عمان / خاص: قال مسؤول كبير في منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة "فاو" أن اشتداد الحرب في مناطق زراعة القمح الرئيسية في شمال سوريا هذا العام سيزيد من صعوبة وصول المزارعين إلى أراضيهم، وقد يعيق زراعة المزيد من الحبوب هذا الموسم.
وقال عبد السلام ولد أحمد، المدير العام المساعد للـ"فاو" والممثل الإقليمي للشرق الأدنى وشمال أفريقيا، أن الظروف بالنسبة للمزارعين تتدهور على الرغم من أن توقعات الأرصاد الجوية تشير إلى موسم أمطار جيدة للسنة الثانية على التوالي.
وقال ولد أحمد "تفاقم الصراع في سوريا أكثر، وازدادت حدة تأثيره على الإنتاج". وأضاف "الأوضاع داخل سوريا اليوم صعبة للغاية بالنسبة للإنتاج الزراعي، وهناك الكثير من المعوقات التي تحول دون استمرار المزارعين في زراعة حقولهم، من بينها المخاوف الأمنية وصعوبة تخزين وبيع منتجاتهم".
وأشار إلى "تفاقم القتال في المحافظات التي تشكل سلة الغذاء لسوريا"، في إشارة إلى محافظات الحسكة والرقة ودير الزور، وهي محافظات تنتج وحدها 70% تقريبا من إجمالي محصول القمح في البلاد.
وشهدت هذه المناطق قتالا عنيفا هذا العام بين وحدات حماية الشعب الكردية المدعومة بتغطية جوية أمريكية ومقاتلي تنظيم داعش. وهذا هو أشد قتال تشهده هذه المنطقة منذ بداية الحرب.
كما اشتد الصراع في محافظة حلب، وفي سهل الغاب الخصب في محافظة حماه، وفي محافظة إدلب بشمال غرب البلاد، وجميعها أراضِ صالحة للزراعة.
وقال ولد أحمد ان الصراع المتنامي سيعيق موسم الزراعة، حتى لو كان معدل هطول الامطار ممتازاً، كما كان في العام الماضي.
وحل موسم الأمطار في العام الماضي مبكرا، وساهم في تعزيز إنتاج الزراعات الموسمية، وسجل أفضل معدلات هطول الأمطار منذ عشر سنوات، ليساهم في زيادة إنتاج القمح إلى ما يقدر بواقع 2.445 مليون طن في 2015، وهو مستوى أفضل بكثير من العام السابق الذي تميز بالجفاف.
وقال المسؤول في المنظمة أن إنتاج الشعير بلغ 986 ألف طن في 2015، وهو المستوى الأفضل له منذ عام 2006، على الرغم من أن الإنتاج تركز في مساحة زراعية أصغر. غير أن الموسم الذي شهد أمطارا غزيرة لم يساهم كثيرا في وقف تراجع مساحة الأراضي المزروعة في عام 2015، والتي تقلصت بشكل ممنهج منذ بداية الصراع في 2011. وتشير التقديرات إلى أن مساحات زراعة القمح بلغت الآن أدنى مستوياتها منذ ستينات القرن العشرين.
ولا يزال إنتاج القمح يقل 40% عن مستوياته قبل الحرب. وقال ولد عمر أن "فاو" توسع عملياتها في أنحاء سوريا، وتعزز عملية توزيع البذور وتقديم المساعدة الفنية في المناطق التي تسيطر عليها الحكومة، وتلك الخاضعة لسيطرة الفصائل المسلحة، للمساهمة في كبح تراجع مساحة الأراضي المزروعة.
وحذر ولد أحمد من أن نطاق الصراع يزيد من تدهور الأوضاع الصعبة بالفعل التي يواجهها المزارعون في تخزين ونقل وتسويق السلع الزراعية.
وأشار إلى أن معدلات التضخم ارتفعت بدورها، جراء خفض قيمة العملة المحلية أمام الدولار، وارتفاع أسعار الوقود، بالإضافة إلى النقص المزمن في الأسمدة وهو ما رفع تكلفة الإنتاج.
وقال "ستزداد حدة المصاعب التي يعاني منها المزارعون في نقل محصولهم عبر الجبهات التي يضطرون عند عبورها في كل مرة إلى دفع جزء من إنتاجهم".
وتسبب انخفاض إنتاج الغذاء في أن تعتمد سوريا بشكل أكبر على المساعدات الغذائية، التي يقدمها برنامج الأغذية العالمي ومنظمات أخرى.
وأضاف ولد أحمد أن احتياجات الاستيراد، تزيد على الرغم من وجود ملايين اللاجئين خارج سوريا، الأمر الذي قلص الاحتياجات الغذائية بشكل عام في الداخل.
وقال "الواردات ستتنامى، لكنها ستكون أكثر كلفة بسبب أقساط التأمين التي ارتفعت بشكل كبير، وهو ما يجعل كلفة استيراد الطن الواحد من القمح إلى سوريا أعلى كثيرا".
ونقل ولد أحمد عن إحصاءات منظمة "فاو" أن أكثر من نصف السكان في سوريا يعانون حاليا من سوء التغذية وانعدام الأمن الغذائي، في بلد كانت في وقت ما تتمتع باكتفاء ذاتي، ولا تنتج الآن سوى نصف كمية الغذاء التي تستهلكها.
وتلقى القطاع الزراعي ضربة قوية جراء انهيار نظام حكومي مركزي، كان يزود المزارعين بالبذور والوقود بأسعار مدعمة ويعرض أسعارا مغرية لإعادة شراء القمح بشكل فوري بعد الحصاد.