خاص لـ آفاق البيئة والتنمية
اعتبرت شجرة الزيتون منذ القدم ركيزة مهمة من ركائز الإقتصاد الفلسطيني، وقد دخلت في لب الصراع مع الإحتلال الإسرائيلي حيث عمد الإحتلال على محاربتها واقتلاعها بشكل ممنهج، كونها تعد أحد العوامل التي تربط بين الفلاح الفلسطيني وأرضه، وتزايدت وتيرة هذه الاعتداءات منذ عام 2000 حين بدأ الاحتلال في شق الطرق الإلتفافية، وأخذ يصادر مساحات كبيرة لبناء المستوطنات وصولا إلى بناء جدار الفصل العنصري الذي قضى على آلاف الأشجار وحال بينها وبين أصحابها.
ركيزة للاقتصاد
تغطي حقول الزيتون في الضفة وقطاع غزة مساحة كبيرة، فبحسب مركز المعلومات الوطني الفلسطيني فإن 58% من المساحة المزروعة هي من أشجار الزيتون، ويقدر عدد أشجار الزيتون قرابة 11 مليون شجرة زيتون. هذه المعطيات تجعلنا نعطي شجرة الزيتون اهتماما كبيرا، فهي شجرة ذات أنتاج متعدد الاستخدام وقليلة التكلفة من حيث العناية والمتابعة.
ويساهم منتوج شجرة الزيتون في الانتاج الزراعي السنوي في السنوات الجيدة 14%، مع العلم أننا في الضفة والقطاع يتركز استغلالنا لمنتوج تلك الشجرة على الزيت والزيتون " الرصيص "، ولو تم استغلال شجرة الزيتون بشكل أكثر فاعلية كما في الدول المتقدمة فإن تلك النسبة سترتفع، فاستغلال الجفت وهو ما ينتج عن عملية استخراج الزيت لتوليد الطاقة، وكذلك الاستعمالات العلاجية لزيت الزيتون وتصنيع الأدوية والكريمات أيضا يساهم في زيادة نسبة المشاركة في تحسن الاقتصاد، بالاضافة إلى استغلال الحطب فهو ذو جودة عالية، واستعمالات أخرى كثيرة غائبة عن المزارع الفلسطيني.
الطرق الخاطئة لقطع أفرع أشجار الزيتون
هل نعطيها حقها؟
شهدت السنوات الأخيرة تراجعاً ملحوظاً في الاهتمام بشجرة الزيتون، وهذا انعكس على كمية المنتوج السنوي للزيت، فالكثير من المزارعين لم يعودوا يهتموا بحقولهم ولو بشكل بسيط كحراثتها، بل أصبحوا يلجأون إلى رشها بالمبيدات الكيماوية للقضاء على الأعشاب، يقول المزارع محمد علي ويعمل في تقليم أشجار الزيتون منذ عشرين عاما:" في قريتنا مثلا تناقص عدد من يحرثون أرضهم بشكل كبير، بل إن المعظم لا يزور أرضه سوى في موسم قطف الزيتون، ويستعمل العصي لجمع الثمار وهذا يلحق ضررا كبيرا بتلك الشجرة المباركة".
أما كل من أحمد عابد ومنذر أبو سليم وكلاهما يعملان أيضا في تقليم أشجار الزيتون منذ سنوات فيجمعان على قلة خبرة معظم الفلاحين في كيفية الاعتناء بشجرة الزيتون، ويضيفا أن كثيراً من الحقول التي عملا على تقليمها وجداها في حالة يرثى لها؛ فالمعظم يترك الأغصان البرية التي تنبت قرب الساق وهي لا تثمر وهذا يؤثر سلبا على الشجرة، والمشكلة الأكبر أن الفلاح عند التقليم يلجأ إلى تقصير الأفرع بدلا من إزالتها بشكل كامل، ناهيك عن عدم حراثة الأرض بشكل سنوي".
عناية طبيعية
كغيرها من الأشجار تحتاج شجرة الزيتون إلى العناية والتقليم والتسميد، ولا بد أن نؤكد أن أفضل طريقة للعناية بهذه الشجرة المباركة تكون فقط بالعناية الطبيعية العضوية، وأن نبتعد كل البعد عن المواد الكيماوية سواء للتسميد أو للقضاءعلى الأعشاب التي تنبت في حقول الزيتون.
تحتاج شجرة الزيتون إلى التسميد سنويا، ويكون هذا التسميد مع بداية فصل الشتاء أي مع الحرثة الأولى، ويفضل استعمال السماد الطبيعي كونه لا يترك أثرا ضاراً على التربة أو على الشجرة نفسها.
كيف يصنع؟
يمكن لأي فلاح أن يحضر ما يحتاج من السماد الطبيعي بنفسه، مما يوفر عليه أعباءً مادية هو في غنى عنها، فتحضير السماد الطبيعي يتم باستعمال مواد عادة ما نلقيها في القمامة، ونذكر هنا خطوات بسيطة لصنع السماد الطبيعي:
1. نحتاج إلى وعاء كبير أو حفرة في الأرض يفضل أن تكون في الظل.
2. نضع فيها أولا طبقة من أغصان وأوراق الأشجار.
3. نضع طبقة من القش والأوراق ونشارة الخشب.
4. نضيف فضلات الطعام والخضراوات التالفة إليها، بالإضافة إلى روث الحيوانات.
نتركه حتى تقوم البكتيريا بعملها، وينصح بتحريكه كل فترة، ويصبح جاهزا للإستعمال بعد أن تنقص الكمية إلى النصف تقريبا، ويصبح على شكل فتات.
موسم حراثة الأرض
مكافحة طبيعية
تحتاج شجرة الزيتون بالإضافة للتسميد إلى الحراثة والتقليم، ويجمع الخبراء والمهندسون الزراعيون على أن التقليم الصحيح والدوري والحراثة الجيدة للأرض كفيلة بأن تقضي على 90% من الآفات التي تسببها الحشرات لشجرة الزيتون.
تعمل الحراثة الجيدة على تهوية التربة والقضاء على الكثير من الحشرات والفطريات التي تسبب الأمراض لشجرة الزيتون، كما ويمكن للتقليم الصحيح والدوري أن يقضي على معظم الآفات التي تصيب شجرة الزيتون كذبابة الثمار، وسوسة الأغصان، وفراشة الزيتون، ودودة الأوراق، وعين الطاووس، وخنفساء القشور، وغيرها، حيث يؤدي تقليم الأغصان والأفرع المريضة والمكسورة إلى القضاء على معظم الحشرات التي تتخذ من هذه الأغصان والأفرع مكاناً للعيش والإختباء أثناء فصل الشتاء بحيث تتغذى على شجرة الزيتون، وعند قطعها وجمعها وحرقها نقلل من الأمراض التي يمكن أن تتسبب بها هذه الحشرات.
يهدف التقليم في الأساس إلى الحفاظ على شكل متوازن لشجرة الزيتون، ويفضل أن تبدأ عملية التقليم بعد نزول أكثر من 60 ملم من المطر، ويعتبر تحديد الأفرع الرئيسية للشجرة أولى خطوات التقليم الصحيح، ثم تتم عملية إزالة الأفرع المريضة والمكسورة، وهنا يجب إزالة الأفرع كاملة وليس جزءاً منها لأن ترك 20 سم مثلا من الفرع يمكن أن يؤدي إلى جفافه وبالتالي إتلاف الفرع الرئيسي الذي ينبت منه وتشققه.
بعد ذلك يجب العمل على التقليل من كثافة الاغصان الصغيرة وسط الشجرة، بحيث نسمح للهواء وأشعة الشمس من الوصول إلى قلب الشجرة وهذا يساهم في التقليل من الأمراض، وأخيرا نقوم بإزالة الأغصان التي تنبت أسفل الساق وهي أغصان برية لا تحمل الثمار في العادة، وكذلك نقوم بإزالة الأغصان الصغيرة الجافة من داخل وأسفل الأفرع الرئيسية.
وينصح الخبراء بعدم ترك الأغصان والأفرع بعد عملية التقليم ملقاة في الحقل، بل يجب العمل على جمعها مباشرة وحرقها بعيدا عن الحقل حتى نتمكن من القضاء على الحشرات والطفيليات الموجودة فيها قبل خروجها وعودتها إلى أشجار الزيتون.
أخضر الزيتون ولا يابس الحطب
يتلخص موضوع العناية بشجرة الزيتون في إعطائها حقها من العناية حتى تستطيع أن تقدم لنا منتوجا جيدا، لذلك علينا العودة إلى أرضنا والحفاظ عليها، فهي تحتوي على كنز كبير وهي حقول الزيتون التي تنتشر من شمال فلسطين حتى جنوبها، فلو تم العناية بكل أشجار الزيتون بحراثتها وتقليمها وتسميدها لأصبح الزيت أكثر إنتاجا ومساهمةً في تحسين الإقتصاد الوطني، ولأصبحنا من أوائل الدول المصدرة للزيت.
أشجار زيتون تم تقليمها