خاص بآفاق البيئة والتنمية

سجائر
السجائر صديق-عدو. هي قنابل موقوته، والخطر الكبير. في كل مرور عبر ضفتي نهر الأردن، تكثر طلبات المسافرين ووصاياهم: نريد ذلك الصنف؟ هل بوسعك نقل هذا الكيس إلى أريحا، فحمولتي تجاوزت الحد؟ كم تحمل "كروز"؟
في الرحلة الأخيرة إلى تركيا، اصطحبت أطفالي إلى موقع مشرف على غرف المدخنين، وشاهدوا كيف يعزل المصابون بداء السجائر أنفسهم عن الواقع، ويُحشرون وراء حيز ضيق، وداخل علبة زجاج.
دهش صغاري من قبول هؤلاء الوقوف في جو مماثل لما شاهدوه، وحاورنا معًا أحد الخارجين من الغرفة، فقال: إننا مرضى، وبحاجة لدعواتكم بالشفاء. فأجبت: المسألة إرادة فقط، وأنتم من تتحكمون بأنفسكم، وأول خطوة لترك هذا العالم غير النظيف الاعتراف بأن التدخين مرض.

نداء
يمرر لك ناشطون ومناصرون للبيئة نداء إلكترونيًا للتوقيع عليه، وللاعتراض على ما تنفذه بلدية رام الله من مشروع يهدد الأراضي الخضراء وأشجار الزيتون. يقول بالنص:" هذا النداء يخص منطقة "ترفيديا" التاريخية والتي تقع غرب مدينة رام الله، وتعود تسميتها إلى اللغة اللاتينية، وتعني "الأرض المخلصة"، حيت أطلق الرومان هذا الاسم على الوادي الضيق الذي ينساب بين جبلين، والذي يمتاز بوجود العديد من أشجار الزيتون الروماني القديم الذي يعود إلى آلاف السنين، والعديد من أشجار التين والخوخ واللوز والمشمش والعنب والصنوبر والبلوط والكينا والأعشاب البرية كالزعتر والميرمية. يمتاز الوادي بطبيعة خلابة مليئة بالمنحوتات الصخرية والحياة البرية، والتنوع الحيوي والقصور الزراعية –المناطير‐ التي تحمل في ذاكرتها حقبة تاريخية مهمة من حياة المجتمع الفلسطيني. كما يوجد حول ترفيديا العديد من الآثار، حيث يتبين وجود قرية رومانية، بالإضافة إلى عين ماء كانت مياهها ‐إلى وقت قريب ‐عذبة ونقية وصافية. وقد وضعت ترفيديا على قائمة المواقع الطبيعية للسياحة البيئية في فلسطين من قبل موقع "محميات".
منطقة ترفيديا تعرضت منذ عام 2005 لسلسة من الإجراءات المجحفة والمسيئة، والآن تقوم جرافات وشاحنات تابعة لمقاولي بلدية رام الله بتجريف الأرض، وإلقاء ردم بكميات ضخمة، بهدف شق شوارع عريضة لا داعي لها، ولا تعتمد على تقييم الأثر البيئي والتاريخي بحسب القانون والأصول. نحن ندرك أن تطوير وتنمية المجتمع هو أمر ضروري وحيوي، كما أن التنمية الناجحة تقوم على التخطيط السليم الذي يوازن بين التراث والحداثة.
وبناء على ما تقدم، نتوجه إلى بلدية رام الله و كافة الجهات الرسمية، لوقف مشاريع الطرق التي تسبب أضرارا فادحة وجسيمة بمنطقة ترفيديا، كما ونطلب وضع هذا الموضوع على جدول أعمال المجلس البلدي في أسرع وقت ممكن ومناقشته بوجود وفد عن الموقعين على هذه الرسالة".
نأمل من مجلس بلدي رام الله الجديد أن يلتقط النداء الأخضر، ويساهم في جهود حماية التنوع الحيوي، وبخاصة أن البلدية، تطلق وترعى مبادرات ومخيمات صيفية خضراء، وتسهر على إنجاح برامج صديقة للبيئة، ونالت جوائز رفيعة على مساهماتها البيئية.
 |
 |
النفايات تستشري إجمالا في كل مكان في مدن الضفة الغربية |
نفايات صناعية في جنين |
حلّ
تستشري النفايات في كل مكان. الغريب أن المواطنين عمومًا ينظفون بيوتهم من الداخل صباح مساء، ويساهمون بطريقة وبأخرى في تلويث محيطهم القريب. في أحدث حوار مع أربعيني يزين بيته، ويلقي بالركام والنفايات في أرض جاره القريبة، يقول: "كومة تراب، وبعض البلاستيك ومخلفات البناء لن تخّرب الدنيا".
بعد سنوات من الاهتمام والمتابعة، وعقب دراسة الماجستير حول الوعي البيئي والتدخل الإعلامي، في إطار دراسة تطبيقية على طلبة جامعة بيرزيت، أرى أن الحل الأمثل: الجمع بين سياستين: توعية عالية في رياض الأطفال والمدارس، وفرض غرامة مالية على ملقي النفايات، يسبقها إنذار نهائي.
دون ذلك، ومع حملات نظافة عشوائية وموسمية لا تتحول إلى حالة دائمة، تصبح مسألة التصدي لطوفان النفايات مضيعة للوقت والجهد والمال.

الزحف العمراني على ما تبقى من أراض زراعية في جنين
تبرير
تحاور مالك لقطعة أرض في قلب المدينة، كانت متنفساً بأشجارها وفراغها، ثم صارت قاعدة لبناية كبيرة.
تسأل: لنفترض أننا تخلصنا من الأرض الزراعية-التي يعتبرها البعض عبئا- من أين سنطعم الأجيال الوافدة؟
جاء الرد: "لوقته بيجي مقته"، و"بعد ما نموت، بتنخلق أجيال غيرنا" يبدو أن ما يهم رأس المال مراكمة المزيد من الأرصدة، أما التفكير بالبيئة ومحيطها ومستقبلها فخارج الحسابات. المهم أنني ذكرّت محاوري بشعار أخضر: "المال لا يُشرب"، فصمت.

استحداث حفر صغيرة لري أشتال الزيتون ومن ثم إعادة طمرها وذلك لتوفير المياه والحفاظ على رطوبة التربة وتقليل التبخر
تجربة
تمضي الصيف الراهن في ري أشجار الزيتون، حديثة العهد. تبدأ المهمة مطلع الربيع، تترك وقتها الغراس الصغيرة بعد الري كما هي، لكن باستفحال الصيف، وارتفاع الحرارة، تستحدث حفراً صغيرة للسقاية، ثم تعيد طمرها. في هذه الطريقة المتبعة توفير للماء وعمليات ري أقل، وحفاظ على الرطوبة لوقت أطول، وتقليل للتبخر.
مدارس
انطلق عام دراسي جديد، ومعه أحلام وأمل ومنهاج جديد لنحو مليون وربع المليون طالب وطالبة. نتمنى أن تكون المقررات الجديدة منصفة للبيئة، ومساهمة في جهود حمايتها وصونها من العبث. ونرجو أن لا نشهد في نهاية الفصل الدراسي الأول طلبة يحوّلون كتبهم لنفايات، ويلقون بها أمام مدارسهم. إن تحققت أمانينا، نكون قد تأكدنا من أن المنهاج الجديد استطاع التأثير على طلبتنا الأعزاء، وأصبحوا يتعاملون مع كتبهم وكراساتهم بطريقة لائقة.
aabdkh@yahoo.com