هادئة حين تتحدث العربية المتداخلة بالإنجليزية نظراً للسنوات الطويلة التي عاشتها في الولايات المتحدة، متعتها وهوايتها ورسالتها ان تروج للعضوي في حياتنا وتحديداً في القدس وسائر أنحاء الضفة الغربية. بدأت مشروعها بمشاركة كل من شقيقتها دينا وصديقتها مجد،  بتصنيع غسول ومرطبات كالصوابين وكريمات الجسم، والتي اطلقت عليها "Body Candy"، التي تتميز بأنها من مواد طبيعية 100% وتذكّر من يستخدمها بصفاء وجمال الطبيعة من حولنا. التقت مجلة آفاق بكفاح وهي تعد مستحضراتها ومن أمامها أطباق عدة لمساحيق وزيوت طبيعية، فأضفى رذاذها رائحة مدهشة من قلب الطبيعة على المكان.

"السنوات التي عشتها في الغربة عرفتني على توجه يتنامى بقوة وتحديداً بعد عام 2007 بشكل ملحوظ في الولايات المتحدة نحو كل ما هو عضوي وطبيعي، كونه الأفضل والأكثر سلامة وصحة للجسم، ونظراً لتاريخ عائلتي المؤلم حيث توفي والدي بالسكري وأخي بأواسط الثلاثين نتيجة السكتة القلبية، فشعرت أن التغيير يجب ان يكون حاسماً وبلا رجعة...وبدأت رحلتي مع العضوي فعلياً في السنوات الأخيرة".

التزمت كفاح أثناء فترة مرض والدها بتناول البدائل الصحية للسكر تماشياً مع حالة والدها، ومن هنا كانت مرحلة اكتشاف مدى احتواء الارض من مكونات نباتية وطبيعية مفيدة للجسم وما تشكله من بدائل صحية عن السموم التي نتناولها في طعامنا، فالماء مثلاً تقول كفاح  يفضل ان يشرب مع ليمون، والخروب بديلاً عن الشوكولاطة،....وهكذا.

 

 

 

بعد تردد مستمر لكفاح على المحال العضوية في أمريكا، قرّرت تعلّم كيفية صناعة المستحضرات العضوية للتنظيف والاستخدام الخارجي، وهذا الاتجاه جعلها تقرأ وتسمع وتتعلم الكثير عن الأعشاب والنباتات ذات الخواص المهمة والمفيدة للجسم،  مثل زيوت الجوجبا واللوز وجوز الهند والصبار والكركديه...الخ، وهذا الاهتمام دفعها باتجاه توجه حقيقي نحو العضوي في الحياة وتربية الابناء الخمسة، مشيرة الى ان تغيير نمط غذائها، كان الحل الوحيد امام مشاكل صحية واجهتها بعد ولادة ابنها الأخير.

انتاج مستحضرات التنظيف بدأت مع كفاح حين لاحظت سوء مكونات منتجات التجميل المتوفرة في الضفة ودولة الاحتلال، وأفادت بأنه حتى أ"كثرها غلاءً" ليست مؤشراً على جودة مكوناتها وطبيعتها.

" مشكلة العرب والفلسطينيين كجزء من هذا المجتمع، أنهم لا يقرأون محتويات أي مادة يشترونها، ويخدعون بالسعر المرتفع للسلعة معتقدين انها اكثر جودة، وهذا كلام ليس بالضرورة ان يكون سليماً مشيرة الى ان شركة "أهافا الأشهر" لدولة الاحتلال والتي تتغنى بقيمة منتجاتها المستخلصة من البحر الميت، هي منتجات مليئة بالكيماويات الضارة بالجلد والجسم.

"قررت أن اخفف شراء المنتجات العضوية "مستحضرات التجميل" من امريكا وأن اصنعها بنفسي، فاشتركت مع صديقة لي فلسطينية تقيم في الاردن "مجد أبو السعود" وأختي دينا المقيمة في أمريكا، والآن منتوجاتنا تباع في فلسطين والأردن والولايات المتحدة".

 

وجاء تركيز كفاح على الصوابين العضوية لإطلاعها على مخاطر مترسبات المستحضرات الكيماوية التي تعلق تحت الجلد وتسبب الأمراض الجلدية والسرطان على المدى البعيد، وكان لإيمانها بفوائد الطب العربي القديم من اعشاب ونباتات طبية، وتعلمها كذلك لأهمية الزيوت الهندية ضمن الطب الهندي "الايورفيدا" وعلم الطاقة وتعلم فنون اليوغا دورٌ في تنامي اهتمامها بمنتوجات عضوية بدءاً من الصابون.

"الصابون نستهلكه بشكل يومي، و 99% من مواد السوق مستخلصة من النفط ومشتقاته، وبالرغم من ان الجلد لا يمتصها لكنها تتراكم على سطح الجلد، وتسبب السرطان وأمراض الجلد". تؤكد كفاح التي تفوح من مستحضراتها رائحة الفراولة والقهوة والمانجا والعسل وجوز الهند والأفوكادو وغيرهم.

لصناعة الصابون المعقّم تضيف كفاح مع الماء والصودا العسل كمقاوم للبكتيريا، وتتفنن كفاح في دمج الزيوت الطبيعية في الصابون كالصبار والزيتون واللوز وزيت السمسم واللافندر والمتّه بديلاً عن القهوة، ولأن الجسم يرشح الزيوت للخارج فمن الافضل ان تكون طبيعية، ولتنقية المغاطس اثناء الحمام وترطيب القدمين، تستخدم كفاح بعضاً من ملح الليمون حيث ان المياه تحتوي على نسبة كبيرة من الكلس، فيقوم الأخير بتذويبها. وأكدت ان الصابون الذي يخرج رغوة كبيرة دليل على ان مواده مستخلصة من الكيماويات وليست عضوية.

انتقدت كفاح في معرض حديثها عن الصوابين، الزيوت العطرية التي تباع في محال العطارين في الوطن، مشيرة الى انها اضطرت إلى الشراء من داخل الخط الاخضر او الاستيراد من امريكا نظرا لان الزيوت تكون مغشوشة "اصنص يحلّ بالماء" ليس زيتا صافياً.

 

 

 "اتلفت كمية كبيرة اشتريتها من العطارين لأنها ليست نقية أو اصلية". توضح كفاح وهي تتلمس وتشم اطباق الزيوت امامها مشيرة الى ان الاصلي له ملمس وكثافة ولزوجة مميزة تختلف عن "التراكيز" التي يضاف لها الماء ويفقدها خصائصها وقيمتها، ويتبين انها مغشوشة من غليها على النار.

"كل ما أنتجه يمكن أكله، وهذا دلالة على عدم استخدام أي مادة كيماوية في مستحضراتي". تقول كفاح وهي تقطع قالباً للصابون مصنوع من الافوكادو والشاي الاخضر والصودا وزيت الزيتون والعسل.

كما استشهدت كفاح بنماذج الاستغلال الامثل للمنتج من الولايات المتحدة وفرنسا، فالأولى ولو أخذنا ولاية جورجيا على سبيل المثال فهي تختص بزراعة الخوخ والفستق السوداني ولا يمكن تخيل عدد المنتجات المستخلصة من هاتين النبتين التي تزيد عن الآلاف، وفي فرنسا مساحات شاسعة لزراعة اللافندر والروزماري وآلاف المستحضرات التي تنتج منهما. تعقب: "في فلسطين نحن ننتج بكثرة الزيتون والعسل ولكن التنوع  في الانتاج الذي يمكن استخلاصه منهما محدود، مع ان لهما فوائد جمة".

 

 

 

شاركت كفاح في العديد من المعارض المختلفة، وروجت لمنتجاتها بأسعار رمزية، كما توزع منتجاتها على صالونات العناية بالجسم والبشرة، وتبيع من خلال صفحتها على الفيسبوك، وعبرت عن استغرابها من استخدام الفيسبوك محلياً، فبالرغم من ان الناس تستخدمه بكثرة إلا انها لا تستطيع بعد تطبيق عملية الشراء من الانترنت، عكس الامريكيين الذين يقضون وقتا اقل على النت لكنهم يشترون اكثر.

تعترف كفاح ان رضاها عن منتجها لا يكون كاملا إلا حين تعتمد خط انتاج من مواد خام فلسطينية 100% وتدعم المزارع الفلسطيني الذي يزرع بالطريقة العضوية، لذلك هي تزور باستمرار مزارعين فلسطينيين، وبعد أن تتأكد من ان منتجهم عضوي، تتفق معهم على تزويدها باللازم. ( تم الالتقاء بكفاح لأول مرة في مزرعة مردا أثناء اعداد آفاق لتقرير صحفي منشور في هذا العدد، حيث كانت تقوم بزيارة المزرعة للبحث عن نباتات عضوية جديدة تضيفها لمنتوجاتها).

ولحبها الشديد للطبخ وملاحظتها لمساوئ تناول الدهون والأملاح والسكاكر في الغذاء العربي بشكل كبير، بدأت منذ سنوات بطبخ العضوي في بيتها، وتفكر مستقبلاً في تأسيس قناة على "اليوتيوب" للأكل الماكروبيوتيك، لأهمية هذا الغذاء وفوائده الصحية في حياتنا.