خاص بآفاق البيئة والتنمية

جنين قديما
تمضي يومًا طويلاً مع فتيان وزهرات مخيم صيفي في جنين حمل اسم (شارك الأمل)، نظمه مركز بلدية جنين الشبابي (شارك) والمحافظة، تخصص الحوار التفاعلي لرصد حال المدينة وسهولها، وبيئتها ومرجها، ونهرها الضائع وينابيعها الجافة، ونباتاتها التي صارت من الماضي.
في الجزء الأول من الحوار، تطلب من المشاركين التعبير بكلمة واحدة عن المدينة، فتخرج لوحة آراء ملونة: عطش، سهل، أرض، مدينة، عمارات، بيوت، أسواق، شوارع، محافظة، ناس، حياة، القسّام، شهداء، مقاومة، زراعة، متاجر، تاريخ.
في المهمة التالية، يبدو الوضع أكثر تعقيدًا فعلى المتلقين البوح بالأزمات البيئية الأكبر في مدينتهم، وفقًا لما يرونه ملحًا.
أزمات
تقول سلسبيل: التصحر، واستنزاف الأراضي.
يكمل مهند: تلوث المياه.
تفيد ميسم: الزحف العمراني على الأراضي الزراعية، وكثافة السكان.
ترد بتول: التصحر يهدد مدينتنا.
تكتب يافا: تدمير الأراضي الزراعية، والزيادة الكبيرة في عدد المباني.
تروي يمنى: المياه الغائبة عن صيف المدينة يحولها إلى جحيم أحيانًا.
تذهب مريم إلى القول: تلوث المياه، ومشكلة الصرف الصحي يهددان جمال جنين.
تبوح تقوى ومروى ومؤيد: الرعي الجائر، والأراضي الزراعية المهددة، والاستخدام المفرط للكيماويات.
تعتقد سبأ أن أزمة الأزمات في مدينتها، الاستخدام الشائع للكيماويات في المزارع، والفوضى في شبكة الصرف الصحي بالمدينة ومحيطها.
تفيد تسنيم: النفايات تخرب وجه جنين.
يقول أحمد: الصرف الصحي يلوث كل المدينة.
يرتب محمد وعبد الكريم وأمير وعلاء وجنى وأحمد الثاني ووليد وعامر الأولويات على نحو متشابه: الزحف العمراني، وحرق النفايات، والمياه العادمة، وتلوث الهواء، والكسارات، والمناطق الصناعية، والنفايات العشوائية.
أحوال
ويحمل الجزء الثالث من التمرين محاولة للتعرف على جنين: سبب التسمية، والينابيع، والنهر الذي جف، والمرج الذي صار مجر اسم.
تكتب شذى ومريم وسلسبيل ويمنى: جاء اسم المدينة من الجنائن والبساتين، لكنها اليوم بلا ماء. وكانت تشتهر بالبرتقال والبطيخ. ولا نعرف سبب تسمية مرج ابن عامر بهذا الاسم، ولا ندري أين هو نبع (عين نيني)، ولم يسبق أن عرفنا موقع نهر المقطع
ويجيب الفتيان والزهرات بجمل متشابهة: لم نشاهد البطيخ في أراضي جنين، وما نراه فقط دوار البطيخة ( ثمرة بطيخ مصنوعة من المعدن، وموضوعة في إحدى الطرقات).
تسأل المشاركين عن نبتة السمسم، فيجمع 48 من 50 أنهم لم يروها من قبل، ولم يشاهدوا صورتها، ولا يعرفون كيف تزرع، ومتى تزرع، وكيف يتم الحصول على حباتها.
لكن أحمد فقط قال إنه شاهد جده وهو يعمل في أرضه ويبذر السمسم في الربيع، ويجمع حباته الصغيرة بعد قلع النبتة وتجفيفها، ثم طرق أجراسها في شهر آب.

فتية جنين في حوار تفاعلي حول مدينتهم
مفارقات
المفارقة أن الأجيال الصاعدة لم تعرف أن مدينتها كانت تصدر البطيخ والشمام والسمسم والقمح لمحافظات أخرى ولدول مجاوره، فيما غاب عنهم أي ذكر لنهر المقطع، الذي جف، ثم تحوّل إلى قناة صرف صحي مكشوفة، وصارت حوافه مكرهة صحية لرمي النفايات وجيف الحيوانات النافقة.
لسوء الطالع، تخلو أوراق الأجيال الصاعدة من إشارات تاريخية وجغرافية عن مرج ابن عامر، ولم تصب التوقعات العشوائية في تحديد مساحته، لكن المبشر أن صور الزحف العمراني التي يعيشونها، وما تدمره معها من مساحات شاسعة من الأرض، حركت فيهم القلق على الأرض الزراعية، وأخذوا يفتشون عن طريقة لوقف الزحف العمراني، كاللجوء إلى التوسع العامودي، والتخلي عن النمط الأفقي، والهروب إلى المناطق الجبلية.
aabdkh@yahoo.com