الاستثمار في مشاريع الطاقة المتجددة والتحرر من التبعية للمدخلات الخارجية
الخلايا الكهروضوئية في أريحا
خاص بآفاق البيئة والتنمية
من الواضح، أن معظم مشاريع الطاقة المتجددة في الضفة الغربية وقطاع غزة، على قلتها، ممولة بغالبيتها من مؤسسات تمويل دولية. إن من أهم أسباب إحجام القطاع الخاص عن الاستثمار في مجال الطاقة المتجددة غياب البيئة الاستثمارية المناسبة؛ إذ إن القطاع الخاص لا يستثمر إلا في مشاريع مجدية ومربحة اقتصاديا. ونظرا لأن حجم مشاريع الطاقة المتجددة في الضفة والقطاع صغير، فإن التكلفة الإنشائية لهذه المشاريع مرتفعة، الأمر الذي لا يحفز القطاع الخاص على الاستثمار فيها. كما أن الاستثمار في هذا المجال يتطلب تسهيلات بنكية وحكومية، وتخفيضات وإعفاءات ضريبية، وسن القوانين التي تقيد إلى الحد الأدنى إنتاج الملوثات البيئية؛ وبالتالي تحدد الاستخدام الأفضل للطاقة، ناهيك عن إبرام اتفاقيات التعاون مع الأقطار العربية التي ترغب في الاستثمار بالطاقة البديلة والمتجددة، وكل ذلك يزيد من إحجام القطاع الخاص عن الاستثمار. وإجمالا، يفترض بالقطاع الحكومي أن يتحمل المسؤولية الأساسية في المبادرة إلى إنشاء مشاريع الطاقة البديلة وتطويرها.
ومن منظور تنموي استراتيجي، يبقى الاستثمار في مشاريع إنتاجية (زراعية وصناعية) وخدماتية بيئية، مستدامة ومقللة من التبعية للأجنبي، ومعززة للاعتماد على الذات، ولو بشكل جزئي، أفضل بألف مرة من التشبث بالأطروحات والسياسات الاقتصادية السائدة والطاغية لدى العديد من الاقتصاديين والتنمويين الفلسطينيين وثبت إفلاسها، حيث عملت ولا تزال على تشويه الاقتصاد الفلسطيني وتثبيت وتعميق عملية إلحاقه بالاقتصاد الإسرائيلي.
فرص الاستثمار
يطالب العديد من خبراء المناخ بضرورة التخفيض السريع والفعال للغازات الكربونية، وخاصة ثاني أكسيد الكربون الذي يشكل نحو 63% من هذه الغازات، وذلك من خلال استعمال الوقود النظيف بدل الوقود الأحفوري، وزيادة استخدام الطاقة النظيفة كالطاقة الشمسية، وطاقة الرياح والمياه، لإنتاج وقود نظيف بديل للنفط والفحم والغاز الطبيعي، علما أن نسبة استعمال الطاقة النظيفة لا تتجاوز 3% من إجمالي أشكال الطاقة المستخدمة حاليا في العالم.
يمكننا تقليص انبعاث غازات الدفيئة من خلال اتخاذ إجراءات يستلزم بعضها استثمارا ماليا، بينما البعض الآخر لا يتطلب أي استثمار. ويقع في الفئة الأولى إنشاء بنية تحتية لإنتاج الكهرباء بواسطة الطاقة الشمسية، والاستثمار في البنى التحتية للمواصلات العامة والتدوير. وعلى مستوى البلاد العربية؛ يمكننا زيادة استغلال الطاقة الشمسية لإنتاج الكهرباء، باعتبارها أهم وسيلة لتقليل الانبعاثات.
وتتضمن الإجراءات التي تقع في الفئة الثانية التي لا تحتاج إلى استثمارات مالية، زيادة فعالية الطاقة، مثل استغلال النفايات لإنتاج الكهرباء، وتحسين المباني السكنية حسب مواصفات البناء الأخضر، وتغيير نسب أنواع الوقود في سوق الطاقة. وقد تؤدي هذه الإجراءات إلى تخفيض ثاني أكسيد الكربون بمقدار عشرات ملايين الأطنان، وهو تخفيض قد يعادل تقريبا التوفير الناتج عن الاستثمار في الطاقة المتجددة.
وبالاعتماد على تغيير أنماط سلوكنا يمكننا، في المستوى العربي، خفض غازات الدفيئة بمقدار عشرات ملايين الأطنان. ومن بين التغييرات التي يمكننا إحداثها: ترشيد وتقليص استهلاك الطاقة والمياه في المنازل، تقليص استهلاك اللحم البقري، رفع درجات حرارة المكيفات والإكثار من استخدام الدراجات بدلا من السيارات.