اسم الكتاب: سياسات الطعام ( الصراع العالمي بين الأمن الغذائي والسيادة على الغذاء)
عدد الصفحات: 149 من القطع المتوسط
اسم الناشر: دار بريجر سكيوريتي العالمية للنشر، اوكسفورد، انجلترا.
سنة الإصدار: 2010
راجعته: ربى عنبتاوي
يتحدث هذا الكتاب عن الصراع العالمي بين الأمن الغذائي والسيادة على الغذاء، مستنداً إلى قناعة يحاول تدعيمها، بأن نظامنا العالمي الغذائي يشكل انتهاكاً واسع النطاق لحقوق الإنسان، بحيث يتحدى مؤلف الكتاب د.وليم شانبتشر مسؤولياتنا الأخلاقية تجاه الفقر العالمي، موجهاً لنا اللوم المباشر بسبب عجزنا عن تقليل الجوع وسوء التغذية حول العالم، لكن في ذات الوقت يزودنا ببعض الحلول القابلة للتطبيق في كبح الفقر العالمي وجعل النظام الغذائي العالمي اكثر عدالة.
في هذا الكتاب الحماسي المعدُّ جيداً يقيّم وليام شانبتشر نموذج الأمن الغذائي العالمي لمكافحة الفقر -المُدار من قبل الامم المتحدة والبنك الدولي وصندوق النقد الدولي ومنظمات دولية أخرى- بالنموذج الفاشل، لأنه يعتمد بالدرجة الأولى على التجارة والأعمال الزراعية الدولية، وبدلاً من ذلك فإن النماذج الناشئة من السيادة على الغذاء تساعد المزارعين المحليين ورجال الأعمال على إنتاج نوعيات افضل من الغذاء، ما يعتبر توجهاً فعّالا ومسؤولاً اكثر من النموذج الحالي. ومن خلال دراسة حالات عدة يناقش الكتاب القضايا النقدية للتجارة العالمية واحتكار الشركات لصناعة المواد الغذائية، فيما يدرس ايضا الحركات الاجتماعية الناشئة التي تسعى الى جعل السيادة الغذائية نموذجاً لمحاربة الجوع.
مضامين الكتاب
يحوي الكتاب المضامين التالية داخل فصوله الخمسة، الفصل الاول: يتحدث عن العولمة، التنمية، الأمن الغذائي، ونشوء النظام العالمي الغذائي. أمّا العالم السفلي للتنمية فكان موضوع الفصل الثاني. فيما جاء موضوع السيادة على الغذاء كبديل مضمون في الفصل الثالث. وتحدث الفصل الرابع عن حقوق الإنسان، المسؤوليات المجتمعية والقدرات التوجيهية. اما الفصل الخامس فناقش أخلاقيات السيادة على الغذاء والعولمة.
يقول المؤلف شانبتشر في مقدمة كتابه "نحن نعيش في عالم يبدو فيه انتاج الغذاء من حيث القدرة مذهلاً، ولكن حتى الان لا نزال نعيش في عالم يعاني فيه ما يزيد عن الـ 850 مليون شخص من الجوع وسوء التغذية، فيما يعيش 2 مليار نسمة أي ثلث عدد السكان الكلي في فقر مدقع وخوف دائم من الموت جوعا.
الحاجة الى جبهة موحدة ضد الجوع العالمي وسوء التغذية
نقتبس من مقدمة الكتاب السطور التالية: "تعدّ التحليلات الجدلية للأمن الغذائي والسيادة على الغذاء" نموذجاً يكشف عداوات أساسية بين الجوع وسوء التغذية تم تصورهما من خلال هذين البنائين، في النهاية تأسس نموذج الأمن الغذائي وتعزز بناءً على نموذج للعولمة يقلل روابط الانسان لقيمه الاقتصادية. وبشكل بديل يعدّ نموذج السيادة على الغذاء مبنياً على العلاقات الانسانية القائمة على مبدأ الاعتماد المتبادل، التنوع الثقافي، واحترام البيئة، لأن الأمن الغذائي لم يحقق اطعام مئات الملايين من الفقراء...، انه لأمر حتمي ان نموذج السيادة على الغذاء يحتل مكانة مركزية في النزاع ضد الجوع العالمي وسوء التغذية.
الغذاء حق من حقوق الانسان
وكما قال شانبتشر أيضاً في المقدمة، فلا نحتاج فقط الى تصور الطعام كحق من حقوق الإنسان ولكن من نظرتنا، فإن للفقراء الحق في الوصول الى غذاء صحي ومغذٍ ومهم نظرا لحجم المعاناة الهائل اليومي من الجوع، الأمر غير الظاهر للعيان للعالم الكبير الذي يعتبر اكثر ثراءً.
وأضاف "نحن بحاجة ماسة لتعزيز الاهتمام العالمي نحو قضايا تخص حقوق الانسان تماماً كالاهتمام بقضايا الإبادات الجماعية والإرهاب، لأن مطالب السيادة على الغذاء في حال لم تلتقِ مع النظام العالمي، سيكون هناك انتهاكٌ كبير لحقوق الانسان.
وركزت المقدمة أيضاً على تزايد الاعتراف بالعلاقة المتبادلة بين الاقتصاد والسياسة والأخلاق، وهذا التبادل يبدو جلياً لوجهة النظر المغايرة المتمثلة بحركة السيادة على الغذاء، هذه الحركة تتجسد بالأسر المحلية والقاعدة المجتمعية المبنية على ثقافة قيمية قائمة على الاستدامة، التبادلية وحماية البيئة، ودعم انتاج محلي لاستهلاك محلي. ولحد معين هذه القيم في تنامي على خلاف الصناعات والشركات الاستغلالية والداعية الى الحرية في الاستهلاك.
المدرسة الاخلاقية تنتصر
الاخلاقيون يحققون نجاحا في المطالبة بوضع الاخلاق فلا يجب ان توضع على الهوامش، بل يجب ان تعتبر وجهة نظر تأسيسية وقابلة للحياة، بهدف حلّ مشاكل الفقر العالمي والجوع. بمعنى آخر علاج الفقر لا يجب ان يكون فقط في تقليل حجمه والحد منه، بل في دراسة كيفية حدوث الفقر نتيجة أسباب سياسية واقتصادية وهيمنة الشركات الاستغلالية.
يعدّ هذا الكتاب كما وصفته صحيفة الجارديان من افضل 7 كتب عن اطعام العالم. يدافع هذا الكتاب العاطفي والغني بالمعلومات عن نهج السيادة على الغذاء، كتوجه اكثر استدامة وفعالية لحل مشكلة الغذاء العالمي. تجدر الاشارة إلى أن مؤلف الكتاب "وليام شانبيشر" هو باحث في الدين والأخلاق الاجتماعية، حاصل على الدكتوراه من جامعة كلارميونت في الولايات المتحدة الامريكية.