اسم الكتاب: دورية وجهات نظر Perspectives، العدد الـ9 (حراك التغير المناخي في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا)
عدد الصفحات: 56 من القطع الكبير
دار النشر: مؤسسة هنرش بل الألمانية
سنة الإصدار: آب 2016
واجه الشرق الأوسط وشمال إفريقيا تغيرات مضطربة في الخمس السنوات الأخيرة، حيث تقلصت المساحة المتاحة لنشاط المجتمع المدني، ولكن، على النقيض من ذلك، ازداد نشطاء البيئة وتشابكوا للنضال من أجل العدالة المناخية، ما ينسجم مع تحقيق غايات أخرى للمجتمع كالعدالة الجندرية (النوع الاجتماعي)، الديمقراطية والشفافية.
بالتزامن مع مؤتمر الأطراف لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية، "COP 22 'في مراكش، في تشرين الثاني من عام 2016، يستعرض هذا العدد العلاقة المعقّدة بين تغير المناخ والحكم في منطقة الشرق الأوسط. في صفحات هذا العدد يناقش ناشطون وصحفيون وباحثون وخبراء الموارد وتغير المناخ، سياسة المفاوضات حول المناخ في منطقة الشرق الأوسط، من خلال تركيزهم على أولئك الذين يتحملون الجزء الأكبر من الآثار السلبية لتغير المناخ، وعلى المجالات التي تلّح للعمل فيها.
سوزان بعقليني وصفاء الجيوسي تستعرضان النشاط المناخي في منطقة الشرق الأوسط. ثريا الكحلاوي، جورج كرزم، ويم زوينبرج وفداء الجاسمي يناقشون تأثير تغيّر المناخ على المصادر الطبيعية في المغرب، فلسطين، سوريا وتونس. فيما يشخّص غسان وائل الكرموني نتائج إدخال مشاريع الطاقات المتجددة في المغرب. أما رنا الحاج، جواد مستقبل، وائل حميدان فيحللون سياسة مفاوضات المناخ الدولية. فيما تجادل المهندسة الزراعية الأردنية، فداء حداد، حول دور قوى ونشطاء المناخ في إثارة قضايا الجندر في منطقة الشرق الأوسط.
ملخص ورقة جورج كرزم
يتحدث الخبير البيئي ورئيس تحرير مجلة آفاق البيئة والتنمية الصادرة عن مركز العمل التنموي/معا، في الورقة الخاصة به والتي جاءت تحت عنوان: زراعاتنا المحلية بين موجات الحرارة القاسية وفن التعامل مع التغير المناخي، والتي يتحدث فيها عن ظاهرة الاحتباس الحراري والتي سوف تتحول إلى كارثة مناخية مع استمرار تركيز ثاني أكسيد الكربون في الهواء، فضلاً عن غاز الميثان وأكسيد النيتريك، ناهيك عن الغازات الصناعية من مركبات الكربون الكلورو فلورية. في العقود الأخيرة، ظهر تزايد مرعب في الانبعاثات الناجمة عن الصناعات البشرية والنقل، وخاصة تلك التي تنبعث من حرق الوقود الأحفوري مثل النفط والفحم والغاز الطبيعي.
ومن المتوقع وبحلول نهاية هذا القرن، وفق كرزم، أن تسببَ ظاهرة الاحتباس الحراري ارتفاعاً في درجات الحرارة على سطح الأرض بمقدار خمس درجات مئوية. وهذا يؤدي إلى تبخر هائل لموارد المياه العذبة، وانتشار الجفاف الشديد على نطاق واسع، في حين أنه وفي بعض المناطق ستتدفق السيول بفعل مياه الأمطار لتدمر الأراضي الزراعية، وقد بدأت هذه الظاهرة بالبروز في منطقتنا العربية في السنوات الأخيرة.
في فلسطين، يضيف كرزم، تبقى القضية الرئيسية هي استخدامنا الهائل للمنتجات التي تصنع في الخارج والتي ترفع من مستوى أحادي الكربون وثاني أكسيد الكربون، إضافةً لاستهلاك الوقود الأحفوري المسيطر عليه تماما من قبل الاحتلال الإسرائيلي. لذلك، وللحد من اعتمادنا على المنتجات الزراعية الخارجية يجب التركيز على إعادة الاستخدام والتدوير، والإدارة الفعّالة الموارد الزراعية والمعدات والطاقة المتجددة، ما سيساهم في تحسين جودة البيئة وحماية المصادر الوطنية الحيوية.
يقدّم كرزم في ورقته النصائح التالية لمواجهة ظاهرة الاحتباس الحراري:
-أولاً: التركيز على زراعة واستهلاك المنتج البلدي (المحلي) والأغذية العضوية والتي لا تستخدم الأسمدة النيتروجينية التي تؤدي إلى ارتفاع معدلات غاز الميثان في الغلاف الجوي. كما أنها لا تتعاطى مع المبيدات الكيميائية التي تلوث التربة والمياه الجوفية، والهواء وتباعاً صحة الإنسان.
-ثانيا: الحفاظ على تربة صحية وخصبة ومتوازنة كونها تمثل الخط الأمامي في مواجهة الآفات وأمراض التربة. عبر استخدام الأسمدة العضوية والطبيعية، لأنها تغذي التربة بالمواد الضرورية لنمو النبات، وتقلل من استهلاك المياه، وتحسن من الأنظمة الجوية والمائية ما يساهم في التخفيف من ظاهرة الاحتباس الحراري.
-ثالثا: تخفيض الفاقد من المياه والحفاظ عليها للاستخدامات الزراعية والمنزلية. ويمكن تحقيق ذلك من خلال حفر العديد من الآبار وإقامة المدرجات والسناسل، بالإضافة إلى الاستفادة من مياه الينابيع المنتشرة في جميع أنحاء الضفة الغربية، مع التركيز على مشاريع إعادة تدوير مياه الصرف الصحي للاستخدام الزراعي، ومن المهم تقليل التلوث البيئي للحفاظ على جودة المياه الجوفية.
-رابعاً: التركيز على الزراعة المتنوعة التي تلعب دورا محوريا في مكافحة الآفات التي يسببها نظام الأحادية المكثفة، فضلا عن إطالة فترة الإنتاج للحد الأقصى، وهذا يعني توفر المنتجات الطازجة في مواسم مختلفة، وفي الوقت نفسه، التقليل من المخاطر الاقتصادية في الاعتماد على نوع واحد من المحاصيل.
-خامسا: الاهتمام بالحرث الدوري للحفاظ على التربة. فبسبب مناخنا القاحل وشبه القاحل يعتبر الحرث مرتين في العام أمراً مهماً، ويكون حرثاً عميقاً في الخريف بهدف تهيئة التربة للحصول على أكبر كمية ممكنة من مياه الأمطار، في حين أن الحرث السطحي يكون في الربيع من أجل القضاء على الأعشاب الضارة والحفاظ على التربة.
-سادسا: استخدام البذور البلدية، حيث تسبب النباتات المهجنة أو الصناعية تقرحات في خصوبة التربة عدا احتياجها إلى الكثير من المياه، في حين تتميز البذور البلدية في نموها بشكل جيد جدا مع السماد البلدي ومقاومتها للآفات، واحتياجها إلى القليل من المياه.
-سابعا: تشجيع زراعة الأصناف النباتية وخاصة تلك التي يمكن أن تتكيف مع البيئة المحلية، وتؤتي ثمارها في وقت مبكر قبل بداية موسم الجفاف. أمثلة على المحاصيل التي تتطلب القليل من الماء: المشمش، والخوخ، واللوز.
ثامنا: التركيز على بعض المحاصيل التي تتحمل درجات حرارة عالية، وذلك من أجل مواجهة ارتفاع موجات الحرارة والجفاف، عبر تشجيع زراعة المحاصيل التقليدية، أو تلك الجديدة التي تتحمل الحرارة وتتطلب القليل من الرعاية ما يحقق العديد من الفوائد البيئية والصحية والاقتصادية للمزارعين، مثل الصبار، الخروب والتمر وبذور السمسم، والنباتات الطبية.
تاسعا: تجنب زراعة المحاصيل في غير موسمها.
عاشرا: من الضروري أن يمتلك المواطن المحلي المعرفة التي تسمح له توقع الآثار المحتملة لتغير المناخ في المنطقة، وبالتالي الحصول على استعداد للتعامل معها. والزراعة لا تعاني في المقام الأول بسبب هذا التغيير في حد ذاته، ولكن بسبب عدم وجود الاستعداد المناسب للتعامل من قبل المزارعينالذين يدركون أن هناك احتمال كبير لموجات الحرارة، وعليهم اتخاذ الاحتياطات اللازمة، ومتابعة الاستراتيجيات الدفاعية، وإنتاج أنواع من المحاصيل التي تتحمل الجفاف والأجواء المناخية القاسية على نحو متزايد.