الاحتلال الإسرائيلي يسرق التربة الخصبة من الضفة الغربية وينقل إليها الترب الملوثة

جزء من الترب الإسرائيلية الملوثة تنقل إلى موقع محاذ لهذه المستعمرة(المسماة مسواه) في الأغوار
خاص بآفاق البيئة والتنمية
كشفت جهات حقوقية وبيئية إسرائيلية مؤخرا، أن وزارة البيئة الإسرائيلية منحت في شهر حزيران الماضي ترخيصا لنقل التربة الملوثة بالوقود من الأرض المحتلة عام 1948 إلى أراضي الضفة الغربية، وبخاصة إلى منشأة إسرائيلية لمعالجة النفايات في الأغوار الفلسطينية المحتلة. وبالرغم من العواقب البيئية-الصحية الخطيرة الناتجة عن معالجة التربة الملوثة في أراضي الضفة، فإن الوزارة المذكورة تزعم بأن المنشأة الإسرائيلية مزودة بالوسائل اللازمة لمنع انتشار التلوث إلى المحيط الفلسطيني. كما تدعي ذات الوزارة بأن نقل النفايات الملوثة إلى الأغوار لا يتضمن أية مشكلة سياسية، وذلك رغم أن المنطقة الأخيرة تعتبر وفقا للقانون الدولي أرضا محتلة؛ وبالتالي، تنطبق عليها الاتفاقيات والمعاهدات الدولية التي تحرّم التخلص من نفايات الدولة المحتلة (إسرائيل) في الأراضي الرازحة تحت احتلال عسكري (الضفة).
الجدير بالذكر أن المنشأة الاستيطانية المسماة "كمبوست أور" المحاذية لمستعمرة "مسواه" في الغور الفلسطيني تعالج منذ بضع سنوات أنواعا مختلفة من النفايات المنزلية والزراعية الإسرائيلية وتُدَوِّر معظمها إلى سماد عضوي (كمبوست). وقد سمحت وزارة البيئة الإسرائيلية مؤخرا بنقل الترب الإسرائيلية الملوثة بالوقود إلى ذات المنشأة، وذلك تماشياً مع سياسة هذه الوزارة التي تدعم بقوة النشاط الاستعماري في الضفة وتعمل على تثبيت العديد من المشاريع الصناعية الإسرائيلية فيها. وبحسب مزاعم الوزارة الإسرائيلية، يمكن معالجة التربة التي مستوى تلوثها بالوقود غير مرتفع، بطرق بيولوجية في مكبات النفايات العادية (أي في الضفة المحتلة-ج. ك.)، وليس في مكب النفايات "القطري" الخاص بالنفايات الخطرة والكائن في صحراء النقب (في الموقع المسمى "رمات حوفيف")، حيث كانت تدفن الترب الإسرائيلية الملوثة. ومن المعروف أن الاحتلال الإسرائيلي حَوَّلَ العديد من أراضي الضفة المحتلة (في مناطق رام الله والخليل وطولكرم ونابلس وغيرها) إلى مزابل لنفاياته.
ومن المفيد التذكير أيضا، بأن إنشاء جدار العزل الكولونيالي الذي يعد من أبرز وأبشع جرائم الحرب الإسرائيلية ضد الإنسان والبيئة، تضمن سرقة التربة السطحية الخصبة من الضفة الغربية ونقلها إلى داخل الأراضي المحتلة عام 1948؛ أي أن الاحتلال يسرق التربة الخصبة من الضفة، وفي المقابل، ينقل إليها التربة الملوثة. وذلك إضافة إلى آثار الجدار المدمرة على مئات آلاف الدونمات من الأراضي الفلسطينية المزروعة والخصبة التي جُرِّفَت ونُهِبَت، فضلاً عن تدمير الغطاء الأخضر، واقتلاع وسرقة مئات آلاف أشجار الخروب، والزيتون، واللوزيات، والنخيل، واجتثاث النباتات البرية النادرة، وتهديد التنوع الحيوي وبعض الأنواع الحيوانية، كما في منطقة جنين والأغوار، مثل الطيور البرية، والغزلان، والقنفذ الصخري، والذئاب، والضباع، وتهديدها بالانقراض.
والمسألة هنا لا تكمن فقط في العواقب الصحية الناجمة عن انتشار التلوث من الترب الملوثة إلى المحيط الفلسطيني، بل أيضا الأذى الذي تسببه مثل هذه الترب للأراض الزراعية في الأغوار، والتي تبعد عشرات الأمتار عن مواقع الترب الإسرائيلية الملوثة؛ ناهيك عن تلويث المياه الجوفية.