علا عطاالله/ غزة: أوضاع صادمة، وقاسية خلّفتها الحرب الإسرائيلية الأخيرة على قطاع غزة، وتراكمات سنوات الحصار السبع.
فيحتاج إعمار القطاع بعد الحرب التي شنتها إسرائيل في السابع من تموز الماضي واستمرت 51 يوماً، إلى نحو 7.5 مليار دولار أمريكي، وفقاً لتصريح سابق للرئيس الفلسطيني محمود عباس.
ويقول ماهر الطباع، مدير العلاقات العامة في الغرفة التجارية بغزة، إن قطاع غزة، تعرض لضربة موجعة وقاسية خلال الحرب الأخيرة، تسببت في تعطيل كافة مناحي وتفاصيل الحياة.
وأضاف: "في سنوات الحصار الذي لا يزال مفروضا، كان اقتصاد القطاع هشا، اليوم بات في غرفة الإنعاش".
ووفق الطباع فإن نحو 500 منشأة اقتصادية، تم تدميرها خلال الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، تجاوزت الـ3 مليارات دولار أمريكي.
وبحسب إحصائيات فلسطينية، فقد تجاوزت الخسائر الاقتصادية الإجمالية المباشرة وغير المباشرة في المباني والبنية التحتية وخسائر الاقتصاد بكافة قطاعاته في قطاع غزة، 5 مليار دولار تقريبا.
ودمرت حرب الـ51 يوماً على غزة، نحو 9 آلاف منزل بشكل كامل، و8 آلاف منزلاً بشكل جزئي، وفق إحصائيات لوزارة الأشغال العامة والإسكان الفلسطينية.
وما مر به قطاع غزة، سيحتاج إلى أكثر من 5 مليار دولار لإنعاشه كما يرى علي الحايك، رئيس جمعية الأعمال الفلسطينيين.
ويقول الحايك: "الحرب الأخيرة، دمرت الاقتصاد بشكل كلي، ولكي يستعيد عافيته من تراكم سنوات الحصار، والدمار الأخير، نحن بحاجة إلى تجنيد مليارات الدولارات، إضافة إلى وضع خطة اقتصادية شاملة تنقل غزة من بوابة الإغاثة العاجلة إلى التنمية الشاملة، فنحن أمام واقع غير مسبوق من الأرقام الكارثية".
وفي تصريح سابق قال محمد اشتيه، رئيس مجلس إدارة المجلس الاقتصادي للتنمية والإعمار "بكدار" إن الحكومة الفلسطينية تسعى إلى تجنيد الأموال من قبل الجهات المانحة، ورصد قرابة 4 مليار دولار للبدء في إعمار ما دمرته الحرب الإسرائيلية الأخيرة.
وفي عام 2009 وعقب انتهاء الحرب الإسرائيلية الأولى على القطاع، رصد مؤتمر إعمار غزة في شرم الشيخ، نحو خمسة مليارات دولار.
وهذا الرقم 5 مليار، لن يكفي لعلاج آثار الحرب الأخيرة، كما يرى خبير الاقتصاد الفلسطيني مازن العجلة، والذي أكد أن الدمار الكامل الذي طال البنية التحتية، وتعطّل آلاف العمال عن العمل يحتاج إلى ضعف هذا الرقم.
وأضاف: "نحن نتحدث عن قطاعات اقتصادية منهارة بالكامل، بنية تحتية مدمرة، مياه للشرب غير صالحة، وأزمة الكهرباء تتواصل للعام الثامن دون حلول، بل تزداد سوءا، لن يكفي حتى عشرة مليارات لإعادة الحياة إلى غزة".
وتابع: "دون البدء الحقيقي في إعادة إعمار غزة، فسيبقى الوضع كارثي، وسيتحول القطاع إلى عبارة عن طوابير تنتظر المساعدات الإغاثية".
وأدى التعليق الإسرائيلي لدخول مواد البناء من معبر كرم أبو سالم التجاري إلى توقف 85% من الصناعات المعتمدة على قطاع الإنشاءات، وتسريح أكثر من 90% من العمال وفق إحصائية لاتحاد الصناعات الإنشائية.
ويعد قطاع الإنشاءات المشغل الأساسي للعمال في القطاع إذ يصل عدد العاملين فيه إلى أكثر من 23% من العمالة بغزة.
وتمنع إسرائيل إدخال العديد من البضائع، وأهمها مواد البناء لغزة، منذ فوز حماس في الانتخابات التشريعية بداية عام 2006، حيث فرضت حصاراً مشدداً، وشددته عقب سيطرة الحركة على قطاع غزة عام 2007.
غير أنها سمحت بإدخال كميات محدودة من مواد البناء بداية شهر أيلول من العام الماضي، ثم عادت ومنعت إدخالها في الشهر التالي، بدعوى استخدامها من قبل حركة حماس في بناء تحصينات عسكرية، وأنفاق أرضية.
ويصف جمال الخضري، رئيس اللجنة الشعبية لرفع الحصار عن قطاع غزة، (غير حكومية)، الوضع في القطاع بـ"الكارثي".
وتابع الخضري: "معدل دخل الفرد اليومي تدنى إلى دولار واحد فقط وحوالي 90% يعيشون تحت خط الفقر ويتلقون مساعدات من مؤسسات دولية وعربية، والبطالة تجاوزت 65%".
وازدادت معدلات الفقر في قطاع غزة مؤخرا وسط تحذير من تزايد عدد الأسر الفقيرة من 60 ألف أسرة، ليصل إلى 120 ألف أسرة تحت خط الفقر، بسبب تداعيات الحرب الإسرائيلية الأخيرة، وفق تأكيد وزارة الشؤون الاجتماعية الفلسطينية.
وكان اتحاد العمال في قطاع غزة، قال مؤخرا إن الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، قد رفع عدد العاطلين عن العمل إلى قرابة 200 ألف عامل، يعيلون نحو 900 ألف نسمة.
وأوضح الاتحاد أن قرابة 30 ألف عامل، توقفوا عن العمل، بفعل الحرب التي دمرت عددا كبيرا من المصانع والورش والشركات والمحلات التجارية (دمرت إسرائيل 500 منشأة اقتصادية وفق أرقام فلسطينية رسمية). وذكر الاتحاد أن قرابة 170 ألف عامل آخر، متعطلين عن العمل، بسبب الحصار المفروض على قطاع غزة منذ عام 2007.
ومنذ أن فازت حركة حماس، التي تعتبرها إسرائيل "منظمة إرهابية"، بالانتخابات التشريعية الفلسطينية في كانون ثاني 2006، تفرض إسرائيل حصارًا بريا وبحريا على غزة، شددته إثر سيطرة الحركة على القطاع في حزيران من العام التالي، واستمر هذا الحصار رغم تخلي حماس عن حكم غزة، وتشكيل حكومة توافق وطني فلسطينية أدت اليمين الدستورية في الثاني من حزيران الماضي.