عبد الناصر دويكات
باحث ومهتم بالطاقة المتجددة وترشيد الاستهلاك
بدأت الجامعات الفلسطينية بربط النظربات العلمية التي تدرس في مساقاتها وبرامجها الاكاديمية بالواقع العملي، حيث قامت وبتمويل من مؤسسات محلية ودولية باستغلال الطاقة البديلة من الشمس لتوليد الكهرباء باستخدام تقنية اللوحات الكهروضوئية لإنتاج الطاقة الكهربائية، والتي تساعد في توفير استهلاك تلك الطاقة التي تشغّل جميع أبنية وقاعات ومراكز الجامعات بالطاقة ما سيهيء الجو التعليمي المناسب لطلبتها.
وتأتي هذه الخطوة الريادية من قبل الجامعات الفلسطينية لتوفير استهلاك الكهرباء بحيث تكون مباني الجامعات أكثر صداقة للبيئة، وتقلل ميزانية المدفوعات التي يتم دفعها ثمناً لاستهلاك الكهرباء والوقود، واستغلالها سيدعم برامج وأبحاث جديدة تساعد في تنمية مهارات طلبتها.
كما أن لهذه الخطوة المهمة الدور الكبير في التحرر من الاعتماد على الكهرباء، (يتم استيراد أكثر من 90% من كميتها من شركات الكهرباء الإسرائيلية) ما سيساهم في الاستغناء عن مصادر خارجية غير نظيفة للكهرباء، واستخدام بدائل صديقة للبيئة لتوفيرها.
ان تجربة الجامعات تلك، بدأت في معظم المؤسسات الأكاديمية الفلسطينية، ولكنها اقتصرت في معظم الاحيان على مراكز أبحاث الطاقة الخاصة بالجامعات, إلا أن المشروع الاضخم المنفّذ هو مشروع الطاقة الشمسية في جامعة الخليل، وذلك بتمويل قدره مليون ومئتي ألف دولار من شركة فلسطين الغد للتنمية.
سيقسّم المشروع إلى مرحلتين ويتوقع أن تكون الطاقة الانتاجية للمرحلة الاولى 220 كيلو واط /ساعة. وسيتم استغلال المساحات المتوفرة على أسطح البنايات الخاصة بالجامعة لتركيب هذه الانظمة الحديثة ما سيوفر أبنية جامعية خضراء، ويؤمن 60% من اجمالي استهلاك الجامعة من الكهرباء. سيتحول المبلغ الذي تم توفيره إلى صندوق دعم الطلبة المحتاجين، وتطوير البرامج والمشاريع التوسعية للجامعة.
فلسطين الغد للتنمية
كما أن شركة فلسطين الغد للتنمية قامت بتمويل الجامعة العربية الامريكية في مدينة جنين والتي يبلغ عدد طلابها أكثر من 8500 طالب وطالبة يدرسون معظم التخصصات العملية والإنسانية, ونظراً لاستهلاك شهري عالٍ من الطاقة يقدر بـ 30000 دولار شهرياً. ولحماية البيئة واستغلال موارد الطاقة النظيفة، حصلت الجامعة على تمويل من ذات الشركة بقيمة مليون ومائتي ألف دولار لتمويل محطة لإنتاج الطاقة الشمسية في الجامعة.
وتجدر الاشارة الى أن شركة فلسطين الغد هي شركة فلسطينية غير ربحية تقوم بتمويل مشاريع تنموية وبيئية للمؤسسات الفلسطينية ويرأسها رئيس الوزارء السابق د. سلام فياض, وقد تم تنفيذ المرحلة الاولى من المنحة والمقسمة الى 3 مراحل بقدرة انتاجية 75 كيلو واط /ساعة، وسيقوم المشروع الكلي بتغطية احتياجات الكهرباء للجامعة من خلال مشاريع تطويرية، اضافة الى منح 50% من القيمة المادية للطاقة المولدة عبر الألواح الشمسية لصندوق الطالب المحتاج و50% الأخرى لصالح صندوق البحث العلمي.
فيما قامت جامعة بيرزيت وهي أقدم جامعة فلسطينية تأسست عام 1924، بتوقيع اتفاقية لتركيب نظام لتوليد الكهرباء بالطاقة الشمسية بقدرة 50 كيلو واط /ساعة، وذلك على سطح مبنى سميح دروزة للصناعات الدوائية في الحرم الجامعي.
ويشار الى أن جامعة النجاح الوطنية وهي أكبر الجامعات الفلسطينية من حيث عدد الطلاب، والحاصلة على شهادة التميز الأوروبي التي تمنحها المؤسسة الأوروبية للجودة EFQM، تعد أولى الجامعات الفلسطينية التي تطبق نموذج التميز الأوروبي في الجودة، فقد قامت مؤخراً بالمباشرة بإعداد المخططات اللازمة لتنفيذ مشروع الطاقة الشمسية على مباني مستشفى الجامعة التابع لها وبقدرة 100 كيلو واط /ساعة.
وفي غزة، فقد باشرت الجامعة الاسلامية بتركيب نظام شمسي لتوليد الكهرباء بقدرة 140 كيلو واط / ساعة يغطي احتياجات مبنى المختبرات في الجامعة من الكهرباء، حيث أن الكهرباء في غزة أصبحت نادرة بسبب عدم توفر الوقود اللازم لتشغيل محوّلات الطاقة في قطاع غزة.
تجدر الاشارة الى أن مثل هذه المشاريع والانظمة الحديثة يقوم بتصميمها وتركيبها شركات فلسطينية محترفة وبأيدٍ فلسطينية، وقد أعرب المهندس أحمد شوارب المدير التنفيذي لشركة مصادر لأنظمة الطاقة والتي تنفذ أكبر مشروع طاقة شمسية في جامعة الخليل حول هذه المشاريع بالقول: "اننا نعتز بدورنا المهني في توفير وتصميم وتركيب أنظمة الطاقة البديلة في فلسطين ونسعى لأن تكون فلسطين خضراء".
إن هذه المشاريع وغيرها تعطي أملاً للطلبة، بضرورة ربط نظرياتهم ودراستهم الاكاديمية بتجارب علمية وعملية تطبق فعلياً، بحيث يرونها أمامهم وعلى أسطح جامعاتهم، ويكون مصدرها طاقة نظيفة ومجانية لا تنضب.