رئيسة جمعية التنوع الحيوي المايكروبي الأردنية
يعتبر توافر وسهولة الحصول على المياه العذبة جانباً رئيسياً لنمو وإزدهار الحضارات على مر العصور, حيث تعتبر وفرة المياه ونوعيتها أمرين حيويين ومركزيين لصحة الإنسان وتقدم الزراعة والصناعة والجوانب الأخرى من جوانب الحياة. عالمياً, هنالك نقصٌ في المياه العذبة سواء لأغراض الشرب أو الإستخدامات الصناعية والزراعية خاصة في المناطق القاحلة وشبه القاحلة, وذلك نتيجةً لإنخفاض معدل هطول الأمطار وإرتفاع معدل التبخربالإضافة إلى النمو السكاني وتغير المناخ. ولذلك فإن إعتماد إستراتيجية شاملة للتصدي لأزمة شح المياه وتدني جودتها باتت ضرورة ملحة, يجب أن تشمل هذه الإستراتيجية إعادة تدوير مياه الصرف الصحي وإستخدامها لأغراض الري, وأمور نقل المياه وتحلية مياه البحر والحصاد المائي وتبني مبدأ الإدارة المتكاملة والمستدامة للمياه .
من الطرق الحديثة للحصول على موارد مائية وبجودة عالية معالجة مياه الصرف الصحي وتحلية مياه البحر عن طريق "الخاصية الأسموزية العكسية" RO, وهي تكنولوجيا حديثة وشائعة الإستخدام تستخدم لتنقية المياه عن طريق عملية فصل تعتمد على الخاصية الاسموزية العكسية, وبها يتم ضخ الماء تحت ضغط عال خلال أغشية رقيقة شبه نفاذة لإزالة الأملاح وأي ملوثات أخرى عالقة به. يعتبر إستخدام RO حاجة بيئية ملحة حيث أصبح من الممكن الحصول بها على مياه على درجة عالية من النقاوة بحسب مواصفات مياه الشرب نظراً لكفاءتها العالية لإزالة المركبات الصناعية من المياه بما في ذلك المستحضرات الصيدلانية، والهرمونات ومنتجات العناية الشخصية وغيرها من المواد الكيميائية وإزالة الأملاح غير المرغوب فيها بعد المعالجة المسبقة, كما أن الضغط الاسموزي والقوة الأيونية المنخفضة نسبياَ في مياه الصرف الصحي تخفض تكاليف إستخدام الطاقة في عملية الترشيح بإستخدامRO..
يشكل الإتساخ Fouling" " بشكل عام والإتساخ الحيوي" "Biofoulingبشكل خاص التحدي الرئيسي في إستصلاح المياه العادمة بإستخدام هذه التقنية. يعرف الإتساخ بأنه تراكم المواد غير المرغوب فيها على أوجه الأسطح الصلبة. تؤدي هذه المشكلة إلى إنخفاض أداء أغشية RO في إعادة إستخدام المياه, حيث أن الإتساخ يتطلب التنظيف الكيميائي وبشكل دوري مما يؤدي إلى تقصير عمر الغشاء وبالتالي فرض عبئاً إقتصادياً كبيراً على وحدة تشغيل RO. هنالك أربعة أنواع رئيسية للإتساخ في أغشية RO وهي: الإتساخ العضوي والإتساخ الغروي والتحجيم والإتساخ الحيوي. يؤثر التحجيم والإتساخ العضوي على هيدروليكية التدفق، أما الإتساخين الغروي والحيوي فإنهما يقللان من التدفق بسبب زيادة الضغط الأسموزي.
تلعب المواد العضوية في النفايات السائلة (EfOM) دوراً رئيسياً في حدوث الإتساخين الغروي والعضوي في أغشية RO ولكن هنالك العديد من الطرق الفعالة للحد منهما, فعلى سبيل المثال، عمليات المعالجة المسبقة الأخرى مثل الترشيح الفائق(ultrafiltration) ، الترشيح الدقيق (microfiltration)، والعلاج بمسحوق الكربون المنشط(PACT)، MF، F ،GAC الإمتزازadsorption . أما مشكلة الإتساخ الحيوي فتعتبر واحدة من أكثر المشاكل صعوبة والتي تواجه عمليات معالجة المياه الحديثة, ذلك لأن إمكانية تكوين الغطاء الحيوي على سطح الغشاء كبيرة جداً وذات آثار مدمرة, حيث يمكن للمواد القابلة للتحلل مثل الأملاح والجزيئات العضوية الصغيرة أن تعمل كمغذيات لأزمة النمو الميكروبي في وحدات RO غير المعقمة. ولذلك ومن أجل الحد من الإتساخ الحيوي في أغشية RO، يجب إختيار الغشاء المناسب بعناية فائقة والقيام بالمعالجة الأولية بشكل كافي, كما تعتبر عملية تنظيف الغشاء RO من أهم الخطوات الأساسية للحفاظ عليه، وغالباً ما تستخدم عملية التنظيف عند ملاحظة الإنخفاض الكبير في التدفق أو إرتفاع ضغط الغشاء تحت عملية تدفق ثابتة. وللإختيار الأمثل لعامل التنظيف يجب الأخذ بعين الإعتبار خصائص العامل الذي أدى في الإتساخ بالإضافة إلى نوعية المواد المصنوع منها الغشاء, حيث أن الهدف من عمليات التنظيف هو إستعادة أداء الغشاء عندما يقل أداؤه عن المستوى المتوقع.
يتوفر حالياً مجموعة كبيرة ومتنوعة من مواد التنظيف التجارية, الخطوة الأولى لإختيار مواد التنظيف هي الفحص السريع لمواد التنظيف المتوفرة في الأسواق مع فحص لمكوناتها وآليات عملها, هذا الإجراء الفحصي هو خطوة أساسية لتقليل تكاليف المبيدات ومواد التنظيف. إلى جانب ذلك، فإن الإختيار الحكيم والصحيح لمادة التنظيف المناسبة هي خطوة مهم للحد من تكرار إستبدال وحدة غشاء RO. ومن الجدير بالذكر أنه لوحظ وبعد الإستعمال الروتيني والمتكرر لمضادات الجراثيم ذاتها أن المايكروبات أقلمت نفسها لمقاومة المضادات البيولوجية مما أدى إلى تقليل كفاءة القضاء على الملوثات وزيادة تكلفة إستهلاك المواد الكيميائية وبالتالي زيادة تكلفة إنتاج المياه.
وتنقسم مواد التنظيف الكيميائية المستخدمة لمقاومة إتساخ الأغشية RO في محطات التحلية عادة إلى ست فئات: الأحماض والمحاليل القلوية، المحاليل السطحية، عناصر كلابية المعادن ((metal chelating agent، العوامل المؤكسدة، والإنزيمات. عادة ما تحوي منتجات التنظيف التجارية خليطاً من هذه المواد ولكن التركيبة المحددة لهذه المنتجات ما زالت مجهولة.
التوصية:
عالمياً, تعتبر المنطقة العربية واحدة من أكثر المناطق التي تعاني من ندرة المياه, يمكن لتحلية المياه أن تكون حلاً حاسماً لأزمة شح المياه في منطقتنا التي تنعم بمناطق ساحلية. لذلكونظراً لمحدودية مصادر المياه العذبة ولضمان توفير المياه للأجيال القادمة، ينبغي لمنطقتنا أن تأخذ بعين الإعتبار إعتماد إستخدام تقنية الخاصية الأسموزية العكسية (RO) في تقنيات معالجة المياه المختلفة والتي من ضمنها تحلية مياه البحر وإعادة تدوير المياه العادمة, مع الأخذ بعين الإعتبار معوقات الإستخدام الفعال لهذه التقنية وهي ظاهرة إتساخ الغشاء. إن معالجة النفايات السائلة ليست بالمهمة السهلة وذلك لأنها تحتوي على تراكيز عالية من المواد العضوية والملوثات البيولوجية والتي من ِشأنها زيادة إحتمالية تلف الأغشية, لذلك يجب العمل على تطوير التكنولوجيا RO والتقليل من مشاكل الغشاء كالتالي:
1 . تشجع الأبحاث المتعلقة بتطوير أغشية RO لتصبح أقل عرضة للملوثات ولتطوير مقدرتها على العمل تحت الضغط المنخفض وبالتالي تخفيض الكلفة التشغيلية وإستهلاك الطاقة, كما يجب أن تتركز الأبحاث أيضاً على تقييم الظروف في المنطقة وتحديد أفضل الطرق لربط هذه التقنية مع التقنيات المتوفرة الأخرى لتحلية مياه البحر.
2 . تطوير الحلول البيولوجية المستدامة وأساليب وإستراتيجيات تزويد المياه من أجل السيطرة على ملوثات الغشاء مع أقل قدر ممكن من الأضرار البيئية.
3 .إستخدام المياه العادمة المكررة في توليد الطاقة وإنتاج المركبات الكيميائية.
4. تطوير تكنولوجيا أكثر كفاءة في إستخدام الطاقة وإستخدام تقنية RO بالتزامن مع مصادر الطاقة المتجددة كالطاقة الشمسية وطاقة الرياح.
5. بناء القدرات والتدريب على تشغيل وصيانة محطات التحلية وتصنيع بعض أجزائها وقطع غيارها محلياً.
6. تجهيز خطة طوارئ وحل المشكلات.
7. تبادل المعلومات والخبرات بين دول المنطقة نظراً لتطابق تقنيات التحلية المستخدمة ونوعية المياه التي يتم تحليتها، والآثار البيئية الناتجة عن محطات التحلية في جميع أنحاء المنطقة.
9. إنشاء قواعد بيانات وتأسيس معاهد إقليمية للبحث في حلولِ للمشاكل البيئية التي تولدها صناعة التحلية.
10. تعزيز تطبيق التشريعات البيئية القائمة التي تتناول التلوث البحري والمخالفات البيئية.
المراجع
1. A. Al-Amoudi, R.W. Lovitt, Fouling strategies and the cleaning system of NF membranes and factors affecting cleaning efficiency, J. Membrane Sci. , 303 (2007) 4-28.
2. 3. Abdul-Wahab, S.A., Al-Weshahi, M.A., 2009, Brine management: substituting chlorine with on-site produced sodium hypochlorite for environmentally improved desalination processes. Water Resources Management, v. 23, pp. 2437-2454.
4. Ahmed, M., Arakel, A., Hoey, D., and Coleman, M., 2000, Integrated power, water and salt generation — a discussion paper: Department of Soil and Water, Sultan Qaboos University, 11 p.
5. Al Barwani, H.H., and Purnama, A., 2007, Re-assessing the impact of desalination plants brine discharge on eroding beaches. Desalination, v. 204, pp. 94-101.
6. Al Barwani, H.H., and Purnama, A., 2008, Evaluating the effect of producing desalinated seawater on hypersaline Arabian Gulf. European Journal of Scientific Research, v. 22, no. 2, pp. 279-285.
7. Al Dousari, A.E., 2009, Desalination leading to salinity variations in Kuwait marine waters. American Journal of Environmental Sciences, v. 5, no. 3, pp. 451-454.
8. Al Malek, S.A. and Mohamed, A.M.O., 2005, Environmental impact assessment of off shore oil spill on desalination plant. Desalination v. 185, pp. 9-30.
9. Al Mutaz, I.S., and Al Sultan, B., 1997, Operation characteristics of Maufouha reserve osmosis plants: The IDA World Congress on Desalination and Water Reuse, Madrid, Spain, October 6-9, 1997, 25 p.
10. Al Mutaz, I.S., 2001, Potential of nuclear desalination in the Arabian Gulf countries. Desalination, v. 135, pp. 187-194.