نيويورك / خاص: قالت الاُمم المتحدة في تقرير حديث أن تزايد الطلب على الطاقة، إبتداءً من الوقود الحيوي إلى الغاز الصخري، يمثل تهديدا لإمدادات المياه النقية التي تواجه ضغوطا بالفعل بسبب التغير المناخي.
وحثت الاُمم المتحدة شركات الطاقة على بذل المزيد للحد من إستخدام المياه في كل شيء، إبتداء من تبريد محطات الكهرباء التي تعمل بالفحم، إلى ري المحاصيل التي تزرع لإنتاج الوقود الحيوي.
وقالت وكالات الأمم المتحدة في تقرير تنمية مياه العالم ان"الطلب على الطاقة والمياه النقية سيزيد بشكل كبير خلال العقود المقبلة. وهذه الزيادة ستمثل تحديات كبيرة وتضغط على الموارد في كل المناطق تقريبا".
وقال التقرير انه بحلول عام 2030 سيحتاج العالم إلى زيادة في المياه بنسبة 40%، وفي الطاقة بنسبة 50%، بالمقارنة مع الوضع الحالي. وتواجه المياه ضغوطا من عوامل مثل زيادة عدد السكان، والتلوث، والجفاف، والفيضانات، وموجات الحر المرتبطة بارتفاع درجة حرارة الارض.
وأضاف التقرير إن نحو 770 مليون نسمة من سكان العالم، البالغ عددهم سبعة تريليونات نسمة، لا يستطيعون الآن الحصول على مياه شرب آمنة.
وقال ان قطاع الطاقة يسهم بنحو 15% من سحب المياه من مصادر مثل الأنهار والبحيرات والمياه الجوفية. وقالت إيرينا بوكوفا المدير العام لمنظمة التربية والعلوم والثقافة (اليونسكو) ان "هذا الترابط يدعو إلى تحسين التعاون بشكل واسع" بين الماء والطاقة.
وقال التقرير أن كل إنتاج الطاقة يستخدم الماء وغالبا كمبرد. وتستخدم أقل كمية من المياه في توليد الكهرباء من الرياح أو الشمس، في حين أكثر العمليات استهلاكاً للماء هو التكسير الهيدروليكي (فراكينغ) لإنتاج الغاز الصخري أو استخراج النفط من الرمال الزيتية.
وأضاف ان سدود توليد الطاقة الكهربائية من المياه تشيد أحيانا دون تفكير يذكر في مستخدمي الماء الآخرين. وحث التقرير على توخي الحذر بشأن الوقود الحيوي، وذلك إلى حد ما بسبب الماء المستخدم في الري.
وانتقد التقرير إنعدام نفوذ قطاع المياه بالمقارنة مع ما وصفه "بالنفوذ السياسي الكبير" للطاقة.
من جهته قال البنك الدولي، في تقرير له بمناسبة اليوم العالمي للمياه الذي يصادف الـ 22 من آذار من كل عام، إن "منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا هي أكثر مناطق العالم شحاً بالمياه، مرجحا أن الطلب على الماء سيتفاقم في المستقبل".
وأضاف "شح المياه يرتفع إلى مستويات مقلقة في المنطقة العربية والشرق الأوسط، كما يشكل الجفاف ثالث أكبر المخاطر الطبيعية السائدة بعد الزلازل، رغم تزايد غزارة الأمطار".
وتابع تقرير البنك الدولي الذي نشره على موقعه الإلكتروني "في عام 1950 كان نصيب الفرد من الموارد المائية المتجددة أربعة أضعاف ما يتحصل عليه اليوم، فيما تشير التوقعات إلى أن الموارد المائية الطبيعية في المنطقة ستواصل الإنخفاض بحلول عام 2050 حتى تصبح أقل 11 ضعفاً من المتوسط العالمي".
وتابع البنك الدولي في تقريره أن "أزمة الجفاف تتكرر دورياً في المنطقة وتخلّف شحة حادة في المياه وخسائر إقتصادية وتأثيرات إجتماعية سلبية. فبين عامي 2008 و2011 تسبب الجفاف في جيبوتي مثلا بانكماش اقتصادي سنوي بلغ حوالي 3.9% من إجمالي الناتج المحلي. ويشكل الجفاف ثالث أكبر المخاطر الطبيعية المحدقة بالمنطقة بعد الزلازل".
"ورغم شح المياه، بحسب التقرير، فإن الفيضانات تشكل بدورها خطراً على المنطقة، إذ تسببت سيول عام 2008 في اليمن بأضرار بلغت قيمتها 1.6 مليار دولار، أي ما يعادل 6% من إجمالي الناتج المحلي للبلاد. وبلغت خسائر فيضانات مدينة جدة السعودية عام 2009 نحو 1.4 مليار دولار.
أما فيضانات جيبوتي عام 2004 فأسفرت عن وفاة 230 شخصاً وخسائر قيمتها 1.1 مليار دولار، وأثرت على 100 ألف شخص. وبعد تسع سنين، أي في عام 2013، خلّفت فيضانات جديدة في جيبوتي، كانت أقل حدة هذه المرة، 13 قتيلاً وعطلت موارد الرزق، لكن لفترة أقصر من سابقتها، بحسب البنك الدولي.
وقد زادت نسبة إجمالي الناتج المحلي المعرضة لمخاطر الفيضانات في المنطقة، بحسب التقرير، ثلاثة أضعاف من بين أعوام 1970-1979 إلى 2000-2009.
وخلص تقرير التقييم العالمي بشأن الحد من مخاطر الكوارث 2011 إلى أنه رغم تراجع عدد الوفيات الناجمة عن الفيضانات في العالم منذ عام 2000، فإن العدد في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وبعض المناطق الاُخرى مازال في إرتفاع.
وأوضح التقرير أن بلداناً في المنطقة بدأت تغيير أسلوبها في مواجهة الكوارث الطبيعية، وفهم مزايا الإستعداد للمخاطر المناخية والجيولوجية، عوضاً عن إنتظار وقوع مثل هذه الكوارث والعمل لإصلاح الأوضاع بعدها، وبذلت جهوداً أيضاً لتصميم وتطبيق سياسات وخطط وتشريعات جديدة في إدارة مخاطر الكوارث، مثل الجزائر وجيبوتي ومصر ولبنان والمغرب واليمن.