رام الله / خاص: قدرت الأمم المتحدة أن سكان كوكب الأرض سيواجهون عجزا بنسبة 40% في إمدادات المياه بحلول عام 2030، ما لم يتم الاستفادة بشكل كبير من هذا المورد الثمين.
وخلص تقرير الأمم المتحدة عن تنمية الموارد المائية الذي أعدّه برنامج تقييم الموارد المائية الذي تستضيفه اليونسكو إلى انه "يوجد بالفعل إجماع دولي على أن المياه والصرف الصحي ضروريان لتحقيق العديد من أهداف التنمية المستدامة، حيث يرتبطان ارتباطا وثيقا بتغير المناخ والزراعة والأمن الغذائي، والصحة، والطاقة، والمساواة، والجنس والتعليم".
وأصدرت الأمم المتحدة التقرير بعنوان "المياه من أجل عالم مستدام" بمناسبة اليوم العالمي للمياه لعام 2015.
وقررت الأمم المتحدة في عام 1993، أن يكون 22 آذار سنويا هو اليوم العالمي للمياه. وشدد التقرير على أن المياه تلعب دورا محوريا في عمليات التنمية المستدامة سواء الاقتصادية والاجتماعية والبيئية، مشيرا إلى أن الموارد المائية، والخدمات الأساسية التي تقدمها، من بين العوامل الرئيسية لتحقيق الحد من الفقر والنمو الشامل والصحة العامة، والأمن الغذائي، والعيش بكرامة للجميع والانسجام على المدى الطويل مع النظم الإيكولوجية الأساسية. وقال التقرير ان قضايا المياه برزت بشدة في السنوات الأخيرة، مما يعكس الفهم المتزايد لمركزية الماء، وكذلك نجاح العالم في تحقيق الهدف الإنمائي للألفية المتمثل في خفض نسبة الأشخاص الذين لا يمكنهم الحصول على مياه الشرب بأمان.
وكشف التقرير أنه بين عامي 1990 و2010 تمكن 2.3 مليار شخص من الوصول إلى مصادر محسنة لمياه الشرب، مثل المياه التي يتم حفظها عبر الأنابيب والآبار المحمية.
وذكر التقرير أن الطلب العالمي على المياه يتأثر إلى حد كبير بسبب النمو السكاني والتوسع العمراني وسياسات الأمن الغذائي والطاقة، والعمليات الاقتصادية الكلية مثل عولمة التجارة، والوجبات الغذائية المتغيرة وزيادة الاستهلاك.
وبحسب الخبراء الذين أعدوا التقرير فإنه وبحلول عام 2050 من المتوقع أن يرتفع الطلب العالمي على المياه بنسبة 55%، ويرجع ذلك أساسا إلى الطلبات المتزايدة من التصنيع، وتوليد الكهرباء الحرارية والاستخدام المنزلي. وتتناقص إمدادات المياه الجوفية، ويجري حاليا استغلال نحو 20% من المياه الجوفية في العالم.
وقال التقرير إن الاستثمارات في خدمات المياه والصرف الصحي تؤدي إلى تحقيق مكاسب اقتصادية كبيرة، في المناطق النامية، يقدر العائد ما بين 5 دولارات إلى 28 دولارا لكل دولار.
ويتطلب الأمر ضخ نحو 53 مليار دولار سنويا على مدى 5 سنوات، لتحقيق التغطية الشاملة فيما يتعلق بخدمات المياه والصرف الصحي، مبلغ صغير نظرا لأنه يمثل أقل من 0.1% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي لعام 2010.
وترتبط الزيادة في عدد الأشخاص الذين لا يحصلون على مياه الشرب والصرف الصحي في المناطق الحضرية مباشرة بالنمو السريع للسكان في الأحياء الفقيرة في العالم النامي، والعجز (أو عدم الرغبة) من جانب الحكومات المحلية والوطنية لتوفير مرافق المياه والصرف الصحي الكافية في هذه المجتمعات.
ومن المتوقع أن يصل عدد سكان الأحياء الفقيرة في العالم، نحو 900 مليون نسمة بحلول عام 2020، وهم أكثر عرضة لتأثيرات الظواهر الجوية المتطرفة.
ويقول التقرير إنه من الممكن تحسين أداء نظم إمدادات المياه في المناطق الحضرية مع الاستمرار في توسيع النظام وتلبية احتياجات الفقراء.
ومن المتوقع أن يرتفع الطلب العالمي على المياه لصالح الصناعات التحويلية بنسبة 400% ما بين عامي 2000-2050، لتتصدر جميع القطاعات الأخرى. ويحدث الجزء الأكبر من هذه الزيادة في الاقتصادات الناشئة والبلدان النامية.
سيطرة إسرائيلية مطلقة على المياه الفلسطينية الجوفية والسطحية
على صعيد آخر قال تقرير صادر عن الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني في آذار الماضي ان نصيب الفرد الإسرائيلي من المياه يساوي سبعة أضعاف نصيب الفرد الفلسطيني.
وأشار التقرير إلى أن نصيب الفرد الفلسطيني من مياه الشرب يومياً يبلغ نحو 70 لترا، مقارنة مع 500 لتر للفرد الإسرائيلي من المياه العذبة، وتزيد الفجوة بين الجانبين لتسعة أضعاف في المياه المستخدمة لأغراض الري والزراعة.
وأضاف التقرير الصادر تزامناً مع اليوم العالمي للمياه أن هناك حالة واضحة من عدم التكافؤ بين إسرائيل ومناطق السلطة الفلسطينية فيما يتعلق بالمشاركة في الأحواض المائية الجبلية في الضفة الغربية، بسبب سيطرة إسرائيل على الغالبية العظمى من مصادر المياه الجوفية والسطحية في الضفة.
أما في قطاع غزة فقد، بلغت كمية المياه المستخرجة من الآبار الجوفية الواقعة في الحوض الساحلي بقطاع غزة 100.8 مليون متر مكعب سنويا، مما يعد ضخاً جائراً (سحب المياه بكميات أكبر من المعايير الآمنة)، علما بأن مقدار الضخ الآمن للحفاظ على طاقة الحوض المستدامة يتراوح ما بين 50 إلى 60 مليون متر مكعب فقط، مما أدى إلى عدم توافق أكثر من 90% من نوعية المياه التي يتم ضخها من الحوض الساحلي مع معايير منظمة الصحة العالمية.
وفي بيان صادر عن الحكومة الفلسطينية قال رئيس الوزراء رامي الحمد الله، إن اسرائيل تسيطر اليوم على
حوالي 90% من موارد المياه الفلسطينية، وتنعم هي ومستوطناتها بكميات وافرة من المياه.
وأضاف الحمد الله أن قطاع غزة يعاني من كارثة مائية حقيقية، إذ أن 97% من مياه الشرب هي مالحة وغير صالحة للاستخدام الآدمي، هذا بالإضافة إلى أن استنزاف الخزان الساحلي (الآبار الجوفية) فيها أدى إلى تداخل مياه البحر وتسرب مياه الصرف الصحي فيه.
وقال تقرير الإحصاء الفلسطيني إن 48.8% من الأسر في الضفة والقطاع يرون أن المياه المستخدمة للشرب جيدة، مشيرا إلى أن هذه النسبة تتباين بشكل كبير على مستوى الأراضي الفلسطينية، حيث بلغت 73.5% في الضفة الغربية مقابل 5.8% في قطاع غزة.
وأشار التقرير إلى أن تدني نسبة الرضا عن المياه في قطاع غزة، يعزى إلى ارتفاع نسبة الملوحة في المياه بسبب تسرب مياه البحر إلى الخزان الجوفي نتيجة الضخ الجائر بجانب مشكلة تسرب المياه العادمة (مياه الصرف الصحي) إلى المياه الجوفية.
من جهته قال وزير المياه الأردني، حازم الناصر، في آذار الماضي ان الواقع المائي العربي يعاني من ضعف هيكلة قطاع المياه ومصادرها، مع نقص الوعي المائي العربي وقصور الإدارات المائية في إيصال رسالتها للمنطقة حول خطورة أزمة المياه وسبل المحافظة.
ودعا الوزير الأردني لوضع استراتيجية عربية موحدة لحوكمة المياه، كونها إحدى اهم المشكلات التي يعانيها قطاع المياه العربية، مشيرا إلى أن 10 دول عربية هي ضمن قائمة الدول الأكثر فقرا بالمياه، كما أن المياه العربية المتجددة لا تتجاوز 1.2% من الحصة العالمية.
كما دعا الناصر في بيان صحافي الوزارات العربية ومؤسساتها المائية إلى التوافق على استراتيجية مائية عربية مشتركة قابلة للتطبيق وتوحد الأسس والمرجعيات المائية العربية وتراعي المصالح المائية لكل دولة.
وأكد الناصر أهمية تنفيذ مبادرات تعتبر المياه أولوية عربية كخطوة على طريق العمل المائي العربي المشترك وتعزيز تبادل الخبرات ونقل التجارب الناجحة في الإدارة التي تتمتع بالكفاءة ين الدول العربية وصولا إلى حاكمية المياه.
وأشار الناصر إلى تقديرات الامم المتحدة بخصوص ازدياد معاناة أعداد كبيرة من البشر جراء النقص الكبير في حصص المياه للشرب، حيث يتوقع أن يعاني اكثر من 904 ملايين نسمة جراء ذلك بحلول العام 2025، غالبيتهم في مناطق حوض المتوسط وغرب اسيا وإقليم الشرق الاوسط الملتهب، والتي ادت الصراعات فيه إلى ضياع فرص كبيرة للتعاون الاقليمي البنّاء في مشاريع المياه، عوضاً عن محاولات الجماعات المتطرفة السيطرة على مصادر المياه للتحكم بمصادر الشرب.
وأكد وزير المياه والري الاردني أن بلاده تعي أن المياه تعد سلعة نادرة وأساسية في ظل ارتفاع نسبة الهدر وتراجع كفاءة الاستخدام وتشابكها مع قضايا الطاقة والبيئة والزراعة.
وأخيرا استعرض الوزير الأردني الأعباء التي تحملها الاردن عبر السنوات الطوال نتيجة الصراعات في المنطقة بسبب موجات اللجوء الكبيرة التي شهدها الأردن خلال العقود الماضية وخاصة الازمة السورية واستضافة البلاد لحوالي 1.4 مليون لاجئ سوري.
وقال إن ذلك ادى لارتفاع حجم الطلب على مصادر المياه في عموم مناطق المملكة إلى حوالي 21% في الوقت الذي تعاني فيه محافظات الشمال من وطأة الـ 40% من ارتفاع الطلب نتيجة تواجد مئات الالاف من اللاجئين السوريين في الوقت الذي مازال فيه الدعم الدولي دون مستوى التوقعات.
وأضاف أن قطاع المياه في الأردن يتحمل سنويا حوالي 507.6 مليون دولار بسبب اللاجئين السوريين، مشيرا إلى أن خطة الصمود الخاصة بالقطاع تبلغ 1.05 مليار دولار حتى نهاية 2016.