خاص بآفاق البيئة والتنمية
نظمت الشبكة الشبابية الفلسطينية للتغيير البيئي PYNEC التابعة لمجلة آفاق البيئة والتنمية جولة -من خلال الباص البيئي- للمناطق الساخنة بيئيا في قطاع غزة لمجموعة من المدونين والإعلاميين والحقوقيين والناشطين في المجال البيئي، وفيها تمت زيارة منطقة شاطئ البحر من أقصى الشمال إلى أقصى الجنوب للتعرف على مستوى التلوث في مياه البحر، وقد أشرف على الجولة الدكتور أحمد حلس مدير التوعية البيئية في سلطة جودة البيئة وأطلعنا على آخر المستجدات المتعلقة بتلوث البيئة في قطاع غزة وأسبابه وكيفية صياغة الرسالة البيئية لتوعية الناس بمخاطر التلوث الذي يسببه المواطن الغزي، ولقد تم إعداد هذا التقرير الذي يوضح ماهية المناطق التي تمت زيارتها خلال الجولة ومدى تأثرها بالتلوث البيئي.
البداية كانت من أقصى شمال القطاع، حيث تعتبر فيها نسبة التلوث قليلة مقارنة بالمناطق الأخرى، وذلك بسبب بعدها عن مناطق مصبات الصرف الصحي الملوثة، ولاحظنا تدرج لون مياه البحر من الشفاف المزرق (مياه غير ملوثة) إلى البني المخضر (مياه ملوثة) بسبب مياه الصرف الصحي، وحدوث ظاهرة الإثراء الغذائي الذي يسبب نمو الطحالب بكثرة فيها.

لون المياه الملوثة في منطقة شاطئ شمال قطاع غزة
يطلّ قطاع غزة على البحر الأبيض المتوسط الذي يمثل نحو 1% من إجمالي مساحة المسطحات المائية في العالم وأيضا هو من أكثر بحار العالم تلوثاً بسبب قيام الحضارات القديمة على شاطئه منذ آلاف السنين، ويمتاز أيضا بتنوعه الحيوي الفريد حيث يعيش فيه ما يقارب 7000 نوع من الأسماك والقشريات والكائنات البحرية الأخرى.
أما بالنسبة لسكان القطاع، فإن منطقة الشاطئ في قطاع غزة تمثل قيمة جمالية وسياحية وترفيهية لديهم، خاصة في فصل الصيف، ولكن للأسف، بسبب الإنسان، أصبح البحر مصبًا لمياه الصرف الصحي، ومكبا للنفايات والمخلفات الناتجة من المصطافين، ففي الوقت الحالي تتعدى نسبة تلوث مياه البحر في قطاع غزة الـ70%.

لون مياه البحر في منطقة مصب مياه الصرف الصحي
ومحطتنا الثانية كانت منطقة معسكر الشاطئ، وما آلت إليه من تآكل الشاطيء بسبب رواسب الطمي القادمة من نهر النيل والتي منعها ميناء غزة من الوصول إليها.
بعد ذلك، تعرفنا على منطقة ميناء غزة ومعاناة الصيادين المريرة بسبب الاحتلال الذي يمنع الصيد لأكثر من 6 ميل، وأهم المشاكل التي يعاني منها بحر قطاع غزة وهي الصيد الجائر، حيث يتم اصطياد الأسماك في موسم التكاثر مما أدى إلى انقراض أنواع منها.
إن ميناء غزة يفتقر لأبسط الإمكانيات التي يحتاج إليها أي ميناء في العالم، فمياه الميناء الراكدة غير صالحة للسباحة وملوثة، وتتطلب إعادة بناء وتنظيم من الجهات المختصة، والسبب في ذلك عدم وجود دراسة جدوى لميناء غزة.
بعد ذلك توجه باص المدونين البيئيين إلى منطقة وادي غزة الذي كان يعد محمية طبيعية، واليوم أصبح مصباً لمياه الصرف الصحي، وهنا الصورة أبلغ من كل الكلام الذي يمكن ان يصف حجم الكارثة البيئية.
 |
 |
التلوث بمياه الصرف الصحي في وادي غزة |
أما محطتنا الأخيرة فكانت محطة تحلية مياه البحر الذي يعتبر مشروعاً ضخماً بالنسبة لواقع محطات التحلية في الوطن العربي، وحيث إن 97% من المياه الجوفية في قطاع غزة غير صالحة للشرب، ما استوجب إنشاء تلك المحطة لسد العجز، وتعمل المحطة من خلال (beach well) التي تسحب مياه البحر، ثم تقوم المحطة بتحلية 2000 كوب يوميا باستخدام عملية التناضح العكسي لتنتج مياهاً عذبة صالحة للشرب.
 |
 |
محطة تحلية مياه البحر التابعة لمصلحة مياه الساحل |
الخلاصة، أهم الأسباب التي أدت إلى تلويث البحر هي كالتالي:
• الاحتلال الصهيوني والحصار المفروض على قطاع غزة الذي يمنع توسيع بيئة القطاع، وتفاقم الوضع مع ازدياد عدد السكان بشكل كبير ما جعل قطاع غزة من أعلى معدلات الكثافة السكانية في العالم.
• عدم وجود الدافعية للحفاظ على البيئة، وذلك بسبب سوء الأحوال الاقتصادية وارتفاع معدلات البطالة بين الخريجين.
• غياب الوعي لدى كثيرٍ من الناس بضرورة المحافظة على البيئة، والذي يتطلب تحركاً من الطبقة المثقفة والواعية في المجتمع الفلسطيني لتوعية المواطنين بخطورة الوضع البيئي في قطاع غزة.
في النهاية نحن بحاجة إلى قانون يضبط العلاقة بين الإنسان وبيئته، ويقوم بفرض ضريبة على كل شخص يلوث البيئة، وأيضا عمل حملات تطوعية تهدف إلى المحافظة على البيئة مثل زراعة الأشجار، تنظيف الطرقات من النفايات، وتوعية الناس بضرورة المحافظة على البيئة.