
مركز حسن مصطفى الثقافي
الليمون في الوجدان الشعبي
كان الناس في فلسطين يسمون البرتقال "ليمونا حامضا" ليميزوا بينه وبين شقيقه البرتقال والذي يسمى ليمونا حلوا، ومن بلادنا انتقل إلى أوروبا محتفظا بالاسم العربي في اللغات الأجنبية وهو Lemon.
مدينة يافا عاصمة الحمضيات بأنواعها ومنها الليمون، وهذه الدلعونا تدلل على ذلك:
علــى دلالك، علــى دلالك وانت لمهيرا وانا خيـالك
لاجيب لي جمل واصير جمالك وانزل عايافا احمّل ليمونا
- وهناك علاقة وثيقة بين الفلسطيني وأشجاره التي لا تفارق وجدانه ولا ترى عينه سوى خضرتها وجمالها:
أنا ببـلادي بتصـور صـورة صورة في قلب الزمن محفورة
ما بين التينـي وبين الزعرورة وايدي ممدوده نحو الليمونـا
امـي وابـوي ربونـي بُخشي عليها بعلا في الدنيا فشــي
ما احلاها الصبح إنقسدر دغشي عا عين البلد بيـن الليمونـا
- اما المغترب والمهاجر فيقول:
يا طيـر طايـر فوق البرية سلم عا أهل الضفة الغربية
وجب لي بجناحك منها هدية من بيارتنا حبـة ليمونــا
- ومن غطاء بيارة الليمون:
هي يا بيـارة يـا مقابلتـنا يللـي اشجـارك كلمنتينـا
من عصير ثمارك صبي واسقينا حامظ عا حلو زهر الليمونـا
وكما يبدو فإن بائع الليمون كان يتمتع بالغنى ويرتدي ملابس جميلة، حيث كانت هذه المهنة "معتبرة"، وتلك الأبيات تعبر عن ذلك بطرف ومرح وحين يتقدم الشاب من الصبية للزواج ترد عليه بهذا:
شايب يا شايب يا ابو الغباني تلبس عباتك ماني رغباني
لو عندك ذهب ملو الدكانـي تعاود لكارك بيّاع ليمونا
شايب يا شايب يا بو الغباني لا تشهل حالك ماني رغباني
لتجيب الذهب يمّلا الصواني بترجع لاصلك بياع ليمونا
الليمون في المثل الشعبي: في أيلول بدور الزيت في الزيتون والمر في الليمون
والليمون له قيمة تظهر من تعدد استعمالاته مما رفع مكانته جيلا بعد جيل واتساع نطاق خدماته الشفائية التي تؤديها، ويذكر التاريخ أن الليمون لعب دورا كبيرا في علاج الكوليرا والقضاء على جراثيمها عند انتشارها في بعض بلدان الشرق الأوسط، ومنها فلسطين زمن الحرب العالمية الأولى.
والليمون يشفي من التيفوئيد، والروماتيزم، والنقرس، والانتفاخ المعوية، وأمراض الكبد.
وكان الأطباء والقابلات يقطرون قطرة واحدة من الليمون في عيون المواليد فور ظهورهم إلى الحياة، وذلك بقصد جلاء بصر المولود حديثا ووقايته من شر الالتهابات وانتقال الجراثيم الهاجمة في ثنايا جهاز والدته التناسلي.
ولليمون شعبية عالية عندما تهاجم فيروسات الإنفلونزا منطقتنا فهو للوقاية والعلاج.
الليمون في الطب القديم:
الليمون من أقدم الأشجار التي عرفت، فقد عرفه المصريون القدماء واستعملوه في طبهم، وبخاصة في مكافحة السموم .. وكان يُطلق عليه اسم (بنزهير)، وهي كلمة فارسية معناها. (مضاد للسموم) .. عدد داوود الانطاكي في التذكرة كثيرا من فوائد الليمون، فقال: (يطفئ اللهيب، والصداع، والعطش، والقيء، والغثيان، وفساد الأطعمة .. ويقاوم السموم كلها، ويفتح الشهية، ويعدل الخلط، ويمنع فساد الأغذية أكلا، وقشره اشد مقاومة للسموم، وبذره أعظم... وكلما خف قشرة وكان نقيا من الاغشية خفف المغص والرياح، وان جفف بجملته وسحق مع وزنه من السكر واستعمل، ازال البخار والدوخة وفتح السدد .. وحماضه يجلو الكلف والبهق والنمش والحكة ... وان جمع ورقه وزهره وقشره في معجون عادل الياقوت في تفريحه .. وهو خير من الخل للمرضى، وإذا اخذ مملوحا قوّى المعدة وأزال ما فيها من الوخم .. ومن خواصه إزالة الزكام شما).
المكونات الفعالة في الليمون:
عصيره يحتوي على أحماض، أهمها حامض الليمونك ونسبة 8% من الغلوسيد، وبكتينات وأملاح معدنية وفيتامين ج، القشرة تحتوي على زيوت طيارة تتكون من ليمونتين وسينترال.
من المحذورات: يجب عدم الافراط في تناول الحامض وعصيره بقصد الرشاقة والجمال ومن الضروري ان هناك فارقا كبيرا بين الليمون وحمض الليمون، فالأول فاكهة والثاني عقارا يسمى "حامض الطرطير" ذا الخاصية المقبضة لذلك لا يجوز استعماله في الطعام او السلطة لأن الليمون الحقيقي مغذ ومهضم ومشهِ ويعوض عن ملح الطعام.
كما يعد من الليمون شراب (الليمونادة) المرطب والمفيد، ولا يجوز استعمال العصير المركز فهو يؤدي إلى حروق المعدة ويؤذي مينا الاسنان.
من فوائد الليمون:
- عصير الليمون حامض، إلا انه يتحول في الجسم إلى قلوي، ولذلك فهو يعمل على إزالة الحموضة ويساعد على الهضم، وله أيضا تأثير ايجابي في تخفيف حدة الروماتيزم.
- علاج ناجح لعلاج التهابات الفم والأسنان وقتل ميكروبات التعفن بها.
- يعالج التهابات الحنجرة والقصبة الهوائية بعمل غرغرة بالعصير المخفف بالماء.
- يفيد العصر في حالات الصداع وضربات الشمس اذا وضع قليل منه كـ كمادات باردة على الجبهة.
- يفيد في علاج بعض حالات الروماتيزم وداء الملوك باستعمال القليل منه في مياه الشرب أو الحساء.
الليمون يقاوم السموم ويفتح الشهية، كما أن قشر الليمون يقوي الكبد ويطرد الديدان والغازات، وزيت الليمون رطب ومنعش لذلك يستعمل كأساس في العطور، كما يفيد العصير الممزوج بالماء الدافئ بصفة عامة في حالات الدوخة والدوار، وفي آلام المعدة.
وصفات الليمون لكل الناس:
إن تناول العصير مع الماء الفاتر صباحا على الريق له فوائد عديدة منها:
طرد السموم من المعدة، والكبد، وحماية خلايا الجسم، وتعزيز أجهزة الدفاع.
وعلى هذا يمكن إعطاء عصير الليمون حتى للأطفال بشكل نقط تضاف إلى حليب البقر، الذي يقدم لهم عوضا عن حليب الأم.
وبالإضافة إلى ما سبق، فإن هناك وصفات طبية شعبية أخرى أساسها الليمون منها:
- لطرد الديدان من الأمعاء: تهرس ليمونة كاملة بجميع محتوياتها، وتنقع في الماء لمدة ساعتين .. تعصر الليمونة بعد ذلك في النقيع ويُصفى، ويضاف إليه العسل ويشرب قبل النوم .. وتكرر العملية إذا لزم الأمر.
- لمعالجة احتقان الكبد: تقطع ثلاث ليمونات، وتغمر في الماء المغلي مساء ثم يشرب هذا الماء صباحا على الريق.
- لمحاربة السمنة: ينقع قليل من الكمون في ماء مغلى مع ليمونة مقطعة، ويترك طوال الليل، ويشرب صباحا على الريق.
- لعلاج انتفاخ المعدة والأمعاء: يؤخذ (5-10) نقط من عصير الليمون وتمزج مع قليل من العسل، ويؤخذ جرعات.
- لتنقية الدم: يشرب حوالي 100 جرام من عصير الليمون يوميا.
- في حالات نوبات السعال المزعجة أثناء الليل تؤخذ ملعقة صغيرة قبل النوم، وتؤخذ مثلها أثناء الليل ... أما في حالات السعال الشديدة جدا، فيؤخذ من الشراب ملعقة صغيرة في الصباح بعد النهوض من الفراش مباشرة، وثانية قبل الطهر، وثالثة عند العصر، ورابعة قبل العشاء، وخامسة قبل النوم، على ان يخفض عدد هذه الجرعات بنسبة ما يظهر من تحسن.
وصفة لاستعمال أزهار الليمون في علاج العصبيين:
تجفف أزهار الليمون، ثم تغلى بنفس الطريقة التي يغلى فيها الشاي، فتفيد في علاج العصبيين، وذوي الحساسية الزائدة كما يعطى للمراهقين للحد من ثورتهم.
يحاول الناس حفظ الليمون الحامض على شكل عصير في البرادات ويصنعون الشراب ليُحل بالماء ولكن أفضل الليمون هو الليمون الطازج والذي تصنع منه "الليمونادة" ويضاف إليها أوراق النعنع أو بدونها، ويدخل الليمون في كافة أنواع السلطات البلدية مع زيت الزيتون، ويحمض به الأكل الفلسطيني على المائدة كالملوخية واللوبياء والأسماك ... الخ.
ويحرص أهالي فلسطين على زراعة أشجار الليمون دائمة الخضرة في حديقة كل بيت وأمام كل عمارة.