خاص بآفاق البيئة والتنمية
لولا هذا البئر لأضطر هو وجميع السكان لدفع مئات الشواكل للحصول على المياه بعد انسحاب جيش الاحتلال بعيد الحرب، حيث كان يعطي المياه للجميع دون مقابل، حتى البلدية قامت بالبحث عن منازل المواطنين الذين يمتلكون آباراً وجهزت شبكات سريعة للمواطنين حتى تصلهم المياه إلى حين تجهيز الشبكات الرئيسية للبلدية.ويقع قطاع غزة على 10% فقط من مساحة الخزان الجوفي في فلسطين التاريخية، ولا يكفي هذا المخزون حتى يتعرض لاستنزاف كبير في مائه من قبل السكان الذين يستهلكونه بآبارهم العشوائية، والتي حفروها خلال السنوات العشرة الماضية.
|
بقي صامداً أمام المحتل ليكون العون والسند في مد أهل البيت والسكان المجاورين بالمياه خلال الستة شهور التي تلت انتهاء الحرب عام 2014 التي شنت على القطاع، فبسببها دُمرت جميع خطوط البنى التحتية للمياه في منطقة الشجاعية شرق مدينة غزة ليحرم السكان من وصول المياه لمنازلهم، التي هي بالأساس تعاني من شحٍ في القطاع .
هذا البئر تم حفره بلا ترخيص وبعيدًا عن أعين العاملين في سلطة المياه، حيث تفرض سلطة المياه مبلغاً لترخيص البئر يصل إلى أربعة آلاف شيقل، مع العديد من الشروط كنوع من ضبط الحفر العشوائي للآبار، ولكن المواطنين لجأوا إلى الحفر بطريقة فردية هربًا من شروط الترخيص.
صاحب بئر الشجاعية أبو محمود سالم لا يجد أي سببٍ لمنع حفر الآبار في قطاع غزة، وأضاف:" نعاني كل عام الكثير من مشاكل نقص المياه التي تستخدم في المنازل، حتى المياه الصالحة للشرب فهي لا تصل مطلقا لمنازلنا، كما أننا كنا نشتري المياه من البلدية بأسعار مرتفعة كثيرًا، والبئر وفّر دفع المستحقات الخاصة بالبلدية".
ويعتقد سالم أنه خفف الضغط على البلدية بحفر البئر فهو لا يستخدم المياه التي تصل من البلدية، وهو بذلك فتح المجال للمنازل الأخرى بالحصول على المياه بشكل أفضل، فهو والبلدية يحصلون على المياه من الآبار الارتوازية، فبذلك لا يوجد تأثير على نقص المياه الجوفية .
كما يذكر أنه لولا هذا البئر لأضطر هو وجميع السكان لدفع مئات الشواكل للحصول على المياه بعد انسحاب جيش الاحتلال بعيد الحرب، حيث كان يعطي المياه للجميع دون مقابل، حتى البلدية قامت بالبحث عن منازل المواطنين الذين يمتلكون آباراً وجهزت شبكات سريعة للمواطنين حتى تصلهم المياه إلى حين تجهيز الشبكات الرئيسية للبلدية.
ويقع قطاع غزة على 10% فقط من مساحة الخزان الجوفي في فلسطين التاريخية، ولا يكفي هذا المخزون حتى يتعرض لاستنزاف كبير في مائه من قبل السكان الذين يستهلكونه بآبارهم العشوائية، والتي حفروها خلال السنوات العشرة الماضية.
ووفق دراسات بيئية أجرتها سلطة المياه في غزة بالتعاون مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي (UNDP)، فقد استنتجت أن الحلول الفردية التي لجأ اليها السكان في غزة للحد من شح المياه التي تصل إليهم من البلديات، ستسببُ كارثة خلال السنوات القادمة وأن كانت حلول مجدية حاليًا.
 |
 |
|
بئر في غزة |
آلاف الآبار غير المرخصة
تقدر الآبار العشوائية بثمانية آلاف غير مرخصة تستخرج مائة وستين مليون متر مكعب من الماء سنويا، وفي حين تُعوض الأمطار نصف الكمية فقط، فهذا يعني عجز مائي في القطاع بنسبة 80 مليون متر مكعب، خاصة وأن الآبار المرخصة هي 2850 بئر فقط بالكاد تضيف شيئا للنسبة العامة الخاصة بالمياه. |
ووفق وزارة الزراعة، تقدر الآبار العشوائية بثمانية آلاف غير مرخصة تستخرج مائة وستين مليون متر مكعب من الماء سنويا، وفي حين تُعوض الأمطار نصف الكمية فقط، فهذا يعني عجز مائي في القطاع بنسبة 80 مليون متر مكعب، خاصة وأن الآبار المرخصة هي 2850 بئر فقط بالكاد تضيف شيئا للنسبة العامة الخاصة بالمياه.
ومن الملاحظ أن قطاع غزة حاليًا بسبب الاكتظاظ السكاني يحاول أن يخرج من هذه المشكلة بالبناء بشكل طولي أي عن طريق الأبراج السكنية، والتي يرفض السكان شراء الشقق فيها إن لم يكن يوجد بها بئر مياه خوفًا من التعرض لانقطاع المياه وخاصةً في فصل الصيف، فيضطر صاحب البرج لحفر البئر قبل البدء في البناء وطبعا يكون ذلك بلا تراخيص ولا إشعار لسلطة المياه.
وبحسب "قانون المياه" الفلسطيني الذي أصدره المجلس التشريعي عام 2002 يحق للسلطات المختصة محاسبتهم على حفرهم للآبار العشوائية، وعقوبتهم تصل إلى حد الغرامة وردم البئر والحبس في حال الامتناع.
ويعتبر القانون أن جميع مصادر المياه في فلسطين ملكية عامة بناءً على المادة الثالثة فيه، في حين توضح المادة الرابعة في ذات البند أن أي عملية حفر لآبار المياه تستوجب ترخيصا من سلطة المياه، والمخالف يُعاقب بـ"الغرامة والردم والحبس" كما ذكرنا سابقا.
تركيب انابيب أحد الآبار في غزة
توقف المراقبة سمح بالحفر العشوائي
توقف المراقبة على حفر الآبار، والامتناع عن الحساب والعقاب فترات طويلة خلال عشرة اعوام تقريبا وخاصة بعد أحداث الانقسام وضعف الإمكانات لدى سلطة المياه، ناهيك عن ضعف خدمات المياه المقدمة للمواطنين كمًا ونوعا، دفعهم إلى إيجاد حلول بأنفسهم، كانَ أسهلها أن يلجأوا إلى الأرض لسرقة ما في جوفها واستهلاك الخزان الجوفي العام. |
فيما قال مدير عام الشئون الإدارية والمالية في سلطة المياه رامز عبده، لا يمكن حاليًا بأي شكل من الاشكال ردم بئر فتكلفة حفره تتعدى 2000 دولار، ومشاكل المياه وعدم قدرة البلديات في تلبية احتياج المواطن من المياه تجعلهم يقرون بالأمر الواقع لهذه الآبار ولكن يطالبون بترخيصها.
وذكر أنه في حاله وصول بلاغ عن حفر بئر في أي منطقة في القطاع، تتوجه لهم الطواقم من قبل سلطة المياه وتصادر الأدوات المستخدمة، وتحيل أصحابها إلى النيابة لاتخاذ إجراءات بحقهم حيث يُغرّم المذنبين غرامة تُقدر بخمسة آلاف دينار أو تقلّ في حال أصروا على عدم تسوية أوضاعهم القانونية عبر سلطة المياه، كما أن هناك فرق تفتيشية تعمل على مدار الساعة للكشف عن الآبار العشوائية.
وأكد عبده أنه يمنع حفر أي بئر إلا بموافقة مبدئية ضمن الاحتياجات فقط، ودون ذلك تُتخذ إجراءات صارمة ضده، ونوه إلى وجود 30 مقاول مرخصين لدى الوزارة للعمل في حفر الآبار، كذلك حوالي مئة آخرين غير مرخصين ويتم متابعتهم لتسوية أوضاعهم.
وبين أن توقف المراقبة على حفر الآبار، والامتناع عن الحساب والعقاب فترات طويلة خلال عشرة اعوام تقريبا وخاصة بعد أحداث الانقسام وضعف الإمكانات لدى سلطة المياه، ناهيك عن ضعف خدمات المياه المقدمة للمواطنين كمًا ونوعا، دفعهم إلى إيجاد حلول بأنفسهم، كانَ أسهلها أن يلجأوا إلى الأرض لسرقة ما في جوفها واستهلاك الخزان الجوفي العام.
المفقود لا يمكن إرجاعه
العجز في خزان المياه الجوفية يعمل على انسياب مياه البحر إليها، مما يتسبب بزيادة نسبة الأملاح والكلوريد فيها بما يُقدر بـ400 ملغرام في اللتر الواحد، وهو ما يفوق المعدلات الطبيعية التي يجب أن تكون من 150 إلى 250 ملغرام فقط |
وفي نفس السياق أعتبر شفيق العراوري مدير عام التربة والمياه في وزارة الزراعة، أن المفقود من الخزان الجوفي لا يعود بسهولة، لأن الأمطار لا تُعوض الفاقد أبدا، مضيفا أن الاستهلاك الذي يفوق الطبيعي في حفر الآبار يُضعف منسوب المياه الجوفية، الأمر الذي يسمح بطغيان مياه البحر عليها، مما يغير نوعيتها للأسوأ.
وإستطرد أن العجز في خزان المياه الجوفية يعمل على انسياب مياه البحر إليها، مما يتسبب بزيادة نسبة الأملاح والكلوريد فيها بما يُقدر بـ400 ملغرام في اللتر الواحد، وهو ما يفوق المعدلات الطبيعية التي يجب أن تكون من 150 إلى 250 ملغرام فقط.
وعبر عن استيائه تجاه سلطة المياه من عدم ردم أي بئر حتى لو كان لا يحمل المواصفات العالمية أو حتى يخالف القانون الفلسطيني لحفر الآبار، فترخيص البئر لا يعني أن الخطر قد زال، بل يشجع على حفر المزيد من الآبار، إذا كانت كل المشكلة تحل فقط بالترخيص.
|
وبين العراوري أن عدد الآبار المدمرة في غزة خلال العدوان الإسرائيلي الأخير وصل لـ778 بئراً، فيما تم تصليح حوالي 162 بئراً فقط، أي أن حوالي 80% من تلك الآبار لا تزال مدمرة، بالإضافة إلى عدد من الآبار غير مرخصة والتي تُستثنى من المنح التي تحصل عليها الوزارة لإصلاح الآبار التي تم تدميرها كونها غير مسجلة لدي الوزارة.
وتابع حديثه: "خلال العام القادم وبالتعاون ما بين وزارة الزراعة وسلطة المياه والبلديات سيتم إطلاق مشروع لترخيص الآبار كنوع من حفظ الحقوق في حال تم تدميرها"، منوهًا إلى أن أغلبه كان مرخصاً قبل حدوث الانقسام، حيث كان هناك صرامة في مسألة السماح بحفر بئر مياه في الأراضي الزراعية، وكذلك في المنازل، رغم أن آبار البيوت ليست من اختصاص وزارة الزراعة بشكل مباشر.
وعبر عن استيائه تجاه سلطة المياه من عدم ردم أي بئر حتى لو كان لا يحمل المواصفات العالمية أو حتى يخالف القانون الفلسطيني لحفر الآبار، فترخيص البئر لا يعني أن الخطر قد زال، بل يشجع على حفر المزيد من الآبار، إذا كانت كل المشكلة تحل فقط بالترخيص.
تركيب غطاس لأحد الآبار في غزة
البلدية تتنصل
وتبرر سلطة المياه منع البلدية حفر الآبار إلى تدني كفاءة شبكة توزيع المياه في غزة، حيث تصل نسبة الفاقد من المياه لـ40% تقريبًا بسبب رداءة الشبكة، لذلك عليها في البداية حلّ المشكلة ومن ثم حفر آبار جديدة. وذكر الأطبش أن استهلاك المواطن الغزي يتراوح بين 30 إلى 90 لتر يوميا، في حين يجب أن تكون حصته وفقَ منظمة الصحة العالمية 150 لتراً.
|
ومن جانبه ذكر مدير عام المياه والصرف الصحي في بلدية غزة المهندس سعد الدين الأطبش أن البلدية ليس لها أي دور في الآبار الغير مرخصة التي يتم حفرها، منوها أن البلديات أيضا لا يُسمح لها بحفر الآبار وإنشاء شبكات مياه داخلية، لما له من تأثير على الخزان الجوفي.
وتبرر سلطة المياه منع البلدية حفر الآبار إلى تدني كفاءة شبكة توزيع المياه في غزة، حيث تصل نسبة الفاقد من المياه لـ40% تقريبًا بسبب رداءة الشبكة، لذلك عليها في البداية حلّ المشكلة ومن ثم حفر آبار جديدة.
وذكر الأطبش أن استهلاك المواطن الغزي يتراوح بين 30 إلى 90 لتر يوميا، في حين يجب أن تكون حصته وفقَ منظمة الصحة العالمية 150 لتراً.
وأكد أن القطاع يحتاج إلى 200 مليون كوب سنويًا معانياً من نقص مقداره 100 مليون كوب، منوهاً إلى أن 85% من آبار غزة غير صالحة للشرب أو حتى الاستهلاك الآدمي، ويقتصر استخدامها على الجانب الخدماتي فقط.
وذكر الأطبش أن الحل الوحيد للتخفيف من الآبار العشوائية هو إيجاد بدائل لتوفير المياه للسكان بشكل أكبر، وأشار إلى وجود مشروع لإنشاء محطة مركزية لتحلية مياه البحر في قطاع غزة بتكلفة نصف مليار دولار، وذلك بدعم من البنك الإسلامي في جدة والاتحاد الأوروبي والبنك الدولي، حيث ستغطي حوالي 70% من احتياجات سكان القطاع من المياه ومن المتوقع إنجازها خلال خمس سنوات.
وتستمر مشكلة حفر الآبار العشوائية واستنزاف المخزون الداخلي للمياه، بدون وجود رادع حقيقي أو ضوابط فالحجج كثيرة ومتنوعة لمنع هذا الضبط، مع تنصل أغلب الجهات من دورها في وقف هذا الاستنزاف.