بمشقة واضحة تدفع ُأم ٌعربةَ صغيرتها التي انحرفت عجلاتها عن الرصيف، بينما كانت تلتفت بعينيها نحو طفلها الذي يمسك بعباءة جدته التي تحاول أن تجد موضع قدم في رصيف ابتلعته بضائع المحلات التجارية في محافظة جنين.
"بدنا رصيف"، "غير لائق"، "غير حضاري"، "انتهاك لحريتي". بهذه العبارات وصف المارة والمتسوقون بضاعة المحلات التجارية التي تكون معروضة على الأرصفة في محافظة جنين.
"القانون لا يلزمنا"، "القانون لا يطبق على الجميع"، "هناك رشوات لمفتشي البلدية"، "نواجه منافسة البسطات التي لا تدفع الضرائب". هذه كانت حجج أصحاب المحلات التجارية في محافظة جنين والتي يعللون بها سبب عرضهم للبضاعة على الأرصفة.
ساند أصحاب المحلات التجارية في حُججهم نائب رئيس الغرفة التجارية والصناعية في جنين محمد حمارشة والذي قال: "كلام صحيح وسليم نتيجة عرض البضاعة من قبل البسطات مما يعيق حركة البيع عند المحلات، فيضطر أصحاب المحلات الى عرض البضاعة على الرصيف من أجل تسويقها والمحل له خلو وإيجار وضرائب فأصحاب المحلات التجارية بالحقيقة يعانون من هذه المشكلة".
كلام أصحاب المحلات التجارية غير صحيح فالقانون يطبق على الجميع، بحسب مدير دائرة الصحة والبيئة في بلدية جنين توفيق أبو عبيد، والذي أكد أنه في كل عام تمتلئ مستودعات البلدية ببضاعة المحلات المعروضة على الأرصفة والتي يتم مصادرتها.
وردَ أبو عبيد على حجة أصحاب المحلات لعرضهم بضاعتهم على الأرصفة بالبسطات التي تقف أمام محالهم، بأن أصحاب المحلات لا يتقدمون للبلدية بشكوى بوجود بسطة أمام محالهم لتقوم البلدية بإزالتها.
ويقرُّ مساعد محافظ محافظة جنين منصور السعدي بوجود بسطات أمام المحلات التجارية. مؤكدا ً بأن المحافظة طلبت من البلدية والغرفة التجارية والصناعية في جنين إخلاء الأرصفة للمارة والمتسوقين.
ويتابع السعدي: "لا يجوز لأصحاب المحلات التجارية الاعتداء على الرصيف، على اعتبار أن هناك بسطة أمام محلاتهم وعلى البلدية أن تقوم بإزالتها".
ووصف أبو عبيد اتهام أصحاب المحلات التجارية لمفتشي البلدية بتلقي الرشوات في محاولة منهم للتشهير بموظفي البلدية مبينا ًجهوزية البلدية لمحاسبة موظفيها حال ثبت تورطهم بالرشوات.
تقصير من؟
تأكيد السعدي هذا يشير الى تقصير في مكان ما. نائب رئيس الغرفة التجارية والصناعية في جنين محمد حمارشة يقول بأن موضوع القانون في السوق يرجع للبلدية وشرطتها، مشددا ًعلى ضرورة الحفاظ على الأرصفة وقانونها الذي يمنع عرض البضاعة وخاصة المواد التموينية عليها.
- قانون الغرفة التجارية والصناعية يعطي المحلات التجارية كافة ً 50 سم كمسافة من الرصيف أمام محالهم لإظهار وعرض بضاعتهم.
- قانون بلدية جنين يعتبر الرصيف ملك للمواطن بحسب أبو عبيد ويتابع : " البلدية تسمح ب ِ40 سم كمسافة من الرصيف أمام كل محل باستثناء محلات المواد التموينية، وليس في كل المواقع على الأرصفة فالأرصفة الضيقة لا يسمح للمحلات التجارية ولا بـ "سنتمتر" واحد خارج محلاتهم . أما الأرصفة الكبيرة فنسمح لهم بتجاوز الـ 40 سم ".
كلام أبو عبيد يتناقض مع إجابته لسؤال وجهته المجلة له: "أصحاب المحلات التجارية يقولون بأن مشروع عداد السيارات الذي وضعته البلدية على جوانب الشوارع حجب رؤية المتسوقين لمحلاتهم؟" فردَ أبو عبيد: "صاحب المحل لا يحق له " سنتمتر" واحد خارج محله وهذا ليس عذراً، حدوده داخل المحل والرصيف ليس ملك لأصحاب المحلات".
وأشار أبو عبيد الى أن الغرفة التجارية والصناعية صاحبة الولاية الأولى على المحلات التجارية في المحافظة. مؤكدا ًبأن الغرفة التجارية والصناعية مقصرة جدا ًوذلك لوجود محلات تجارية تعرض بضاعتها على الأرصفة وتحت أشعة الشمس بجانب مبنى الغرفة التجارية، موضحا بأن مدير وأعضاء الغرفة يمرون من جانبها ولا يقولون لهم شيئا ًولا يحاسبونهم.
رصيف قاتل!
حالات تسمم كثيرة بسبب البضاعة المعروضة على الرصيف بحسب تصريحات محمد حمارشة معللا ذلك بسبب عرضها تحت الشمس والمطر، الأمر الذي أدى الى فساد صلاحيتها رغم أنها سارية المفعول.
يشارك حمارشة في الرأي أبو عبيد : يوجد حالات تسمم بسبب البضاعة المعروضة من شبسات وعصائر ويوجد تقارير بالمستشفى تثبت ذلك. ويقر السعدي بوجود بضاعة على الأرصفة تتأثر بالشمس وبالتالي تصبح مواد مضرة ومسرطنة.
إذن الجهات المسؤولة عن تنظيم الأرصفة في محافظة جنين كلٌ منها يلقي بالمسؤولية على عاتق الآخر. ليبقى السؤال إلى متى ستستمر المحال التجارية في جنين بابتلاع ما ملّكه القانون للمواطن؟