صانعو السيارات الألمان والمسؤولون الحكوميون يجتمعون لمناقشة مصير صناعة السيارات العاملة بالديزل

برلين / خاص: اجتمع صانعو السيارات الألمان وكبار المسؤولين في الحكومة في آب الماضي لمناقشة مصير قطاع صناعة السيارات العاملة بالديزل، الذي يمر بأزمة وجودية بعد أن فقد مصداقيته إثر فضائح تلاعب بالانبعاثات الغازية الملوثة للبيئة.
والهدف المعلن عنه لهذا الاجتماع هو تقديم حلول ملموسة بغية تخفيض مستويات الغازات الملوثة، وتفادي الحظر المحدق بهذا النوع من المركبات في بعض المدن الكبيرة.
فهذه الفرضية سيكون لها، إن تحققت، وقع الكارثة على أصحاب هذا النوع من السيارات المقدر عددهم بنحو 15 مليونا في ألمانيا، وعلى صانعي هذه المركبات أيضا، ذلك لأن أسطول المركبات في البلاد مؤلف بثلثه من سيارات عاملة بالديزل.
وقال وزير النقل ألكسندر دوبرينت، العضو في حزب الاتحاد الاجتماعي المسيحي في بافاريا المتحالف مع الاتحاد الديموقراطي المسيحي بزعامة ميركل، أن "قطاع صناعة السيارات في وضع سيء حقا" و"بات يتوجب عليه استعادة الثقة". وأكد خلال مقابلة تليفزيونية "لا مجال للمجاملة" في إشارة إلى الانتقادات التي ما تنفك تتعرض لها السلطات على تساهلها مع هذا القطاع.
غش وتلاعب
ويشارك في هذا "المنتدى الوطني"، الذي يعقد برعاية الحكومة بعد سنتين على انكشاف فضيحة الديزل في "فولكسفاغن"، كل صانعي السيارات الألمان، "أودي" و"بورشه" و"دايملر" ("مرسيدس-بنز") و"أوبل"، فضلا عن "فورد" الأمريكية.
وكانت المجموعة الأولى عالميا في صناعة السيارات قد أقرت بأنها زودت 11 مليون مركبة عاملة بالديزل ببرمجية تطلق آلية داخلية للحد من الغازات الملوثة خلال الاختبارات التي تخضع لها السيارات. وتوسع نطاق هذه الشبهات التي باتت تحوم حول القطاع برمته حيث فتحت عدة تحقيقات قضائية.
وازدادت الأمور سوءا عند الكشف عن تكتل احتكاري مشبوه بين صانعي السيارات الألمان الذين اتفقوا على أسس عملية التلاعب في هذه بالانبعاثات الملوثة، بحسب مجلة "در شبيغل".
وترى الحكومة الألمانية أن عليها أن تتعامل بصرامة مع صانعي السيارات، لكن ينبغي لها أيضا أن تدعم قطاعًا يوفر لها حوالي خُمس صادرات البلاد و800 ألف فرصة عمل.
وقال أولريك ديمر الناطق باسم المستشارة الألمانية "لا بد من أن تكون الانتقادات في محلها، لكن علينا ألا ننسى أنه قطاع يكتسي أهمية إستراتيجية في ألمانيا".
خلال السنوات الأخيرة، استثمرت المجموعات الألمانية مبالغ طائلة في محركات الديزل لأنها تصدر كمية أقل من ثاني أوكسيد الكربون مقارنة بتلك العاملة بالبنزين، ولهذا السبب بالتحديد دعت أنغيلا ميركل إلى عدم "شيطنة الديزل" بمعنى اعتباره سبباً لكل الشرور.
غير أن هذه التقنية تصدر مزيدا من أوكسيد النيتروجين، ما يتسبب بتشكل الضباب الدخاني في المدن الذي يؤدي إلى أمراض تنفسية وقلبية.
ومع اقتراب الانتخابات التشريعية المقررة في 24 سبتمبر/أيلول، باتت هذه المسألة موضوع تجاذب بين الاشتراكيين الديموقراطيين والمحافظين. واعتبر مرشح الحزب الاشتراكي الديموقراطي مارتن شولتز غياب المستشارة الألمانية التي كانت في إجازة، عن اجتماع آب الماضي "غير مقبول". غير أن شتيفان بارتسل، الخبير في قطاع السيارات ومدير مركز "سنتر أوف أوتوموتيف ماناجمنت"، أكد أن مسؤولية هذه الأزمة تقع على عاتق الأطراف كلها. ولا شك في أن الصناع أوقعوا أنفسهم في مأزق من خلال التلاعب بالانبعاثات لكن هذا الغش حصل "بموافقة صامتة من الهيئات السياسية" بكل أطيافها. لذا لا بد من "إعادة تحديد" العلاقات بالكامل بين قطاع السيارات والسلطات العامة.
وأكد رئيس حكومة ساكسونيا السفلى، شتيفان فايل المساهم في "فولكسفاغن"، أنه ينبغي تفادي التوصل إلى حظر الديزل في المدن الكبرى، أقله على المدى المتوسط. وقال في تصريحات لصحيفة (بيلد)"إننا بحاجة إلى مفهوم شامل لنوعية هواء أفضل وسيارات نظيفة من صنْع ألمانيا".
ويعول الصناع الألمان على محركات الديزل الحديثة "الخالية من التلوث" لاحترام التشريعات الأوروبية الخاصة بتخفيض الانبعاثات. وقد أدخلوا تحديثات على نماذجهم وخفضوا الأسعار، غير أن وزيرة البيئة من الحزب الاشتراكي الديموقراطي باربرا هندريكس التي شاركت في رئاسة هذه القمة أكدت أن كل هذه التدابير ليست بالكافية. فقد أظهرت دراسة لمنظمة "غرينبيس" أن 57% من الألمان يؤيدون فكرة حظر هذه السيارات في المدن الأكثر تلوثا، غير أن المركبات العاملة بالديزل تلقى رواجا كبيرا في البلد حيث بلغت مبيعاتها في تموز الماضي 45% من إجمالي المبيعات الجديدة. وطوّق نشطاء في المنظمة مبنى وزارة النقل في آب الماضي مع بدء وصول المشاركين في القمة، مرحبين بهم على طريقتهم.