في قطاع غزة أيضًا.. بساتين الزيتون تأثرت بالتغير المناخي
خاص بآفاق البيئة والتنمية
من بين أكثر المناطق عرضة لتأثير تغير المناخ هي منطقة البحر الأبيض المتوسط وشمال أفريقيا، وأبرز ملامح الأزمة التي نمر بها "الارتفاع البالغ لدرجات الحرارة في الصيف، وتضاؤل هطول الأمطار" وفقًا لما خلصت إليه تقارير صادرة عن الهيئات الحكومية الدولية المعَنية بتغير المناخ.
وهذا قادنا إلى تساؤل بشأن مدى إمكانية أن يتأثر قطاع غزة – بحكم جغرافيته ومناخه واعتماده على الزراعة – بالتغير المناخي، فوجدنا أنه كان جليًا في تأثيره على محصول الزيتون في موسمه الأخير، لا سيما أن وزارة الزراعة في غزة أعلنت انخفاض إنتاج الزيتون بنسبة 65% بسبب تقلبات المناخ.
ووفقًا لمصادر عدة، فقد شهدت مزارع الزيتون انخفاضًا كبيرًا في الإنتاج في عام 2021. وبينما لا يزال يجري إحصاء الحجم الكامل للضرر، فإن جميع المزارعين وخبراء المناخ الذين تحدثت معهم اتفقوا على رأي واحد بهذا الخصوص: "العام المنصرم كان من بين الأسوأ منذ عقود".
وفلسطين ليست وحدها التي واجهت انخفاضًا حادًا في إنتاج الزيتون، وإنما عانى كبارُ المصدرين مثل إيطاليا واليونان وكذلك البرتغال والمغرب وتونس ومصر المشكلة نفسها.
ما حدث في آخر موسم
"يتأثر الزيتون بسهولة بالتغيرات المناخية، وقد طرأ على الطقس في فلسطين العام الفائت تقلبات مفاجئة" حسبما ذكرت لنا مصادر مطلعة في وزارة الزراعة.
وأفادوا بدورهم أن الزيتون يتأثر سلبًا بالشتاء الدافئ ورياح الخماسين الدافئة، فقد كان شتاء 2021 دافئًا وبدأ في منتصف فبراير وهو وقت بداية انتهاء الفصل الممطر، وحينها تستعد الأرض في استقبال الربيع بعد شهر.
وما سبق لم يكن ليناسب الشجرة المباركة، والسبب ببساطة: "يحتاج الزيتون أن تنخفض الحرارة إلى 10 درجات مئوية لعدد معين من الساعات طوال الشتاء حتى تتهيأ الشجرة للدخول في موسم النمو التالي" تبعًا لهذه المصادر.
ومن جانبه قال وكيل الزراعة أيمن اليازوري في الكلمة الافتتاحية للموسم الأخير، إن المساحات المزروعة من الزيتون المثمر وغير المثمر في محافظات قطاع غزة بلغت (40650 دونمًا)، متوقعاً آنذاك أن تنتج (10,000 طن) من الزيتون، منها ما يعادل (6000 طن) للتخليل و(4000 طن) للعَصر.
وأشار اليازوري إلى أن نسبة إنتاج الزيتون لعام 2021 غطَّت 35% من احتياج القطاع، موضحًا: "متوسط استهلاك الفرد الغزي سنويًا من الزيتون (١٥ كغم) تشمل (٣ كغم زيتون تخليل، و١٢ كغم زيتون تنتج ما مقداره ٢ كغم زيت للاستهلاك).
ولفت اليازوري إلى إمكانية فتح باب الاستيراد من الخارج لتغطية عجز الأسواق المحلية مع تدني الإنتاج، وبخاصة من الضفة الغربية.
وبيَّن اليازوري أن قطاع غزة يحتوي على 38 معصرة زيتون، 8 منها نصف أتوماتيكي، و30 تعمل أتوماتيكيًا.
وتشكل زراعة الزيتون لدى الفلسطينيين عموماً ولسكان القطاع على وجه الخصوص، موسماً لكسب الرزق، إذ يوفر فرص عمل مؤقتة في وقت ترتفع فيه معدلات البطالة ونسب الفقر في صفوف أكثر من مليوني مواطن.
وتشير آخر الإحصاءات الرسمية إلى أن ما يتراوح من 80,000 إلى 100,000 أسرة تعتمد على الزيتون وزيته مصدرًا رئيسًا أو ثانويًا لتأمين دخلها في فلسطين.
كما يوفر هذا القطاع فرص عمل لعدد كبير من العمال غير المَهرة، ولما يزيد على 15 % من النساء العاملات، وتتراوح قيمة قطاع الزيتون، بما فيه الزيت وزيتون المائدة والزيتون المخلل والصابون، من 160 مليونًا إلى 191 مليون دولار في السنوات الجيدة.
وفي ورشة عقدتها جمعية التنمية الزراعية - الإغاثة الزراعية- بعنوان" قراءة موسم الزيتون الحالي في ظل التغير المناخي" وجاهيًا وعبر تقنية "زوم" بمشاركة مختصين من الإغاثة، وخبراء في الزراعة وممثلي المؤسسات ذات العلاقة، أوصوا بضرورة تطوير سلالات أصناف الزيتون المزروعة في بلادنا والتي أُثبت بالتجربة والمشاهدات قدرتها على التكيف مع التغير المناخي.
وأكد المشاركون أن التغيرات المناخية في العقد الماضي أدت الى اختلال واضح في المواسم الزراعية، وتغيير مواقيتها السنوية في إثر ارتفاع درجات الحرارة وانحباس الامطار وتغير مواعيد هطول الأمطار السنوية.
وأفادوا أن ظاهرة التغير المناخي وانتشار الآفات والأمراض أثرت سلبًا على المزارعين، وأدت إلى تدني جودة المنتج، وزيادة تكاليف مستلزمات الإنتاج، مما كبَّد المزارعين خسائر فادحة.