خاص بآفاق البيئة والتنمية
لا توجد في الضفة الغربية عمليات تدوير مخلفات الإنشاءات، كممارسة منظمة وشائعة. إذ تغيب المنشآت المختصة بالتدوير، وبالتالي إعادة بيع المخلفات المعالجة للقطاعات المعنية، وبخاصة المشاريع والمقاولات الحكومية والبلدية، بموجب قانون خاص يلزمها باستخدام المواد المدورة.
الحصار الإسرائيلي لقطاع غزة والحروب المتكررة ضده، ومنع الاحتلال دخول مواد البناء اللازمة "لإعادة الإعمار"، أجبر العديد من الغزيين على إعادة استخدام مخلفات ركام المباني المدمرة التي تعرضت للقصف الإسرائيلي؛ وذلك رغم تحذيرات الخبراء من خطورة بعض هذا الركام الذي اختلط بمتبقيات القنابل والذخائر والعناصر الملوثة والسامة وربما المشعة.
وبهدف الدفع باتجاه إقامة منشآت لتدوير مخلفات المنشآت، لا بد من توفير المحفزات الاستثمارية والضريبية لاستثمار رأس المال اللازم لشراء وتشغيل المعدات الضرورية لفرز وطحن مخلفات البناء بهدف تدويرها.
وفي حال وضعت مؤسسة المقاييس والمواصفات الفلسطينية المواصفات اللازمة لمخلفات البناء المدورة، فعندئذ يمكننا استعمالها ليس فقط في عمليات البناء، بل أيضا في مشاريع البنى التحتية وشق الطرق وغير ذلك. ويحبذ أن تتخذ السلطة الحكومية قرارا يشترط على الجهات والمؤسسات الحكومية والبلدية أن تشكل منتجات مخلفات الإنشاءات المدورة نسبة معينة (خمس، ربع، ثلث...إلخ)، كحد أدنى، من المواد الخام المستخدمة في مشاريعها الإنشائية أو المشاريع التي تشرف عليها. وبالطبع، يتطلب هذا التوجه أن تتضمن العطاءات الرسمية اشتراط استخدام مخلفات الإنشاءات المدورة.
رسوم ملزمة لتمويل عملية جمع ونقل ومعالجة مخلفات البناء
ليس فقط أن جميع أنحاء الضفة الغربية تفتقر إلى المنشآت المختصة بتدوير مخلفات البناء والإنشاءات، بل لا توجد حتى الآن مواقع رسمية خاصة للتخلص من نفايات البناء والردم، كما لا توجد لدى البلديات آليات محددة للتعامل معها أو للتخلص منها.
وإجمالا، يتم التخلص من نفايات البناء في المكبات، حيث تستخدم، غالبا، لطمر النفايات، كما في رام الله والبيرة وطولكرم والخليل. وتستخدم البلديات، أحيانا، جزءا من هذه النفايات كطمم لإصلاح الشوارع أو لشق شوارع جديدة أو للحفريات، كما الحال في رام الله والبيرة ونابلس وطولكرم وجنين والخليل وبيت لحم. إلا أن جزءا كبيرا من نفايات البناء في رام الله والبيرة يستخدم لأغراض الطمر في المكبات.
وفي جنوب الضفة (الخليل وبيت لحم)، يلقى جزء كبير من مخلفات البناء في المكبات الرسمية (يطا والعيزرية)، أو في المكبات العشوائية (صوريف – بيت أمر وغيرها)، حيث تدفن هناك، أو تستخدم لأغراض الطمر.
ويلاحظ أيضا، بأنه في مناطق شمال ووسط وجنوب الضفة، تلقى مخلفات البناء، غالبا، بشكل عشوائي، على جوانب الطرق وفي الأراضي المفتوحة والوديان؛ علما أن تلك المخلفات تشكل ثروة خام هائلة ضائعة يمكن الاستفادة منها في العديد من المشاريع والمبادرات المعمارية والإنشائية.
كما أن مكبي زهرة الفنجان (جنين) وأريحا لا يستقبلان مخلفات البناء. إلا أن مكب أريحا يستعمل، أحيانا، بعض الكميات القليلة في عمليات الردم والطمر أو لتسوية مساحات معينة في المكب. وبشكل عام، تلقى مخلفات البناء الناتجة في أريحا، في الساحات والأراضي المفتوحة وفي أطراف المدينة، دون أية معاملة.
على ضوء المشهد البيئي المشوه والعشوائي الخطير الخاص بمخلفات البناء، يفترض بالجهات الرسمية المعنية (سلطة جودة البيئة، الحكم المحلي، البلديات وغيرها) أن تبادر إلى سن قانون يفرض تنظيم مسبق لعملية التخلص من نفايات البناء ومعالجتها، كشرط لمنح الموافقة الرسمية على أي أعمال بناء أو نشاطات إنشائية أو أعمال ترميم للمباني والمنازل. وذلك بهدف تحسين آليات مكافحة ظاهرة الإلقاء العشوائي والفوضوي لمخلفات البناء؛ مما يشكل أذىً بيئياً جدياً على الأراضي المفتوحة ويلوث المياه الجوفية.
وقد يكلف الحكم المحلي السلطات المحلية (البلديات والمجالس القروية) بجباية رسوم معينة لتمويل عملية جمع ونقل ومعالجة مخلفات البناء. وتجبى رسوم خدمات جمع ونقل المخلفات من أي فرد ينفذ أعمال البناء؛ بما في ذلك الأشغال التي لا تتطلب ترخيصا للبناء مثل أعمال الترميم. وهذا يعني أنه، بموجب القانون المقترح، يمنع البدء في تنفيذ أعمال البناء أو الترميم قبل دفع رسوم تكلفة معالجة المخلفات التي ستنتج للسلطة المحلية. وتخول السلطات المحلية صلاحيات تنظيم عملية جمع ونقل مخلفات البناء الناتجة في مناطق نفوذها، علما بأن مئات آلاف الأطنان من نفايات الإنشاءات تنتج سنويا وتلقى على جوانب الطرق وفي الأراضي المفتوحة في الضفة الغربية لوحدها.