عام 2015 الأكثر سخونة في التاريخ المعاصر
خاص بآفاق البيئة والتنمية
تقول التقديرات والتوقعات المناخية بأن عام 2015 سيكون الأكثر سخونة في التاريخ المعاصر، منذ أن بدأت عملية التوثيق المناخي؛ إذ تخللها درجات حرارة متطرفة ضربت رقما قياسيا جديدا تجاوز الرقم السابق لسنة 2014.
"السلطة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي" التابعة للولايات المتحدة الأميركية، والتي ترصد درجات الحرارة في جميع أنحاء العالم، أعلنت في شهر تشرين أول الماضي أن شهر أيلول الأخير كان الأكثر سخونة من بين جميع القياسات التي جرت في هذا الشهر منذ بدء التوثيق المناخي؛ وقد ضرب رقما قياسيا جديدا تجاوز الرقم القياسي السابق لشهر أيلول من عام 2014. وبحسب السلطة ذاتها، فإن الفترة بين شهري كانون ثاني وأيلول تعتبر الأكثر سخونة على الإطلاق منذ بدء عمليات توثيق درجات الحرارة.
درجات الحرارة القصوى والاضطرابات المناخية المصاحبة لها ستؤثر على الوفود المشاركة في مؤتمر المناخ الدولي في باريس خلال شهر كانون أول الجاري؛ إذ ستقع تلك الوفود تحت ضغط سياسي كبير للتوصل إلى اتفاق تاريخي طموح يهدف إلى الحد بشكل كبير من انبعاثات غازات الدفيئة إلى الغلاف الجوي، ويؤدي بالتالي إلى حدوث تباطؤ في ظاهرة الاحتباس الحراري.
ويكمن السبب الرئيسي لدرجات الحرارة المتطرفة في شدة ظاهرة النينو، وهي عبارة عن ارتفاع درجة حرارة المياه في المحيط الهادئ؛ ما يتسبب بشكل مباشر في ارتفاع حرارة الغلاف الجوي. وقد ارتفعت درجات الحرارة خلال العام الجاري أكثر من النينو القوي الأخير الذي تم تسجيله في عامي 1997 و1998. وبالطبع، زيادة الانبعاثات الغازية تزيد من عملية حشر الحرارة في الطبقات السفلى للغلاف الجوي، بما في ذلك في المحيط الهادئ. خلاصة القول، سخونة العالم آخذة في الازدياد.
وقد لاحظ العلماء بأن درجات حرارة المياه في المحيط الهادئ أعلى بثلاث درجات مئوية من المتوسط الذي كان سائدا في القرن العشرين. وهذا الأمر يحدث أيضا في جميع أنحاء المحيط الهندي، وفي أجزاء كبيرة من المحيط الأطلسي والقطب الشمالي؛ وهو ما لم يحدث إطلاقا قبلئذ.
ويمكننا أن نلاحظ الآثار المترتبة على عملية الربط بين ظاهرة النينو وتأثير غازات الدفيئة المنبعثة إلى الهواء خلال السنة الحالية- يمكن أن نلاحظ ذلك في أحوال الطقس السائدة حتى الآن في جميع أنحاء العالم؛ مثل حرائق الغابات في إندونيسيا والجفاف في أستراليا وأفريقيا، ما تسبب في أزمة مجاعة حادة ، بما في ذلك بأثيوبيا. وفي وقت سابق من هذا العام سُجِّلَت موجات حرارة شديدة في الهند وباكستان قتل فيها آلاف الناس.
العلماء يحذرون منذ فترة طويلة من عواقب الطقس المتطرف. الأشهر المقبلة ستكون بمثابة اختبار للحكومات ومنظمات الإغاثة الدولية التي تدعم البلدان الفقيرة، لمعرفة ما إذا كانت تلك الدول والمنظمات قد استعدت بشكل صحيح لتوفير الغذاء للمناطق التي تضررت وسوف تتضرر بشدة من ظاهرة النينو هذا العام. الآثار عميقة لدرجة أن بعض الأبحاث تشير إلى أن البلدان الاستوائية أكثر عرضة للحروب الأهلية، بسبب وقوعها تحت ضغط التوتر والخوف من آثار النينو.
بعض العلماء المرموقين عالميا، مثل البروفيسور فلاديمير رومانوفسكي، ممن يبحثون في مسألة التراجع الدائم للجليد القطبي، يقولون بأن معدل ارتفاع درجة حرارة الطبقات المتجمدة من الكرة الأرضية بلغ مستوى "لا يمكن تصديقه". ويتوقع رومانوسكي ذوبان طبقات الجليد في بعض الأماكن بألاسكا بحلول عام 2070. ويخاف الباحثون من أن ذوبان الأنهار الجليدية سوف تؤدي إلى إطلاق غاز الميثان المتراكم في الجليد إلى الهواء؛ ما سيفاقم التغير المناخي أكثر فأكثر.
فعندما بدأت القياسات، كانت درجات حرارة طبقات الجليد ثماني درجات مئوية تحت الصفر؛ لكن الآن وصلت إلى درجتين مئويتين ونصف تحت الصفر في منطقة الساحل القطبي. وقبل عشر سنوات كانت الغالبية الساحقة من الخبراء في العالم تقول بأن ذوبان الجليد البحري في ألاسكا لن يحدث قبل نهاية القرن الحالي؛ لكنهم الآن يعتقدون بأن الذوبان يمكن أن يحدث بين السنوات 2070-2080.