بروكسل/ آفاق البيئة والتنمية: تتنامى المعارضة داخل البرلمان الأوروبي ضد خطط الاتحاد الأوروبي لتصنيف الغاز والطاقة النووية باعتبارهما طاقة صديقة للبيئة، وقد تسبّب الأمر في انقسام داخل التكتل على نحو متزايد.
ففي خطاب من المقرر إرساله في الأيام المقبلة للمفوضية الأوروبية، الذراع التنفيذية للاتحاد، دعا نحو 70 نائباً ينتمون لأربع مجموعات برلمانية سياسية مختلفة، إلى إطلاق مشاورات عامة بشأن مسودة القانون.
وجاء في الخطاب، الذي اُطلّع عليه، أن الرقابة العامة ضرورية، وكذلك فتح نقاش بشأن القضية.
ووفقًا للنائب يواكيم شوستر تعتزم مجموعة الديمقراطيين الاشتراكيين التصويت بالإجماع ضد الاقتراح إذا لم تُدخل تعديلات عليه.
وتقترح المفوضية الأوروبية السماح بالاستثمار في محطات طاقة نووية جديدة تُصنّف بأنها صديقة للبيئة إذا ما التزمت بأحدث المعايير، وتضمنت خطة ملموسة بشأن التعامل مع النفايات المشعة.
كما يَسمح اقتراح "التصنيف" بالاستثمار في محطات طاقة تعمل بالغاز ستُصنّف على أنها صديقة للمناخ لفترة انتقالية، وهو أمر ستستفيد منه ألمانيا بوجه خاص في الأعوام المقبلة.
من ناحية أخرى يعتزم كيان رئيسي أنشئ لمساعدة الاتحاد الأوروبي في الوصول إلى انبعاثات كربونية صفرية بحلول منتصف القرن توجيه انتقاد لهذا المقترح.
ووفقًا لوثائق ما تزال عرضة للتعديل، ومن المقرر أن تقدم المجموعة الاستشارية "بلاتفورم أون سستينبل فاينانس (منصة التمويل المُستدام)" طعناً في الاقتراح.
وتواجه أوروبا ضغوطًا متصاعدة بسبب مقترح تصنيف الغاز والطاقة النووية طاقة خضراء، وقد عبر مستثمرون ومنظمات مجتمع مدني ودول أعضاء بالتكتل عن الاستياء حيال هذا الأمر.
وحتى في ألمانيا، التي توافق على اعتبار الغاز مصدراً نظيفاً للطاقة، توجد تباينات داخل حكومتها حول حدود هذا التصنيف والمدى الزمني للالتزام به.
فقد انتقدت وزيرة البيئة الألمانية (من حزب الخضر) بوضوح تصنيف محطات الطاقة التي تعمل بالغاز على أنها خضراء.
وقالت "أنا مقتنعة بأن تصنيف الغاز الطبيعي أو الطاقة النووية على أنها مُستدامة ليس ضروريًا"، موضحة أنه حتى لو كانت ألمانيا تعتمد على الغاز الطبيعي "لفترة انتقالية قصيرة"، فإنها لا تحتاج من أجل ذلك إلى وضع ختم الاستدامة على مستوى الاتحاد الأوروبي.
وقالت أيضا "الطاقة النووية ليست مُستدامة على الإطلاق، وإدراجها في هذا التصنيف خطأ كبير"، واصفة خطط المفوضية الأوروبية في هذا الشأن بأنها "خاطئة تمامًا".
وأضافت "الحقائق واضحة، الطاقة النووية هي تقنية عالية المخاطر، كما بينت تشيرنوبيل وفوكوشيما. لا يوجد مستودع نهائي للنفايات النووية عالية النشاط الإشعاعي في أي مكان في العالم، والطاقة النووية غير مجدية اقتصادياً".
على صعيد آخر دعا وزير الاقتصاد الألماني، روبرت هابيك، إلى مزيد من رقابة الدولة على احتياطيات الغاز في ألمانيا.
وقال هابيك في تصريحات لمجلة "دير شبيغل" الألمانية (كانون الثاني الماضي) إن الإمكانيات في هذا القطاع محدودة للغاية الآن، مضيفًا أن الشتاء أظهر أنه مع انخفاض المخزونات أصبحت ألمانيا أكثر عرضة لتقلبات الأسعار والتوترات الجيوسياسية.
وأضاف "لذلك يتعين علينا تحسين الإمكانيات واتخاذ التدابير اللازمة لفصل الشتاء المقبل، حتى تمتلئ صهاريج تخزين الغاز جيدً. أنا أرى ذلك مهمة سياسية".
وتجدر الإشارة إلى أن تخزين الغاز من شأنه إعادة التوازن عند التقلبات في الاستهلاك، وبالتالي يعمل نظامًا مخففًا للصدمات في السوق.
وتمر مخازن الغاز في ألمانيا حاليًا بحالة خواء أكثر مما هو معتاد في شهر يناير. وتُعد روسيا أكبر مورد للغاز بفارق كبير عن ألمانيا.
وقال هابيك إنه إذا انقطعت واردات الغاز من روسيا، فمن الممكن الاعتماد على مصادر أخرى للإمداد، موضحًا أنه حتى الآن يُستغل 30% فقط من سعات النقل الجديدة للغاز الطبيعي المسال في هولندا وبولندا وإيطاليا.
واستطرد "إذا كنا نريد زيادة النسبة إلى 100%، فسيكون من الممكن من حيث السعة أن يحل الغاز الطبيعي المُسال محل أجزاء كبيرة من واردات الغاز"، مشيراً في المقابل إلى أن مسألة الأسعار هنا لم تؤخذ في الاعتبار بعد.
وفيما يتعلق بخط أنابيب الغاز "نورد ستريم 2"، دعا هابيك إلى اتخاذ موقف صارم تجاه روسيا، مشيراً إلى أن خط الأنابيب، الذي ينقل الغاز من روسيا لألمانيا عبر بحر البلطيق، كان دائما مشروعاً جيوسياسياً، مضيفاً أن ألمانيا لن تضطر إلى دفع أي تعويضات لمشغلي "نورد ستريم 2" إذا لم يصبح خط الأنابيب مرخصاً.
وأشار هابيك إلى أنه عند استئناف عملية الاعتماد المعلقة حاليًا ستقرر الوكالة الاتحادية الألمانية للشبكات ما إذا كانت متطلبات الموافقة مستوفاة أم لا، وقال "وإذا لم يكن الأمر كذلك، فلن يكون هناك تعويض مستحق".
المصدر: وكالة DPA