خاص بآفاق البيئة والتنمية

محطة طوباس لمعالجة المياه العادمة
انتظرت محافظة طوباس والأغوار الشمالية 19 عامًا من المداولات ليُكتب لأول مشروع للصرف الصحي فيها النور. فحتى اليوم، تفتقر المدينة وبلداتها ومخيمها لمثل هذه الشبكة، التي صارت تتمدد على رقعة 53 كيلو مترًا، ويتوقع أن تخدم 34 ألف مواطنٍ في طوباس وتياسير وعقابا، لكنها تواجه بإقبال متواضع منهم.
يرى نائب رئيس بلدية طوباس، م. محمد أبو خضر، إن "المشروع الأضخم" في المحافظة يحمل دلالات بيئية واقتصادية وتنموية، وسيقللّ حال تشغيله في القريب الكثير من التداعيات، وستختفي معه ظواهر تلويث البيئة، وخاصة في منطقة البلدة القديمة، التي تقع معظم بيوتها على كهوف كبيرة، تحولت منذ مدة طويلة إلى برك مياه عادمة.
وأوضح رئيس المجلس المشترك لمياه الشرب والصرف الصحي، م. حسان مجلي أن المحطة رأت النور في بدايات عام 2000، لكنها توقفت، وأعيد طرحها بعد عشر سنوات، وخرجت إلى التنفيذ عام 2016، ورافقتها ورشة كبيرة في شوارع المدينة وتياسير وعقابا، تخللها تعطيل اعتيادية الحياة.
وتابع: نبتعد خطوة واحدة من تنفيذ المشروع، ويفترض أن ندشنه الصيف القادم، لكن هناك عقبة إحجام المواطنين عن المشاركة فيه، مع أننا نفكر في الانتقال إلى الخطوة التالية، والبدء بمحطة طمون والفارعة لتغطية معظم المحافظة.

أزمة مياه
وأفاد ممثل سلطة المياه م. زياد دراغمة بأن المشروع البيئي مُوّل من الوكالة الفرنسية للتنمية، والاتحاد الأوروبي، فيما تواجه المحافظة تحديات كبيرة في توفير مياه الشرب، فقبل 9 سنوات، كانت حصة الفرد من المياه يوميًا 30 لترًا، لكنها تضاعفت اليوم إلى 70، وهي أقل من المعدل المُوصى به من منظمة الصحة العالمية.
وأضاف: في السنوات الثماني الأخيرة تم استثمار 50 مليون يورو من الوكالة الفرنسية للتنمية في قطاع المياه والصرف الصحي، وتصل السعة لمحطة المياه العادمة إلى 4300 مترًا مكعبًا، ونظام ري لإعادة استخدام مياه الصرف الصحي المعالجة.
وأشار إلى أن المحطة ستعمل بالطاقة النظيفة، من خلال إنشاء مروحتين هوائيتين، "ستقللان التكلفة التشغيلية للمشروع".
ويأمل، دراغمة، مع نهاية العام الحالي إلى تدفق 400 متر مكعب من مياه الصرف الصحي، ليجري استخدامها في الزراعة.
وبيّن المدير التنفيذي لمجلس الخدمات المشترك، م. عيسى ضبابات أن المشروع واجه مراحل صعبة، فقد تطلب 35 مليون يورو، لكن الوكالة الفرنسية لم توفر غير 22 مليون، وقد بدأ بالفعل عام 2010، حيث ماطل الاحتلال في منح الموافقة في البناء في المنطقة المسماة (ج)، وأجبروا بعد الحفريات على العودة 150 مترًا إلى الخلف، ما كلفهم 2 مليون يورو. سبقت ذلك مرافعات في القضاء الفلسطيني.
وتابع: "العقبة الأكبر" اليوم إحجام المواطنين عن الاشتراك في المشروع، رغم الحوافز والتشجيع، ما دفعنا للبحث عن تمويل مدور، ضمن مشروع "نيكساس الشمال" لتشغيله بطاقة الرياح، وأطلقنا حملات لربط المنازل، هي الأرخص على مستوى المحافظات كلها، ولكن لم نجد استجابة كافية".

عقبات ومشتركون
وأضاف: في كل دول العالم، لا تقدم خدمة الصرف الصحي بالمجان، ولا يمكن الحصول على تمويل لذلك، ولا بد من مساهمة المجتمع المحلي؛ لاستدامة المشروع، والمحافظة على تشغيله، واستمراريته.
ووفق ضبابات، فقد "وضعت معايير لربط المنازل"، ومن الناحية، الفنية لا يمكن ربط البيوت كلها. وهناك شريحة من المواطنين ترغب بالشبك دون رسوم، وهذا غير منطقي.
وعقدت جمعية مهندسي الصرف الصحي، والمجلس المشترك لمياه الشرب والصرف الصحي، ضمن مشروع المساعدة الفنية، الذي يموله الاتحاد الأوروبي، ورشة ناقشت سبل إقناع المواطنين ربط منازلهم بالشبكة، لكن ضبابات قال" إن حجم المشاركة فيها كان ضعيفًا"، رغم توجيه دعوات، وخاصة للمواطنين الذين يوجهون انتقادات للمشروع، عبر شبكات التواصل الاجتماعي.
وذكر أن المشروع لم يجرِ استلامه من سلطة المياه، التي تديره مع شركة "بسافينت"، وهي المنفذة والبانية للشبكات الأصلية، فيما تجري حاليًا تجهيزات الشبك المنزلي لأقرب نقطة للخط الناقل، في انتظار الربط وتشغيل المحطة، حال توفر كميات مياه الصرف الصحي المطلوبة.
وأنهى المدير التنفيذي لمجلس الخدمات المشترك: "في حال جرى تشغيل المحطة، لا نستطيع أن نتوقف، ويتطلب هذا ضخ كميات منتظمة من مياه الصرف الصحي."
وأكد مدير دائرة الصرف الصحي لشبكات المجاري في مجلس الخدمات المشترك، أيمن خضيري، أن المشاركين اليوم وصلوا إلى 50% من مجموع المواطنين الذين تشملهم المرحلة الأولى، وهذا يعني "ربع المنازل أصبحت مربوطة بالخدمة، وتنتظر التشغيل."
وأوضح بأن عمليات التسجيل مستمرة، ووصلت إلى نحو 300 مشترك، وحين تنتهي سترصد المبالغ المطلوبة من المواطنين، ولم تسجل اعتراضات من المشاركين على شروط الربط.
وبحسب خضيري، فإن من "شروط الاشتراك تركيب عداد مسبق الدفع للمياه"، لاحتساب كميات المياه المستهلكة، وتحديد قيمة الاشتراك.
وتوقع فرض رسوم معقولة على كل متر مكعب من المياه يجري استهلاكه، لأن المشروع خدماتي ولا يهدف إلى الربح.

عبد الحميد الشامي المسؤول عن التوعية لمشروع ربط منازل طوباس بشبكة الصرف الصحي
طاقة وزراعة
ورجح مدير محطة التنقية، م. محمد دراغمة، أن يجري في مطلع آب القادم الفحص الهيدروليكي للمحطة، ولخطوطها، وإجراء تشغيل تجريبي، وصولًا للتدفق المناسب. فيما تتسع لـ 4300 متر مكعب يوميًا.
وأوضح أن المحطة ستعمل بـ"نظام المعالجة الميكانيكية للمياه"، وستتكون من وحدة إزالة الرمال والحصى والشحوم، ثم تنتقل إلى العملية البيولوجية لتحليل المواد العضوية، ثم إلى وحدة الترسيب النهائي، التي ستتحكم بالنظام البكتيري الخارج من الحمأة النشطة الزائدة، والتي تعيده إلى حوض التهوية لتغذية النظام البيولوجي.
وتابع: "حين نحصل على المياه، تدخل في ثلاثة أحواض للتنقية آخرها حوض الترسيب النهائي، بعدها يجري تطهير المياه بالأشعة فوق البنفسجية، وهي معالجة ثلاثية متقدمة، لا تحتاج إلى الترشيح بالرمل."
ومضى دراغمة: لدينا صهريجان، سعة كل واحد 1000 متر مكعب، متصلة بشبكة لأراضي المزارعين وحين نحصل على المياه المعالجة سنبدأ بحملات توعية للمواطنين، والأهم أن يجري الري بالتنقيط، وأن لا يصل إلى الأوراق، وسيجري ري البرسيم بمساحة 500 دونم، ومن الممكن ري النخيل كما في محطة أريحا.
وأشار إلى أن تشغيل المحطة سيكون عبر طاقة الرياح، والطاقة الشمسية، وسنويًا ستحتاج إلى قرابة 4 مليون كيلو واط، ستتوفر بالطاقة النظيفة.
واستنادًا إلى المسؤول عن التوعية لمشروع ربط المنازل بالشبكة، م. عبد الحميد الشامي، فإن منافع شبكات الصرف الصحي العامة، تقلل المخاطر والأضرار البيئية والصحية وأهمها تلويث المياه الجوفية، والتخلص من الروائح الكريهة جراء استخدام صهاريج النضح، وتوفير مصدر جديد لري المزروعات، من المياه المعالجة، والمحافظة على الأراضي الزراعية والممتلكات العامة، جراء عدم إفراغ حمولة صهاريج المياه العادمة فيها، وتقليل كلفة التخلص من الحفر الامتصاصية.
وقال الشامي: "تتضمن محطة تياسير تركيب بنية تحتية للري بمضخة وخزانين من الحديد الصلب بسعة ألف متر مكعب، وأنابيب بطول 4,3 كيلو متر، وستخفّض من تكلفة التخلص من المتر المكعب من المياه العادمة من 20 شيقلًا إلى 3 شواقل."
وتبعًا لبيانات الجهاز المركزي للإحصاء، فإن نسبة الأسر الفلسطينية المرتبطة منازلها بشبكة الصرف الصحي 53.9%، وفق معطيات 2015، أما التجمعات التي يتوفر لديها شبكة صرف صحي فهي 104 تجمعات لعام 2015 من أصل 557 تجمعًا، مقارنة بـ 98 تجمعًا لعام 2013.

aabdkh@yahoo.com