
جمة أبو الحسن تستلم جائزة أفضل مشروع مناخي
خاص بآفاق البيئة والتنمية
انتزعت جمة أبو الحسن الطالبة بكلية الزراعة في جامعة القدس المفتوحة بفرع جنين، جائزة أفضل مشروع مناخي، ضمن المسابقة التي نفذها مركز التعليم المستمر في جامعة بيرزيت باسم: "رياديون بيئيون من أجل المناخ" بالتعاون مع سلطة جودة البيئة. وقدمت أبو الحسن بحثًا حمل عنوان" تقليل تبخر الماء في ري الأشجار"، ويهدف إلى تقليص استهلاك مياه الري للأشجار المثمرة، وتم تطبيق النظام الجديد على مزارع النخيل في جنين وأريحا. التقت (آفاق) بالريادية الخضراء، التي سيكون بحثها سفير فلسطين في المنافسة الدولية في قمة المناخ العالمية، وسجلت معها هذا الحوار:
ما الذي دفعك للخوض في مشروعك الجديد (تقليل تبخر الماء في ري الأشجار)، وكيف بدأت فكرته؟
أتابع المزارعين في فلسطين، ومن وحي زياراتي لمزارع النخيل انبثقت لدي فكرة تتناسب مع متطلباتهم، وهي طريقة لتقليل كمية مياه الري، وبخاصة في ظل شح الأمطار والجفاف. والتحقت مع مركز التعليم المستمر بجامعة بيرزيت في الدورات الريادية، وحصرت الأفكار، وطبقنا النموذج الأولي للمنتج ونجح . انطلقت في مشروعي قبل 6 أشهر، وتعمقت في دراسة طريقة لتقليل كمية مياه الري بنظام متُقن ومُحكم.
نفذت المشروع في جنين وأريحا، واحتل الصدارة في مسابقة "رياديون بيئيون من أجل المناخ"، بماذا يتميز المشروع؟
تم تطبيق المشروع في جنين، بالتزامن مع مزارعين في أريحا؛ للتوصل إلى نتائج لدراسة الجدوى الاقتصادية، لكون أريحا مشهورة بنخيلها، المستهلك للمياه بكثرة.
إذا حصد مشروعك الذي سيكون سفير فلسطين في المنافسة الدولية في قمة المناخ العالمية، بين 178 دولة عالمية عدة منها بريطانيا، وفرنسا، واليابان مكانًا لافتًا، ما الذي سيعنيه ذلك لجمه؟
كوني ممثلة لفلسطين أشعر بالفخر والاعتزاز، فابتكار مشروع يساعد في التغلب على تداعيات التغير المناخي إلى الأفضل أمر مهم، وهذا دافع لي بأن استمر في الابتكارات والاختراعات، التي تخدم فلسطين وكافة الدول، وتقديم مشاريع تساهم في إنجاح القطاع الزراعي، وتحسّن من حال الاقتصاد الزراعي والبيئي عمومًا.
جمة أبو الحسن تشرح عن مشروعها البيئي الريادي
اختراعات وحلول
خضت قبل هذه التجربة اختراع (آلة التشتيل)، ماذا قدمت من مساهمات، وهل جرى تجريبها بالفعل بين المزارعين؟ وما الذي وفرته؟
نعم تمت تجربة اختراعي السابق، فجامعة بيرزيت لا تعتمد المشاريع دون تطبيقها، ولو بجزء تجريبي، من أجل الحصول على نتائج حقيقية وجدوى اقتصادية مدروسة، وللدخول في منافسات عالمية، وهذا مصدر فخر واعتزاز لنا.
ما الذي دفع جمة أبو الحسن لطرق باب البيئة دون غيره؟
أنا مهندسة زراعية، ويرتبط تخصصي في إنتاج ووقاية النبات ارتباطًا وثيقًا بالبيئة
والمناخ، وهذا يشكل انفتاحًا للخوض في البيئة القريبة من الشأن الزراعي، كما يساعد في إيجاد حلول للمشاكل الزراعية المُلحقة بالبيئة.
كيف هو حال البيئة في فلسطين؟
فلسطين من أجمل وأهم المناطق المتنوعة في فصولها، ولا تفتقر لأي عنصر طبيعي، لكنها تحتاج لجزء كبير من العناية بها، وتشجير الأراضي، والعمل على زيادة عدد الأشجار المزروعة، وهذا يساهم في تعديل البيئة والزراعة، والحفاظ على عناصر البيئة والمياه خاصة، ونظرًا لسيطرة الاحتلال الإسرائيلي على المصادر المائية، لا يتمكن المواطن من أخذ حصته منها، أما الأراضي الزراعية المروية فتعاني جراء هذا. فهناك أرض وبذور، وهمة للأيدي العاملة، ولكن لا توجد مياه كافية للري.
زحف وعطش
أنت من جنين، ودرست الزراعة في جامعة القدس المفتوحة، كيف هي صورة مدينتك اليوم التي جفت ينابيعها، ودمر أهلها أرضها الزراعية بالاسمنت، واختفى نهر المقطع وصار مكرهة، بالتقاطع مع فكرة المسابقة الهادفة للتوعية بالتغير المناخي؟
الزحف العمراني له أثر كبير على مدينة جنين، فقد مسح عدة أراضٍ فيها، وأصبح المزارع يائسًا من عمله، والجزء الأغلب من الفلاحين يبحثون عن مهن أخرى للعيش الكريم مثل التجارة و الصناعة وغيرها.
في مدينتي توزيع المياه غير عادل، فهناك استغلال للآبار الارتوازية للشرب وقضاء أهم الحاجات، وثمن المتر المكعب الواحد الصالح للشرب يتراوح بين 10 إلى 15 شيكلًا ويعد عبئاً كبيرًا على رب الأسرة، وهذه من أهم المشاكل التي نعانيها في فلسطين. ويجب على البلديات توفير مياه الشرب بطريقة صحيحة، وتوزيعها على المناطق المختلفة بطريقة تتناسب مع الطلب، وبعدالة حتى تتمكن الآبار من ري أرض المزارع، ولا نحتاج لاستيراد بعض أنواع الفاكهة والخضار من المناطق الأخرى.
ما الجديد الذي تعكف جمة على تنفيذه؟
المشروع الجديد سوف أصرح به لأول مرة عبر مجلتكم، وللأسف لا توجد أي جهة تتبناه إلى الآن، وهو جمع أكبر قدر من مياه الأمطار بطريقة ميكانيكية. فنظرًا لتدفق مياه الأمطار في الشوارع وعدم استغلالنا لها، فنراها تفيض في الشوارع الرئيسة، وتشكل في النهاية عبئاً على محطة تجميع المياه في جنين، لذلك أحاول أن أعالج هذه المسألة على أمل أن يرى مشروعي النور.
أعشاب وأحلام
ما أول مشروع بيئي أو فكرة خضراء تبادرت إلى جمة في الطفولة؟
أول فكرة خضراء تبادرت لي وإنا في الصف العاشر، بعد إنهاء مادة التقنية، طرحت يومها سؤالاً: لماذا لا تستغل وزارة الزراعة الأعشاب التي تنمو على حواف الطرقات؟ وماذا يحدث لو جمعناها وجففناها وتم تعبئتها واستغلالها كأعلاف للحيوانات؟ هذا ما خطر ببالي كي أحل مشكلة بيئية بسيطة جدًا، ولها فائدة كبيرة.
شيء عن جمة: الدراسة، الهوايات، الأحلام ...وأي شيء تحبين أن يعرفه عنك قراء (آفاق)؟
جمة طالبة نجت في الثانوية العامة، وبرغبتها اختارت تخصصها، وخاضت عدة تجارب عملية. وكما يطلقُ عليّ بعض الأساتذة فأنا الأكثر فاعلية في الجانب العملي والأكثر نشاطًا، فلم أعتمد على المواد المكتوبة بل أطبقها عمليًا، واستفيد من تجاربي.
وفي السنة الدراسية الثالثة بدأتُ في الجانب التدريبي من تلقاء نفسي، وبادرت وسعيت، وانتزعت بحمد لله أفضل مشروع تخرج حول "إنتاج الأشتال من زراعة أنسجة الأناناس في فلسطين"، وكان فريدًا من نوعه بامتياز. تساعدني ابتكاراتي المتتالية على تحقيق حلمي بأن أترك بصمة في هذا العالم، لعل من بعدي يأتي أحدهم ليطورها للأفضل.
يقولون إننا نكسّر مجاديف المبدعين في العالم العربي، كيف تعليقين على هذا؟
يحتاج أي مشروع في فلسطين إلى المال، ولكن الرياديين يطالبون بمبالغ كبيرة قد تصل مليون دولار، مع أني أؤمن أن المال ليس بعائق... الكثير من المبدعين يحبطهم الموضوع المادي، كما تتبنى الحكومة صفوة المشاريع الناجحة وليس جميعها، مع العلم أن الصبر مفتاح نجاح أي مشروع، ولوصول الفكرة إلى المعنيين علينا بالانتظار، حتى نُثبّت أقدامنا ونغرسها في عالم النجاح.
من وحي تجربتك، ما أكثر ما يضايق الشباب الطموح؟
طالما توجد فئة تهتم وتعتز بنجاحات الإنسان الطموح، فذلك هو السر الذي يتحدى الإحباط. وأتمنى من الجامعات فتح باب التعاون بين طلابها بطريقة أكثر اجتماعية؛ لتتوارد لهم الأفكار وينتقلون إلى دنيا الإبداع، مع توفير فرصة تأمين الجانب التجريبي والعملي لهم.
برأيك أين هي الثغرة في مناهجنا المدرسية والجامعية؟
الثغرة الكبرى هي من المقاعد الدراسية، إذ لا يوجد تغير نوعي كبير فيها، ويجب فتح مختبرات علمية في الجامعات والمدارس، حتى تساعد الطلبة على العمل اليدوي، وخاصة جامعة القدس المفتوحة، وأتمنى أن يحصل طلاب الزراعة على مختبر خاص بهم لتطبيق دراستهم في جنين.
ما السؤال الذي لا تحب جمة الإجابة عليه؟
كوني خريجة ثانوية عامة من فرع العلوم الإنسانية، ونجحت في مجال الهندسة الزراعية، فلا أحب هذا السؤال المتكرر دومًا: كيف نجحتِ وأبدعتِ في التخصص وأنت خريجة الفرع الأدبي ؟