مركز حسن مصطفى الثقافي
اسمه في العربية الفصحى:"فوم" قال تعالى في سورة البقرة: (وإذا قلتم يا موسى لن نصبر على طعام واحد، فادع لنا ربك يخرج لنا مما تنبت الأرض من بقلها وقثائها وفومها وعدسها وبصلها).
وقد ذكر الثوم في أحاديث نبوية شريفة، أمر فيها النبي عليه السلام أكله طبخا.
إن تاريخ الثوم قديم، يعود إلى 3000 سنة قبل الميلاد حيث استعمله البابليون كغذاء ودواء، وكذلك الإغريق، وكان قدماء المصريون يحضرون منه دهانا استخدموه في علاج الروماتيزم، النقرس واللمباجو.
ولقد سماه اليونانيون "مضاد السموم". وقد عرف الثوم قديما من النقوش المحفورة على معابد الفراعنة حيث رسمت فصوص الثوم وهي توزع على العمال أثناء بنائهم لتعطيهم القوة وتحفظهم من الأمراض. وكان الفراعنة يقدسون الثوم ويحرمون مضغة وإنما يبتلعونه تكريما له.
الثوم والأوبئة
يعتقد أن المنبت الأصلي للثوم هو منطقة دونكاريا التي تقع بين الصين والاتحاد السوفياتي، والتي تسمى اليوم "كازاخستان" إلا أن الدنيا كلها أصبحت تؤمن بفوائد الثوم وتستفيد من خصائصه الشافية والمغذية على السواء.
وهناك قصة عمّا روي عن اخبار الطاعون الذي اجتاح مدينة مارسيليا سنة 1776، والذي فتك بعشرات الآلاف من أهلها، إذ قيل أن أربعة من اللصوص قبض عليهم وهم ينهبون أسواق المدينة المنكوبة دونما خوف من الإصابة بالطاعون، وقد حكم عليهم بالإعدام ولكن مع وعد بإعفائهم من العقوبة اذا ما كشفوا عن السر الذي جعلهم يتقون الاصابة بعدوى الطاعون، وهنا تقول الرواية ان اللصوص الأربعة قد كشفوا الستار عن أنهم كانوا قد تناولوا دواء "سحريا" مؤلفا من الثوم والخل، فكان ذلك سببا في ظهور وصفة الخل المعقّم بالثوم ضد الجروح والانتانات.
وشارك اليونانيون القدماء في تكريم الثوم والاعتقاد بفوائده، فكانوا يقدمونه على مذبح "هيكات" اعتقاداً منهم ان هذا المذبح تسكنه الأرواح الشريرة، اذ كانوا يعتقدون ان الثوم يقي من تلك الارواح.
وفي محراب "ابو لون" كانت المباريات تقام بين الناس للإتيان بأكبر راس ثوم، ويعطى الفائز طبقا من طعام الالهة.
واورد اريستوفان الثوم في مسرحياته كما امتدحه العالم الروماني "بلاين" واعترف بخواصه الشافية، وكان يوصى بوضع اكليل مضفور من الثوم حول اعناق الاطفال كتعويذة.
اما الطبيب العربي ابن سينا في كتابه (القانون في الطب) فقال:
(الثوم ملين يحل النفخ جدا ... ومادة اذا طلى بالعسل على البهق نفع، وينفع من داء الثعلب، ومن عرق النسا، وطبيخه ومشوية يسكن وجع الأسنان، وكذلك المضمضة بطبيخه، ويصفى الحلق مطبوخا وينفع من السعال المزمن، ومن اوجاع الصدر والبرد والجلوس في طبيخ ورقه يدر البول والطمث، وشرب مدقوقه مع العسل يخرج البلغم.
الثوم والإنفلونزا
كان عام 1918 هو عام الرعب في انجلترا، حيث مات آلاف من البشر بعد ان انتشر بها مرض الانفلونزا ... وكانت تعيش هناك امرأة عجوز جاوزت المائة عام من عمرها، اهتدت إلى فكرة عظيمة وهي ادخال الثوم في طعامها هي وأسرتها، بل جعلت تمضغ الثوم هي وجميع افراد أسرتها، وانتهى الوباء، ولم يصب احدٌ من افراد تلك الاسرة بالأنفلونزا.
وفي عام 1965 داهمت الانفلونزا الاتحاد السوفيتي، ولجأت الحكومة هناك إلى استيراد 500 طن من الثوم ونصح الاطباء هناك جميع المواطنين بأكل الثوم للحماية من المرض .. وفي عام 1973، عم وباء الانفلونزا إنجلترا، وانتقل منها إلى معظم بلاد أوروبا وكانت ايطاليا هي اقل تلك البلاد اصابة بالمرض، نظرا لما هو معروف عن الايطاليين من كثرة استخدام الثوم.
سر الثوم
المادة الفعّالة في الثوم هي (أليسن) Alicine وهي المادة الأساسية التي تكمن وراء الصفات العلاجية النادرة والرائحة الخاصة التي تميز بها الثوم، وتسمى هذه المادة عند الروس بالبنسلين الروسي، ولذلك فقد اصبح الثوم مستخدما بكثرة في المستشفيات الروسية خاصة على شكل مواد طيارة يتم استعمالها عن طريق الاستنشاق فتقضي على العديد من الامراض.
يروى عن الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه انه خطب يوما فقال: ما بال أقوام يدخلون بيوت الله بعد ان يصبوا من هذه الشجرة؟ فلقد سمعت الرسول عليه السلام يقول: من أكل من هذه الشجرة فلا يدخلن مساجدنا.
ويقول باحث هندي ان الثوم يساعد على تشكل العصيات اللبنية، هذه العصيات التي تلعب دورا هاما في وقاية اجسامنا.
ويقول البروفيسور (رويتر): ان الثوم لا يُطهر الدم من عناصر دهنية فقط، بل يقتل الميكروبات ومن بينها تلك التي تسبب الدفتيريا والسل... كما انه اكثر نفعا من البنسلين والمضادات الحيوية المألوفة.
التركيب والتحليل للثوم: يتكون الثوم من الآتي:
1- كبريتات الجلوكوسيد.
2- زيوت طيارة.
3- خليط متجانس من اكسيد الاليل.
4- الكبريت
5- اليود
6- السلسلات
7- كما يحتوي على مضادات حيوية مثل اليسبن والجارلسين، التي لها تأثير فعال ضد الميكروبات العنقودية وتعتبر الالياف السليولوزية هي المكون الرئيس للثوم وهي الجزء المستخدم طبيا.
الثوم في الطعام الفلسطيني:
الثوم هو كالبصل من حيث دخوله في الاطعمة الفلسطينية فكل طبخة (يقدح لها بالثوم أو يقلى بالسمن او الزيت)
كما ان سن الثوم الطري وغير المسحوق لا تظهر منه سوى رائحة ضعيفة، فإذا ما سحقناه او قسمناه فتنبعث الرائحة الخاصة النفاذة، ولهذه الظاهرة مردها إلى احتكاك مادة الاليسين بالهواء. وإذا اردنا ان نحصل على الفائدة المتوفرة في هذه المادة، فعلينا سحق الثوم بعناية قبل وضعه بالفم او اثناء مضغه، وإذا علمنا ان مادة الاليسين تحتاج إلى حرارة لا تزيد عن سبع وثلاثين درجة يتبين لنا ان جسم الانسان مهيأ بصورة طبيعية تلقائية للإفادة من خواص هذه المادة الرئيسية في قوام الثوم.
ومعنى ذلك من جهة أخرى، ان طهي الثوم يدمر تلك المادة او يحرمنا من الاستفادة منها، ويدخل الثوم في اكلات مدقوقا ناعما مع قليل من الملح وهذا يعطي نكهة الثوم اللذيذة لأطعمة مثل الفول الاخضر والملوخية، وفي كافة المتبلات والمشويات مثل مشوية البندورة، والثوم النيء ولا يخسر مادة الليسين المفيدة.
للتخلص من رائحة الثوم التي تعدّ منفرة ومحظورة حيث رائحتها تنبعث من الفم كريهة، يجب تناول بضع وريقات من نبات اخضر او بحبة من الكلوروفيل المركز تؤخذ مره كل ثماني ساعات اذا توفرت في الصيدليات.
كما ان تناول حبة تفاح او تناول ملعقة كبيرة من عسل النحل بعد اكل الثوم بنصف ساعة، وكذلك يمكن التخلص من الرائحة المزعجة بمضغ حبات من البن او الكمون او الينسون او عروق البقدونس.
الأمثال الشعبية في الثوم:
- الثوم بيشفي من ثمانين علّة.
- الثوم قتّال السموم. (للدلالة على الفوائد الطبية لتناول الثوم)
- الك يوم مثل دق الثوم او بجيه يوم مثل دق الثوم.
- أمك بصلة، وابوك الثوم، والريحة المليحة وين تكون؟.
- الثوم بعيّر البصل.
- عند دق الثوم كل الصبايا تقوم.
- فرموه فرم الثوم. (أي قطعوه قطعا صغيرة جدا)
- لا تآكل ثوم... ما بتصير ريحتك ثوم.
- مثل الثوم مأكول مذموم.
وهذا بيان ببعض فوائد الثوم واستعمالاته كعلاج لحالات كثيرة:
- منبه مطهر للأمعاء يوقف الاسهال الميكروبي، ويستخدم شخصيا لإيقاف الدوسنطاريا.
- مفيد للأعصاب ومزيل لعضوية الامعاء ويضاف إلى اللبن الخامر "الرايب"، سلطة اللبن فيفيد في ازالة حصى الكلى ويخفف المغص الكلوي.
- منعش ومفيد في انواع الربو والكحة، بتحضير شراب الثوم، وذلك بإضافة ملعقتين من العسل الاسود على فصوص مقشرة ومخرطة، وتترك لفترة من (2-3) ساعات ثم يصفى ويؤخذ ملعقة من الشراب وقت السعال.
- يفيد في علاج امراض الجهاز التنفسي كالسعال الديكي فيعطى للطفل من (10-12) نقطة من عصير الثوم، مع عصير البرتقال، كل اربع ساعات.
- يخفض ضغط الدم، وينشط حركة القلب وينبه الدورة الدموية، ويفيد علاج تصلب الشرايين.
- يستعمل الثوم مع البقدونس وزيت الزيتون وعصير الليمون، لطرد الرمل والحصى من الكلى، ويؤخذ في هذه الحالة على الريق.
- يتميز الثوم بخاصية ملينة، لذا يستخدم في حالات الامساك.
- واستخرج من الثوم دواء بإسم الأنيود داخل كبسولات مغلقة لسهولة تعاطيها، تستخدم في علاج التيفود.
- يقتل الديدان المعوية الدبوسية (Oxyureus) ويطهّر الامعاء منها ولذا يعطى الطفل فنجانا من الحليب، غلي فيه بضعة فصوص من الثوم، على الريق صباحا ويلي ذلك حقنة شرجية دافئة بمغلي عصير الثوم، فهذا يقتل الديدان التي في بطن الطفل وتخرج مع البراز، وهناك كمٌ كبيرٌ من الوصفات لعلاج السرطان والسل الربوي والصم والايدز والطاعون.
ارشادات عامة:
1- يمكن حفظ الفاكهة بوضع كميات من فصوص الثوم في اماكن تخزينها، فإنه يحفظها من التلف والعفن.
2- كانوا قديما يضعون حول ذراع المريض فصوصا من الثوم يملك القدرة على اختراق الجلد.
3- يمكن عمل لبخة على اماكن الروماتيزم من خلاصة عصير الثوم مع قليل من الدقيق ومقدار من الخردل، يفرم الجميع ويعجن ويسخن ويوضع على مكان الألم.
في علاج حرارة التيفود يعمل لبخة على اطراف المريض السفلية، تتكون من مبشور الثوم والبصل وحشيشة القراص، تحت غطاء دافئ، وتتجدد اللبخة كل ساعة.