باريس / خاص: يطالب أخصائيو المناخ بتخزين غاز ثاني أوكسيد الكربون تحت الأرض ويعتبرونه أمرا ضروريا لمكافحة ظاهرة الاحتباس الحراري، لكنه حل مكلف ويتأخر تطبيقه لعدم توفر حوافز مالية للصناعيين.
وقالت إيزابيل تشرنيكوفسكي-لوريول، رئيسة شبكة "سي او2 جيونت" التي تضم 16 معهد أبحاث أوروبيا "تم حتى الان تخزين 50 مليون طن، لكنها لا تمثل سوى 0.06% مما ينبغي القيام به بحلول 2050" وفق توصيات الوكالة الدولية للطاقة.
وفي موازاة الأنشطة التي تؤدي إلى خفض انبعاث غازات الدفيئة (المسببة لظاهرة الإحتباس الحراري) ترى الوكالة الدولية للطاقة انه يجب دفن 90 مليار طن من ثاني أوكيسد الكربون الناجمة عن الصناعات للحد من ارتفاع حرارة الأرض تحت عتبة درجتين مئوية مقارنة مع الحقبة ما قبل الصناعية، وهو الهدف الذي تسعى إليه الأسرة الدولية.
ففي حال تجاوز عتبة الدرجتين سيكون تأقلم السكان مع الظروف المستجدة مستحيلا في مناطق عدة من العالم، وفق المجموعة الحكومية لخبراء المناخ، الذين يعتبرون أيضا أن تخزين ثاني أوكسيد الكربون ضروري لتحقيق هذا الهدف، خصوصا لأنه في العديد من الدول مثل الصين والهند لن يتم اقفال محطات توليد الكهرباء بالفحم الحجري والتي تصدر كميات كبيرة من ثاني أوكسيد الكربون.
وترمي هذه التكنولوجيا إلى تجميع ثاني أوكيسد الكربون لدى انبعاثه من المداخن الصناعية، ونقله إلى مركز تجميع مثل آبار النفط المستهلك وخزانات المياه الجوفية المالحة.
وفي العام 2000 تم تطبيق عدة مشاريع تجريبية. لكن الحماسة لهذه التكنولوجيا تراجعت لأن كلفتها الإضافية لا يعوض عنها إلا نادرا بحوافز مالية للجهات الملوثة. وقالت سامويلا باسي، من "لندن سكول اوف إيكونوميكس" أن الكلفة هي احدى العقبات الرئيسية لنشر هذه التكنولوجيا.
تم في 2013 التخلي عن مشروع ضخم لتخزين الكربون في مصفاة مونغشتاد (في النرويج). وفي 2014 تخلت مجموعة "فاتنفول" السويدية العملاقة عن هذه التكنولوجيا، بعد أن استثمرت فيها اموالا كثيرة.
وحاليا هناك حوإلى عشرين مشروعا صناعيا كبيرا جاري تشغيلها، أو هي على وشك ان تبدأ العمل. وقالت ايزابيل تشرنيكوفسكي-لوريول "كنا نأمل قبل سنوات ان يصبح عدد المشاريع الجاري تشغيلها 100 في العام 2020، لكن وفي الوضع الحالي لن يتخطى عددها الثلاثين". وأضافت ان المشاريع المربحة الوحيدة اليوم هي تلك المرتبطة بآبار النفط، لان انبعاثات ثاني أوكسيد الكربون يعاد ضخها في آبار قديمة حيث يمكن زيادة استخراج النفط المتبقي ما يغطي تكاليف التخزين.
وهذا الأمر ينطبق في كندا على مشروعين كبيرين، أحدهما في محطة سد باوندري دام لإنتاج الكهرباء من الفحم وتم تدشينها في 2014، أو في محطة "كويست" التي أطلقتها "شل" مؤخرا.
وفي دولة الإمارات العربية المتحدة من المقرر تشغيل موقع مرتبط بمصنع للحديد في العام 2016. ويتم احصاء حوالي 10 مشاريع في الصين لكنها لم تدخل بعد مرحلة التنفيذ.
وإضافة إلى المسألة المالية يكمن التحدي الآخر في دقة تحديد مواقع التخزين المحتملة لمعرفة "كمية الكربون التي يمكن تخزينها إلى ما لا نهاية" كما قال هنري ويزمان الأخصائي في سياسات المناخ في معهد التنمية المستدامة والعلاقات الدولية في باريس.
ونظرا إلى هذه الشكوك تعارض المنظمات غير الحكومية هذه التكنولوجيا معتبرة انه من المستحسن استثمار هذه الأموال في مصادر الطاقة المتجددة وزيادة فعالية موارد الطاقة.
وقال ويزمان "لا، تخزين انبعاثات ثاني أوكسيد الكربون ليس الحل السحري ولا (زيادة) فعالية موارد الطاقة (…) يجب القيام بأبحاث على مستوى واسع في السنوات المقبلة".
ولتمويل كلفة الأبحاث هذه فإن المستثمرين بحاجة إلى حوافز فورية مثل فرض ضريبة على انبعاثات ثاني أوكسيد الكربون، وعلى المدى الطويل التوصل إلى اتفاق طموح خلال المؤتمر حول المناخ في باريس يسرع مرحلة الانتقال إلى اقتصادات يكون فيها انبعاث الكربون منخفضا.