خاص بآفاق البيئة والتنمية
طوفان
تشوه النفايات الصلبة شوارعنا وحقولنا وكل أمكنتنا. لا أحد يكترث بهذا الطوفان المتزايد والعام، وغالبية الناس في بلادنا يعتبرونها عادية، ولا يحركون ساكنًا لوقفها. تحاور عضو المجلس المحلي في بلدتك، وتسأله: متى سنتخلص من كل هذا النفايات؟ وهل تشعرون بوجود مشكلة؟ الغريب في حواري القصير مع المسؤول البلدي، أنه يعتبر شوارعنا وطرقنا نظيفة، ويربط ذلك بقدوم مركبة جمع النفايات مرتين كل أسبوع. ويعتقد أن عدد العمال في قسم النظافة جيد!
بعد كل جولة مطر، تعود الطرقات نظيفة تقريبًا، وتسحب المياه الكثير من النفايات المتطايرة إلى الأراضي المنخفضة، لكن الأوضاع تتغير بعد وقت قصير، فالأغنام والجرارات الزراعية والمارة يتكفلون بإعادة الأمور إلى سابق عهدها، وكأنهم يستكثرون على أنفسهم وعلى غيرهم المرور بشارع نظيف، ووضع النفايات في أمكنتها.
تسأل العابرين: ما الذي سنخسره لو حافظنا على نظافة مدننا وتجمعاتنا؟ وهل سنعيش في تعاسة، إن سرنا في طرقات نظيفة، وحافظنا على بيئة خضراء، خالية من أطنان النفايات؟ الأكثر غرابة، أن سوادنا الأعظم ينظف بيته، ويلوث محيطه القريب بكل شيء! ومع كل هذا نحفظ عن ظهر قلب قول رسولنا الكريم "النظافة من الإيمان"، ثم نُخرّب بيئتنا بأيدينا...
في حديث قصير خلال عمل تطوعي بطولكرم، سألني أحدهم: هذا هو عملك، تنظفون الشوارع، وتنسون الاحتلال والمستوطنات؟ ترد عليه: هل بوسعك عزيزي أن تقاوم محتلك من وسط مكب للنفايات؟ وهل حبك لوطنك يشترط عليك أن تحوله إلى "حاوية كبيرة للقمامة"!
زحف
تفتح حواراً مع رجل أعمال أسس مشروعاً تجارياً في أرض زراعية خصبة، خلال لقاء عابر في استراحة أريحا. تسأله عن سبب فعل هذا، وهل التجارة ستكون مربحة لنا إن دمرنا كل أرضنا، وأصبحنا نستورد كل شيء من الأشقاء في الصين الشعبية؟
يقول: الأرض الزراعية ليست مجدية، والزمن يتغير بسرعة، وأنا بعيد عن مرج ابن عامر، وتقع أرضي على طرف شارع رئيس! تزيد: سنكتشف حساباتنا الخاطئة، حين نعلم أن الإسمنت لن يوفر لنا قمحًا ولا زيتًا. وسنندم على تدمير مرج ابن عامر بأيدينا ونحن نضحك على أنفسنا!
أطفال روضة طوباس الصديقة للبيئة
براعم
تمضي ساعتين في نشاط تعليمي مع أطفال روضة طوباس الصديقة للبيئة، وهي مبادرة للجمعية الخيرية ومركز التعليم البيئي بالتعاون مع وزارة الإعلام. تحضر أشجار زيتون ولوز، وتجهز أرضاً قريبة من مقر الروضة، وتصطحب الصغار إليها، تعلمهم في الطريق أهمية الزراعة، وفوائدها، وتستمع منهم إلى إجابات بسيطة ولكنها رائعة، عن جدوى غرس الأشجار. ولتشجيعهم تخبرهم أن كل شجرة ستحمل اسم واحد منهم، وعليه أن يسقيها، ويحافظ عليها، حتى تكبر.
يقول فايز أبو محسن: زرعنا شجر علشان يطلع عنا حب لوز أخضر. تكمل زينب: شجرتي جميلة وستعطيني الزيتون. وتأتي إجابة عبد الكريم دراغمة: نحافظ على الشجرة ولا نكسرها، وتحمينا من الشمس. وتقول سديل أحمد: قالت لي ستي، الشجرة تحس مثلنا، وتعطش وتجوع وتبرد، ولازم نحافظ عليها، علشان تصير كبيرة."
قوانين
تدخل مقر وزارة حكومية في العاصمة عمان، تشاهد لافتة تقول إن التدخين ممنوع تحت طائلة المسؤولية، في هذا المكان، وتشاهد في المقابل الموظفين ينتهكون القانون، ويطلقون العنان لسجائرهم. تسأل موظفة الاستقبال: هل التدخين مسموح عندكم؟ ترد: لا. تكمل: وماذا يفعل هؤلاء السادة؟
يتدخل أحد الموظفين، ويقول: يا عمي أعمل حالك مش شايف، احنا بنتعب...!
تخبرك موظفة الاستقبال عن صندوق اقتراحات وشكاوى، وبوسعك أن تكتب وتقترح ما تشاء. تأخذ ورقة، وتكتب في ذيلها: نخشى على القانون من أنفسنا، ولا نخشى القانون على أنفسنا! لكنك تتيقن من أن شكواك ستحرقها سيجارة مدخن، ومع ذلك لا ترفع راية يأس بيضاء...!
الزحف الاسمنتي لن يوفر لنا قمحا ولا زيتا
حوار
تلتقي 23 من طلبة اللغة العربية والإعلام بالجامعة العربية الأمريكية، في مساق تدريب قصير موجه لمهارات التحقيق الصحافي والتقاط قضاياه. تقترح على الدارسين أن نعد في ساعة أبرز المشاكل والتحديات البيئية التي تواجه تجمعاتهم، لتكون مسارًا لعمل استقصائي، تأتي أبرز الإجابات على هذا النحو: مدارس الناصرة تغرق في المخدرات، وكسارات قباطية تلوث الأخضر واليابس، وكيماويات بلا رقيب في حقول برقين، ودراجات نارية بأيدي أطفال جنين، ومستشفى طوباس في العناية المركزة، وأبراج الخليوي تفتك بكفر قرع، والاسمنت يلتهم مرج ابن عامر، وتراث للبيع في مدننا.
aabdkh@yahoo.com