التنقيب البحري الإسرائيلي عن الغاز والنفط ومنشآت تحلية المياه وتوسيع الموانئ
والتلوث والصيد الجائر للأسماك دمر مناطق واسعة في البحر المتوسط
منصة إسرائيلية للتنقيب عن النفط في البحر المتوسط مقابل الساحل الفلسطيني. أي تسرب نفطي سيؤدي إلى تسميم الثروة النباتية والحيوانية البحرية-تصوير ألبتروس
خاص بآفاق البيئة والتنمية
كشف مؤخرا تقرير شامل حول البيئة البحرية في فلسطين أعدته مؤسسة "الأكاديمية الوطنية للعلوم" الإسرائيلية بأن مناطق فلسطينية واسعة في البحر المتوسط تضررت بشكل خطير نتيجة عمليات "التطوير" و"البناء" الإسرائيلية، وبسبب التلوث والصيد الجائر للأسماك. وبَيَّنَ التقرير بأنه رغم خطورة التهديدات على البيئة البحرية الفلسطينية، فإن ربع بالمائة فقط من المناطق البحرية محمية حاليا. واعتبر التقرير أن الزيادة الهائلة في مشاريع البنية التحتية الإسرائيلية التي تتضمن التنقيب البحري عن الغاز والنفط، ومنشآت تحلية مياه البحر، وتوسيع الموانئ والشروع في إقامة جزر صناعية، تعد من أبرز المهددات المدمرة للبيئة البحرية الفلسطينية. واستند التقرير إلى معطيات بعض المؤسسات البحثية والعلماء في هذا المجال.
وبحسب معطيات التقرير، تسبب العامل البشري في إيذاء المكونات المحيطة بالشواطئ البحرية، وتحديدا مسطحات الصخور المحاذية للشواطئ والتي تساعد في حمايتها وتشكل موئلا للعديد من أنواع الحيوانات. وفي السنوات الأخيرة تضررت تلك المسطحات الصخرية بسبب الانخفاض الكبير في القواقع (الحلزونات) المسؤولة عن بناء تلك الصخور، وذلك باستخدام تلك القواقع لهياكل أجسامها العظمية. وفي بعض المناطق اختفت تماما القواقع، ما أدى إلى عملية انهيار وتهالك الصخور.
وحذر التقرير من خطورة التهديد على المنطقة الرملية القريبة من الشاطئ، والذي قد ينشأ من عملية مكافحة الجرف الساحلي. كما أشار إلى أن بعض الكائنات البحرية، مثل السلاحف البحرية، مهددة بالانقراض. وقد خصص فصل خاص حول الخطر الذي يشكله الصيد على موائل الحيوانات البحرية؛ علما بأن الخطر الرئيسي على هذه الحيوانات نابع من استخدام الشباك التي تُجَر على أرضية البحر وتكتسح كل ما في طريقها. ويقدر بأن مثل هذه الممارسة تغطي مساحة تزيد على 3000 كيلومتر مربع. كما أن أضرارا خطيرة أخرى على الأحياء البحرية يتسبب فيها صيد الهواة والغطاسين في المناطق الصخرية، وبخاصة صيد أسماك اللُقُّز.
وذكر التقرير بأن المنشآت المقامة في البحر قد تتسبب في أضرار خطيرة للبيئة البحرية، وبخاصة المنشآت الخاصة بالتنقيب عن الغاز والنفط، نظرا لمخاطر التسرب النفطي الذي قد يؤدي إلى تلوث بحري كارثي. يضاف إلى ذلك، التأثير السلبي الناجم عن منشآت التحلية التي تعالج حاليا 300 مليون متر مكعب من المياه البحرية سنويا؛ علما بأن محاليل ملحية تحوي مواد كيميائية مختلفة تتدفق من هذه المرافق نحو البحر، وبسبب كثافة تلك المحاليل وميلها للترسب فقد تتسبب في أضرار كبيرة للكائنات البحرية.
وقد لوحظ بأنه في مناطق محطات التحلية الإسرائيلية اختفت أنواع بحرية معينة وتكاثرت أنواع أخرى. ويتوقع أن تتفاقم الأضرار الناجمة عن منشآت التحلية على البيئة البحرية، نظرا للخطط الإسرائيلية الخاصة بزيادة كميات المياه المحلاة، لتصل إلى 750 مليون متر مكعب في نهاية العقد الحالي، بالنظر إلى الكثافة النسبية لتلك المنشآت.
وكانت مجلة آفاق البيئة والتنمية في أعداد سابقة، وبخاصة العددين الصادرين في آب 2012 وشباط 2013، قد كشفت عن مدى التمادي الإسرائيلي في استنزاف وتدمير الموارد البحرية والشواطئ الفلسطينية ومدى تفاقم التلويث الإسرائيلي لمياه البحر المتوسط وشواطئه، وحذرت من المخططات الإسرائيلية الهادفة إلى توسعة وتكثيف التجمعات الاستيطانية الترفيهية على شواطئ القرى الفلسطينية المدمرة جنوب حيفا، ناهيك عن البدء في عمليات تنقيب ضخمة عن النفط مقابل شواطئ أسدود وغزة.