خاص بآفاق البيئة والتنمية
خريف
كان مساء الجمعة (العاشر من تشرين أول) غريبًا، فطوال الطريق من بيت لحم وحواف القدس مروراً برام الله ونابلس فجنين اختلفت أحوال الطقس بصورة لافتة، إذ تنوعت بين الحر، والاعتدال، والغيوم المتفرقة، والرياح النشطة، والأمطار المحلية الغزيرة لوقت قصير، بجوار قوس قزح، وعواصف رعدية، وأمطار خفيفة. وراح المسافرون يغلقون النوافذ تارة، ويفتحونها تارة أخرى، وسأل بعضهم السائق عن المكيف.
وسط العاصفة المفاجئة، بين بلدتي برقة ( نابلس) وسيلة الظهر( جنين) تلتقط بعدستك عدة صور للشتاء وألوان الطيف الطبيعية، وتفتح حواراً مع جيران المسافرين حول أحوال البيئة والمناخ في بلادنا ومنخفضاتنا الجوية، وأمطارنا الخريفية والشتوية، وتوقيت فصولنا، وأمثالنا الشعبية المرتبطة بالمطر، وبداية الوسم البدري للشتاء. ونصل للحديث عن البيئة وشؤونها، حين نشاهد أكوام النفايات في غير مكان، فيما ويبقى التساؤل المفتوح: كيف لمن يدعي حب وطنه، ويضحي بدمه لأجلها، أن ينفذ كل أشكال التدمير بحقها، ولا يترك وسيلة لتخريبها!
الحال تكرر في الخامس عشر من أكتوبر، فالمطر الغزير لنحو نصف ساعة هطل في طوباس ووصل بلدات بعض جنين، لكنه لم يزر جنين ذاتها، وريفها الغربي. مثلما هطل في بلدات أخرى، واحتجب عن قسم آخر.
ثقافة
تسأل على هامش تدريب بيئي 52 زهرة وطفلاً (ولدوا عام 2000) اليوم عن عدد فصائلنا الوطنية. تذهل من إجاباتهم، وتتمنى لو أنها صائبة، فمعظمهم قالوا: لدينا ثلاثة فصائل، أو أربعة أو خمسة!
المهم أن الصغار ذهلوا حينما علموا بالعدد الكبير لفصائلنا، والأجمل سؤال أحدهم عن أي حزب أو فصيل من هؤلاء يعمل لأجل قضايا البيئة أكثر من غيره!
استهلاك
هل هو "طوفان" اللحم في الضفة الغربية: 120 ألف رأس من الأغنام والماعز، و7000 عجل، و200 جمل، مجموع الأضاحي التقديرية حسب وكيل وزارة الزراعة د. على غياضة، بوزن 3180 طنا، وبتكلفة 232 مليون شيقل!
بحسابات بسيطة، يكون نصيب الواحد منا كيلو لحم و130 غراما تقريبا، بمن فينا الرضع وكبار السن والنباتين والمسافرين والأشقاء المسيحيين والمرضى الذين يتربصون في الأرض. كل هذا دون احتساب استهلاك اللحوم من السوق، التي يبتاعها المواطنون غير المقتدرين على شراء الأضاحي.
بالفعل إنه طوفان اللحم والشحم!
تاريخ وجغرافيا
تقرأ تصريحات د. مفيد الحساينة وزير الأشغال العامة والإسكان الفلسطيني لصحيفة الاتحاد الإماراتية ( نشرت يوم 12 تشرين أول 2014)، جاء فيها:" إن الإماراتيين وقفوا منذ عقود طويلة، إلى جانب عدالة القضية الفلسطينية وناصروا الفلسطينيين بكافة أشكال الدعم، مؤكداً أن صفحات التاريخ سجلت بكل فخر واعتزاز، أن الإماراتيين دعموا القضية الفلسطينية بدمائهم الزكية. "وكشف عن وجود مدافن لإماراتيين في منطقة جنين في فلسطين، استشهدوا جنباً إلى جنب مع إخوتهم العرب الذين هبوا للدفاع عن فلسطين عامي 1948 و1967."
يشير تاريخ "الإمارات المتصالحة" إلى أنها استقلت عن بريطانيا ثم اتحدت عام 1971، أي بعد النكبة والنكسة والعدوان الثلاثي، ولا تضم جنين غير مقابر لشهداء الجيشين العراقي والأردني، إلا إذا جرى اكتشاف مقابر أخرى، لم تصل إلى أسماعنا بعد!
فضاءات افتراضية
الأصدقاء والصديقات في الفضاء الافتراضي يمثلون الشعب بكل إبداعاته وعلاته، منهم من يدعم المقاومة، وبعضهم يكره حماس على المسبحة أو يعشقها، وطائفة أخرى تسبح بحمد المنظمة وفتح، وفريق آخر علماني، وجماعة ثانية يسارية، وفرقة أخرى تلعب المزرعة السعيدة بأعصاب باردة، أو تطلب منك الانضمام لـ"الكاندي كراش". وتشهد معارك طاحنة، ومزاح، وتكفير، وتخوين، فبعضهم يرسل لك نكتة في أصعب الظروف، أو ينسى همومه بمشاهدة مقتطفات من اليوتويب لا ناقة لها ولا جمل ببلادنا. باختصار، هكذا هو الشعب خليط من الأمزجة، أو فسيفساء أموية، أو نجمة كنعان، أو مثل المكسرات، لكن الأغرب أن من بين كل الرفاق ثمة ثلاثة منهم يهتمون بالبيئة وقضاياها، ويلتقطونها، ويعجبون بالمسائل الخضراء!
دعوة عربية
|
دعت سلطة جودة البيئة، خبراء البيئة العرب، لزيارة فلسطين للاطلاع على جرائم الاحتلال بحق البيئة. وأشار بيان صادر عنها، نشرته وسائل الإعلام لمناسبة يوم البيئة العربي الذي يصادف في الرابع عشر من تشرين الأول، إلى أن هذه المناسبة تأتي في ظل مواصلة دولة الاحتلال الاستيلاء على المصادر الطبيعية، وتدمير التنوع الحيوي، من خلال بناء جدار الفصل العنصري الذي عزل مصادر المياه عن التجمعات السكنية وجرف الأراضي الزراعية ودمر الحياة البرية، بالإضافة للمشاكل البيئة التي تعاني منها فلسطين من نقص المياه العذبة والتصحر وتغير المناخ والتلوث.
مثلما أكدت في بيانها على أن البيئة الفلسطينية جزء لا يتجزأ من البيئة العربية، والاعتداء عليها اعتداء على البيئة العربية، وحمايتها مسؤولية وطنية وعربية، والاحتلال الإسرائيلي ينتهك الاستقرار الفلسطيني بالاقتحامات والاعتقالات للمواطنين واستهداف البيئة الفلسطينية بنقل نفاياته إلى الأراضي الفلسطينية، مطالبة بالوقوف في وجه الاحتلال الإسرائيلي، الذي يمارس جرائمه بحق الإنسان والبيئة، باعتبارها حق من حقوق الإنسان وحمايتها من أجل أجيال الحاضر والمستقبل.
ودعت العالم العربي وخبراء البيئة العرب إلى زيارة دولة فلسطين للاستفادة من خبراتهم في مجال حماية البيئة والاطلاع على جرائم الاحتلال الإسرائيلي وخاصة في قطاع غزة الذي شهد عدوانا استمر لمدة 50 يومًا.
بالمناسبة، أمضي ساعات طويلة في مهمة البحث عن شعار يوم البيئة العربي ولم أجده إلا بشكل ضمني، ولا أدري كيف سيصل الخبراء لبلادنا، إن قرر الاحتلال منعهم من الدخول، كما أنني أظن أن أحوال البيئة في غالبية دول العالم العربي ليست وردية، ليصلنا الخبراء قبل حل مشاكل بيئتهم الداخلية، على قاعدة (أولى لك فأولى).
|
كهرباء مجانية!
نشرت وكالة معا الإخبارية، في الرابع عشر من أكتوبر تقريراً بعنوان: بعد نحو 7 سنوات.. الكهرباء مجاناً ! وجاء فيه: "في ظل الاعتماد الفلسطيني على شراء الكهرباء من إسرائيل وتحكم الأخيرة بأسعارها إضافة لتراكم الديون على الفلسطينيين، أصبح التفكير بإيجاد مصادر أخرى للطاقة الكهربائية حاجة ملحة للحد من تكاليف الشراء والتبعية للشركات الإسرائيلية.
ونقل التقرير لقاء مع المهندس هشام العمري مدير شركة كهرباء محافظة القدس لجاء فيه: "إن السلطة الفلسطينية تستطيع أن تتخلص من تبعية إسرائيل في الحصول على الطاقة الكهربائية، إضافة إلى التوفير على المواطنين مادياً جراء استهلاك الكهرباء من خلال استغلال الطاقة البديلة المتجددة، وعلى وجه الخصوص الطاقة الشمسية وطاقة الرياح."
وأوضح أنه "في حال شجعت السلطة على بناء محطات شمسية خاصة لتوليد الكهرباء على سطوح المنازل من خلال فتح باب القروض الميسرة فإن ذلك يعني أن المواطن سيحصل على الكهرباء بشكل مجاني بعد مضي نحو 7 سنوات من بناء المحطة."
وبيّن" أن استغلال طاقة الرياح يتطلب بناء طواحين هوائية يقدر ارتفاعها بـ 35 متراً تحتاج إلى مساحات واسعة من الأراضي ويشترط أن تكون مناطق جبلية."
وذكر العمري "أن الطواحين الهوائية بإمكانها إنتاج نحو 500 ميجا واط من الكهرباء، ويمكن نصبها في العديد من المناطق بفلسطين كجبال الخليل والسفوح الجبلية في الشمال الشرقي من البلاد. وأشار إلى وجود عوائق تحول دون تنفيذ هذا المشروع تتمثل بالتمويل والموافقة الإسرائيلية وعدم وجود جدية لدى السلطة لاستغلال هذه الطاقة ولذلك أسبابه ودوافعه."
ليت السيد العمري أوضح الأسباب والدوافع لعدم استغلالنا للطاقة النظيفة، وليته أيضًا ضرب أمثلة بدول العالم التي أعلنت الحرب على الطاقة التقليدية.
aabdkh@yahoo.com