خاص بآفاق البيئة والتنمية
أعلنت الجمعية العامة للأمم المتحدة في الـ 22 من كانون الأول من عام 1992 اعتبارالـ 22 من آذار من كل عام يوماً دولياً للمياه، في أعقاب توصية قدمت في مؤتمر الأمم المتحدة المعني بالبيئة والتنمية الذي عقد بريو دي جانيرو، وكان أول احتفال بهذا اليوم عام 1993، وذلك بهدف جذب الانتباه إلى أهمية المياه العذبة، والدعوة إلى الإدارة المستدامة لموارد المياه العذبة.
ويربط موضوع الاحتفال بيوم المياه لهذه السنة بين المياه والتنمية والاستدامة، واستنادًا لأرقام الأمم المتحدة ذاتها تظهر الفجوة القاتلة في الكون، ويبدو الـ 22 من آذار يومًا جافًا، إذ لا يستطيع ما يقرب من 1,1 مليار نسمة، يمثلون 18% من تعداد سكان العالم، الوصول إلى مياه الشرب الآمنة، كما لا يستطيع ما يزيد على 2.4 مليار نسمة الحصول على صرف صحي ملائم. وفي البلدان النامية، يموت ما يربو على 2.2 مليون نسمة، أغلبهم من الأطفال، سنوياً بفعل أمراض ناجمة عن عدم حصولهم على مياه شرب آمنة، وحرمانهم من الصرف الصحي الملائم، بالإضافة إلى معاناتهم من تدني مستويات النظافة العام، كما تعاني نسبة كبيرة من الناس في البلدان النامية، بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، من الأمراض الناجمة عن استهلاك المياه والأغذية الملوثة، أو من الكائنات الدقيقة الحاملة للأمراض التي تتكاثر في المياه.
ويشار إلى أن الحصول على كميات كافية من مياه الشرب الآمنة وخدمات الصرف الصحي الملائمة، سوف يؤدي إلى تقليل نسب حدوث بعض الأمراض ومعدلات الوفاة إلى 75%.
وتستخدم أغلب المياه العذبة - التي تُشكل حوالي 70% من إجمالي حجم المياه في العالم - في الزراعة، بيد أن معظم أنظمة الري لا تعمل بكفاءة، حيث يتبخر ما يقرب من 60% من المياه أو أنها تعود إلى الأنهار وآبار المياه الجوفية. وعلى الرغم من أن المياه تغطي 70% من سطح الكرة الأرضية، إلا أن المياه العذبة لا تمثل سوى 2,5%، بينما تمثل المياه المالحة 97,5%. وتشكل الأغطية والأنهار الجليدية قرابة 70% من إجمالي حجم المياه العذبة، كما أن معظم النسب الباقية تتواجد على هيئة رطوبة تمتصها التربة أو تكمن في الآبار الجوفية العميقة التي يتعذر الوصول إليها. ولا يستخدم الإنسان سوى أقل من 1% من موارد المياه العذبة في العالم. كما أن أكثر من بليون نسمة يفتقرون إلى المياه النظيفة، فيما يعيش قرابة 200 مليون نسمة في المناطق الساحلية المعرضة لمخاطر نتيجة للفيضانات. وفي جنوب آسيا، يتجاوز عدد المعرضين لمخاطر الفيضانات الساحلية 60 مليون نسمة. مثلما يهدد الجفاف والتصحّر أكثر من 1,2 بليون نسمة.
وتقدر كمية المياه العذبة المتاحة للاستهلاك في دول الأرض تقدر بنحو 9000 كيلو متر مكعب، غير أن توزيعها غير متوازن، إذ يعيش نحو 41% من سكان العالم في مناطق ضغط مائي ( أقل من 1700 متر مكعب من الماء للفرد سنوياً). وقد ارتفع استخدام المياه عالميًا من 1382 كيلومترا مكعبا عام 1950 إلى 3973 كيلو متراً مكعبا عام 2000، فيما تستخدم 70% من مياه الكون للزراعة، و22 % للصناعة، و8% للاستخدامات المنزلية والتجارية والبلدية.
ويتراوح نصيب الفرد من المياه في العالم العربي كل سنة للاستخدامات كافة بنحو 763 مترا مكعبا سنوياً، فيما يقدر نصيب الفرد الأمريكي بنحو 1870، و600 متر مكعب في أوروبا، ويعزى ارتفاع حصة الفرد العربي عن الأوروبي إلى ارتفاع كمية المياه المسحوبة في العالم العربي للزراعة.
كما أن العجز المائي في العالم العربي سيصل عام 2030 إلى 280 مليار متر مكعب سنوياً. ووفق مؤشرات نوعية المياه في 122 دولة في العالم، فإن أفضل نوعية للمياه في الدول الخمس جاءت على التوالي: فلندا، وكندا، ونيوزيلندا، وبريطانيا، واليابان. وجاء ترتيب بعض الدول العربية على النحو: الكويت (33)، لبنان (60)، مصر (63)، السعودية (65)، سوريا (79)، ليبيا ( 85)، تونس (99)، الجزائر (104)، السودان (118)، الأردن (119)، المغرب (121).
ووفق الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني وسلطة المياه، فقد تزايد عدد السكان في الضفة وغزة وثبت كمية المياه المتاحة حسب اتفاقية أوسلو، ما أثر بشكل ملحوظ على حصة المواطن الفلسطيني من المياه المستهلكة والتي وصلت إلى 76,4 لتر/فرد/يوم عام 2012 في الضفة الغربية بينما كانت 89,5 لتر/فرد/يوم في قطاع غزة، مع الاخذ بالاعتبار ان ما يزيد عن 95% من مياه قطاع غزة لا تنطبق عليها معايير منظمة الصحة العالمية لمياه الشرب، وهي من حيث الكمية أقل من الحد الأدنى الذي توصي به المنظمة ذاتها وهو (100 لتر/فرد/يوم) كحد أدنى.
وبناء على المعلومات المائية للعام 2012 فإن نسبة المياه التي يحصل عليها الفلسطينيون من مياه الأحواض الجوفية في الضفة الغربية لا تتجاوز 15% من مجموع المياه المستغلة منها, في حين يحصل الاحتلال الإسرائيلي على ما يزيد عن 85% من مياه الأحواض ذاتها، ناهيك عن أن الفلسطينيين محرومون من الوصول إلى مياههم في نهر الاردن منذ العام 1967.
وبحسب التقديرات فإن الاسرائيلي الواحد ينهب من المياه أعلى خمس مرات من استهلاك الفلسطيني في الضفة الغربية (350 لتراً للإسرائيلي بينما يبلغ 60 لترًا للمواطن الفلسطيني بالضفة المحتلة، ويتراوح متوسط استهلاك الفرد من المياه في الضفة الغربية 70 لترًا يوميًا و30 لترا أقل من المعيار العالمي الأدنى الذي حددته منظمة الصحة العالمية).
أما في التجمعات البدوية في الأغوار حيث يعتبر استهلاك المياه هو الأقل على الإطلاق نتيجة لندرته فالنسبة هي اقل من 10 لتر للفرد يوميا وهي 10% من الحد الأدنى العالمي، في وقت لا يزيد عمق الآبار الفلسطينية التي حفرت قبل الاحتلال عن 200 متر، وتستمد مياهها من الأحواض السطحية، فيما حفرت سلطات الإحتلال جميع آبارها على أعماق لا تقل عن 500 متر، وتصل الى 1000 متر ما يعني الوصول جيولوجيا إلى الأعماق الحرجة، وهذا أدى إلى جفاف كل الينابيع في الأغوار باستثناء نبع الديوك في أريحا، وسبب أيضاً انخفاض منسوب المياه في كل الآبار وارتفاع نسبة التلوث والملوحة فيها بل وجفاف معظمها.
وبحسب تقديرات سلطة المياه الفلسطينية لمعدل استهلاك سكان قطاع غزة من المياه المنزلية ومياه الشرب للعام 2013 والذي بلغ 103.34 مليون م3، بما يوازي نحو 90 لتراً للفرد الواحد بدرجات جودة وكميات غير ملائمة ودون المعدلات الموصى بها عالمياً. محذرة من أن ما يزيد عن 96% من مياه الخزان غير صالحة للاستخدام.
وأشارت سلطة المياه إلى أن 98% من مصادر المياه في القطاع مصدرها الخزّان الجوفي الساحلي، فيما يتم تغطية النسبة المتبقية من خلال شراء كميات محدودة من شركة المياه الإسرائيلية (ميكوروت(.
aabdkh@yahoo.com