وضعت مؤخرا لمسات أخيرة لتدشين أضخم مشروع للطاقة النظيفة في فلسطين، يحمل اسم شركة المسلماني للطاقة الشمسية. المحطة ستنتج طاقة كهربائية بقدرة (3 ميغا واط)، فيما ستمتد الألواح الزجاجية على نحو 30 دونمًا. ستعمل المحطة على مرحلتين، الأولى تغطي 75% من المشروع، وستضم معًا 9300 لوح بتكنولوجيا ألمانية، وستبدأ في وقت قريب بنقل التيار الكهربائي لشركة طوباس، التي تعاني عجزًا في توفير الطاقة للمواطنين.
|
خاص بآفاق البيئة والتنمية
 |
أضخم مشروع للكهرباء الشمسية في الضفة الغربية وقطاع غزة بمدينة طوباس |
تنافست ألواح زجاجية كبيرة على احتلال موقع لها في محيط مخيم الفارعة القريب من طوباس، وشرع مهندسون وفنيون في وضع لمسات أخيرة لتدشين أضخم مشروع للطاقة النظيفة في فلسطين، يحمل اسم شركة المسلماني للطاقة الشمسية.
وقال مدير الموقع م.سامر أبو الرب وهو يحتمي من الحر في بيت متنقل، أن المحطة ستنتج طاقة كهربائية بقدرة (3 ميغا واط)، فيما ستمتد الألواح الزجاجية على نحو 30 دونمًا.
وأضاف: "ستعمل المحطة على مرحلتين، الأولى تغطي 75% من المشروع، وستضم معًا 9300 لوح بتكنولوجيا ألمانية، وستبدأ في وقت قريب بنقل التيار الكهربائي لشركة طوباس، التي تعاني عجزًا في توفير الطاقة للمواطنين وخاصة خلال الصيف".

الخلايا الشمسية في محيط مخيم الفارعة قرب مدينة طوباس في الأغوار الشمالية المحتلة
نقطة انطلاق
وبحسب أبو الرب، فإن الكمية التي ستضخها المحطة للشركة المحلية ليست بالكبيرة، لكنها تشكل ما اسماه "نقطة انطلاق" لمشاريع إنتاجية ذاتية، وتحفز المواطنين على التوجه نحو الطاقة النظيفة، والاستغناء التدريجي عن التبعية الكاملة لشركات الاحتلال.
وتابع مدير المشروع: بدأت الأعمال الإنشائية للمشروع مطلع 2017، وستصل نهايتها قبل انقضاء الصيف الحالي، في خطوة غير مسبوقة لمشروع يستثمر بالطاقة الخضراء، ويوفر فرص عمل.
ووفقًا للمهندس أبو الرب، فإن الكمية التي ستنتجها الشركة بوسعها تغطية كامل منطقة وادي الفارعة، في وقت تخطت تكلفة المشروع 3 ملايين دولار.
وتتكون المحطة من ألواح زجاجية تعلو الخلايا الشمسية، تجاورها محولات التيار المستمر، ومحولات عادية، ترفع طاقة المحطة من الضغط المنخفض إلى الضغط العالي، بجانب كوابل وحفريات عمل فيها قرابة 100 عامل و10 مهندسين، يجمعون بين الهندسة الميكانيكية والكهربائية والطاقة المتجددة.
وزاد أبو الرب: "أقيم المشروع في منطقة صخرية غير قابلة للزراعة، وقليلة الخصوبة، لكنها تتعرض لسطوع شمسي يؤهلها للإيفاء بالغرض".
وبلغة الحسابات، بوسع كل كيلو متر مربع واحد إنتاج 1850 كيلو واط في اليوم، فيما يصل معدل سطوع الشمس 8 ساعات في الصيف، وخمس ساعات ونصف خلال الشتاء.
ووفق أبو الرب، فإن القاعدة العامة للطاقة النظيفة تفيد بأنه كلما زادت درجة الحرارة، كلما تراجعت كفاءة المحطة، والدرجة المئوية الأنسب 25 مئوية مع سطوع سبع ساعات يوميًا.

زياد مسلماني مدير عام شركة الكهرباء المحلية في طوباس
حلول واكتفاء
وأفاد مدير عام الشركة زياد المسلماني بأن فكرة تدشين أكبر محطة للطاقة النظيفة في طوباس يعود لانتشار خلايا عديدة استطاعت تقديم حلول معقولة لحل أزمات الكهرباء المتلاحقة، منها ألواح كانت في منزل عائلته، واستطاعت تخفيف فاتورة التيار الكهربائي، وكانت تعطي الشركة المحلية الفائض الذي تنتجه.
واستناًدا إلى المسلماني، الذي لم يكمل الثلاثين عامًا، فإن الشركة استلهمت التوجه نحو الاستثمار في الشمس، بعد سماع التشجيع من الرئيس محمود عباس ورئيس الوزراء رامي الحمد الله، اللذان كانا يدعوان إلى استغلال الطاقة النظيفة، والاعتماد على الذات، بالتزامن مع النقص الحاد في المياه والكهرباء.
وأعدت عائلة المسلماني دراسة جدوى لمشروعها، وتسلحت بفكرة الاعتماد على الذات، وأستقر الرأي على أرض قليلة الخصوبة؛ للحفاظ على المساحات الزراعية الخصبة.
وقال زياد: "المرة الأولى التي أشاهد فيها خلايا الطاقة الشمسية كانت عام 2011 في طوباس، بعدها اتجهت العائلة لإنتاج نموذج مصغر مماثل كان ينتج 5 كيلو واط كل يوم".
وأبحر المسلماني في شبكة الإنترنت بحثًا عن تجارب ونماذج عالمية للخلايا الشمسية، وساعده قريبه المهندس حافظ الفارس، الذي يعمل في مشروع مماثل بالأردن في فهم عالم الطاقة النظيفة، والتعرف على تفاصيلها الصغيرة.
وتابع: "انطلقنا من الحرص على البيئة والإنسان، فالطاقة التقليدية تتسبب بحرق الوقود والفحم الحجري، وتتسبب بالتلوث، وتؤثر على الصحة، ويكفي أننا نستثمر في الشمس، وننتج جزءاً من احتياجاتنا ذاتيًا".
وتبدو الخلايا الشمسية من بعيد متوهجة، وتتوزع في صفوف منتظمة، فيما يسابق فنيون ومهندسون الزمن لإكمال الأعمال غير المنجزة، وصار الجبل الذي يعلو مخيم الفارعة من جهته الشرقية، لافتًا للمارة الذين يتنقلون بين طوباس وبلداتها ونابلس من جهة، وجنين ونابلس من جهة أخرى.

سامر أبو الرب مدير مشروع الطاقة الشمسية في طوباس
هندسة وزجاج
وقال السائق كمال عبد الله إن الألواح التي تلمع من بعيد أصبحت عنوانًا دائمًا للمنطقة، وصارت تُعرّف المارة بالطاقة الشمسية، التي لم يسبق لمعظمهم أن شاهدوا مشروعًا بحجمها سوى في التلفاز أو شبكة الإنترنت، لكنهم اليوم يرون المشروع عن قرب، وصار حقيقة.
aabdkh@yahoo.com