العدالة المناخية وسوء الإدارة البيئية

نشرت الأمم المتحدة مؤخرا تقريراً حول حصيلة الخسائر البشرية والاقتصادية في العالم الناتجة عن الكوارث الطبيعية المرتبطة بالتغيرات المناخية منذ سنة 1995 حتى حدود عام 2015، ويأتي إصدار هذا التقرير بالتزامن مع انعقاد قمة المناخ (كوب 21) التي ستنعقد بباريس أواخر شهر نوفمبر.
ويشير التقرير لكون 90% من الكوارث الطبيعية التي ضربت دول العالم ترجع بالأساس إلى اختلال المنظومة المناخية، ويذكر أن هذه الكوارث تسببت في مقتل أكثر من 600 ألف ضحية في العشرين سنة الأخيرة.
الدول العربية والتغيرات المناخية
لم تكن الدول العربية في منأى عن هذه المتغيرات المناخية الحادة التي تراوحت بين عواصف ثلجية على غرار عاصفة أليكسا التي ضربت منطقة "الشرق الأوسط" أواخر سنة 2013، والتي خلفت عشرات القتلى وتسببت في إلغاء ألوف الرحلات الجوية في المنطقة، وما بين موجات جفاف متتالية أصابت دول المغرب العربي وأثّرت سلباً على الإنتاج الزراعي حيث تجاوزت درجة الحرارة في تونس مثلاً حاجزالـ 54 درجة، كما سببت فيضانات طوفانية في لبنان ومصر أدت إلى سقوط العشرات من الضحايا وإلحاق خسائر مادية فادحة بالبنية تحتية في هذه الدول، هذا ويتوقع أن تكون الدول العربية دون استثناء عرضة لتقلبات مناخية خلال السنوات القادمة ستكون أكثر شراسة من سابقتها.
العدالة المناخية والعرب
يعتبر التحدي المناخي في الوطن العربي تحديا قياديا، يستوجب توفر حكومات وقيادات نزيهة ذات مبادئ ورؤية قادرة على تفهم أهمية المهام المسندة على عاتقها من طرف شعوبها، قيادات قادرة على إعداد وتأهيل شعوبها لمواجهة خيارات صعبة وتضحيات محتملة جراء الاحتباس الحراري، وعلى تنفيذ سياسات تخدم الأجيال الراهنة والقادمة.
بيد أن الدول الصناعية والنامية المتمثلة في الدول العربية كمثال تتحمل مسؤوليات غاية في التباين، سواء في خلق الأزمة المناخية أو حلها، فالدول العربية على سبيل المثال أسهمت بقدر ضئيل حقاً في غازات الاحتباس الحراري بـ4% من مجموع الانبعاثات إلا أنها ستكون الأكثر عرضة للآثار السلبية للتغير المناخي، وتقع على عاتق الدول الصناعية التزامات أمام العالم لا بخفض انبعاثاتها من غازات الاحتباس الحراري فحسب، بل وأيضاً بتقديم إلتزامات محددة بمساعدة الدول الفقيرة على التأقلم والسير على طريق التقدم دون كلفة باهظة للأرض، هذا هو مفهوم العدالة المناخية.
وفي نفس الوقت يجب على القيادات العربية أن ترتقي إلى مستوى التحدي فقد شهدت الكثير منها عقوداً طويلة من سوء الإدارة البيئية والإهمال، وغضت بعض الحكومات البصر عن التجاوزات البيئية والممارسات الغير المستدامة بل، وسهلت ممارستها تحت مسمى التنمية الاقتصادية.
لم يعد هناك مجال للتهرب من مواجهات الواقع فقد حان الوقت الآن فإذا فشلنا، ستكون تكلفة الفشل حقنا في الوجود والعيش في بيئية سليمة.