنفيذ؛ لتقليل الأخطاء. وصمم المشروع لاستيعاب الزيادة السكانية حتى عام 2035، ولن ندخل إلى الخطوط مياه الأمطار، فيما سنحرص على المعالجة الطبيعية داخل المحطة، وبوسع المزارعين الاستفادة من المياه الناتجة في ري بعض أنواع المحاصيل والأشجار.
وأشارت مسؤولة التوعية في المشروع م. ناديا سعد إلى أن الشبكة التي تشرف عليها سلطة المياه الفلسطينية، ويشترك فيها مجلس الخدمات المشترك لمياه الصرف الصحي، شهدت تخطيطًا استمر 4 سنوات، لدرجة حولتها إلى مادة للشائعات، وشككت في تنفيذها، فيما سبقت بداية المشروع جلسات في القضاء والمحاكم بعد رفع دعوى من شركة تقدمت للعطاء، وحسم الجدل في أيلول 2015.
أضرار
وأضافت سعد:" للأسف قطاع الصرف الصحي ضعيف، وهناك أحياء في قلب رام الله غير مربوطة بشبكات مماثلة، ولم تعرف أريحا الشبكة إلا قبل 3 سنوات، ويحرص المشروع على ربط أماكن أخرى، وهذا الأمر مرهون بتوفر التمويل، وقد سبق التنفيذ، وخلال مرحلة الدراسات، إجراء استطلاع لـ 700 أسرة، اشتمل عدة معطيات، وتبين أن المواطنين بمعظمهم يدعمون وجود الشبكة، ويعانون جراء وجود الحفر الامتصاصية وعمليات النضح العشوائية، التي تؤثر على المياه الجوفية والبيئة، وتتسبب بخلافات بين الجيران."
واستناداً إلى م. سعد، فإن المخاوف التي أثارها الأهالي ليست قائمة بأغلبها على أسس علمية، فهي تشير إلى انتشار الجرذان بعد تنفيذ الشبكة داخل البيوت، ونشوء الروائح الكريهة في منطقة المعالجة. في وقت استخدمت فيه عدة دول المياه المعالجة في عمليات زراعية، وسط تواجد المحطات في قلب مدن كثيرة في العالم، دون مشاكل.
وعقد مسؤولو التوعية 30 ورشة في المواقع الثلاثة، استهدف طلبة الجامعات، وربات البيوت، والمؤسسات، فيما تستعد لتنظيم جولة على محطة المعالجة المنجزة في أريحا؛ لتبديد المخاوف، التي طرحها مواطنون. وعرضوا إجراءات الأمان والفحوصات التي تتم على محطة أريحا؛ للتأكد من صلاحيتها للزراعة.
أسئلة
ووضعت (آفاق) عدة قضايا على الطاولة، أهمها: الضمانات لتشغيل محطة المعالجة بفاعلية بعد استلام المشروع، والقدرة على التحكم بعزل مياه الأمطار وبخاصة الغزيرة جداً عن الشبكة، والرقابة على التنفيذ؛ لعدم استخدام مواد متدنية الجودة وبطرق هندسية غير سليمة.
وعرض ممثل نقابة المهندسين إياد عمرو أهمية وجود الكادر البشري المؤهل لتشغيل المحطة وإدارتها وصيانتها.
وأشار مسؤول الصحة والبيئة في المحافظة م. سامي دراغمة إلى الرسوم التي ستجبي من المشتركين، والتي ستحدد وفق معايير تتصل بعدد أفراد الأسرة ودخلها وكمية استهلاك المياه فيها.
وتحدثت لمى جراد مسؤولة سلطة جودة البيئة عن دراسات تقييم الأثر البيئي للمشروع، والتي راعت المواصفات والمعايير المتبعة.
فيما تناول م. مهدي دويكات، مدير الأمان في المشروع إجراءات ضمانات التنفيذ السليم، ومراعاة السلامة العامة خلال أعمال الإنشاء.
ومما قدمه النقاش ضرورة فصل مجاري المصانع ومعاصر الزيتون والمصابغ عن الشبكة، وعدم ربطها إلا بعد مراحل تنقية، وسبل الصيانة المستقبلية للخطوط الناقلة، وآليات التعامل مع التجويف الحاد في مدينة طوباس القديمة، ووسائل معالجة المواد الصلبة المتبقية بعد المعالجة، ووسائل نقلها إلى مكب زهرة الفنجان.
متابعات
وكانت (آفاق) قد أوردت في عدد نيسان الماضي تغطية لمحطة المعالجة ومخاوف المواطنين، جاء فيه: "تحرس أشجار زيتون معمرة وادي تياسير بمحافظة طوباس، وعلى مقربة من عماير الشيخ سعد، ومنطقة "الزيتونات العشر"، والمسقاع، فيما تتوزع أشجار خروب ولوز على جنبات الوداي الممتد، وتكسوه أزهار برية ملونة كالعكوب وشقائق النعمان والبسباس، وتفوح منه رائحة الفيجن المعطرة، وفي نهاية الوادي تجري أعمال محطة التنقية لمشروع الصرف الصحي حديث الساعة."
وأضافت:" "يتخوف التياسيريون كالشاب مراد جابر من أن تأتي أعمال المحطة على أشجار الزيتون المعمرة، بعد أن جرى وضع علامات بالطلاء الأحمر على بعضها، وما لذلك -إن تم- من عواقب بيئية."
ووقتها اتصلت (آفاق) بنائب رئيس مجلس الخدمات المشتركة للتخطيط والتطوير في طوباس م. عيسى حمدان، الجهة المستفيدة من مشروع الصرف الصحي، فيقول: " نحن مزارعون بالأساس، وندرك قيمة الزيتون، ولن نقتلع أي شجرة معمرة في مسار الخط الناقل للمحطة، وسنجري في حالات طارئة لإعادة نقل بعض الأشجار الصغيرة. لكن الأهالي يتخوفون من انتشار الروائح والبعوض للمحطة، وتهديد صفاء الحياة البرية في المنطقة، التي تتردد فيها أصداء طيور العويسق والحجل والكروان، وتدل آثار فيها على مرور حيوانات برية أخرى."