![](https://www.maan-ctr.org/magazine/files/image/photos/issue90/alrased/1/1.jpg)
لقد درج بعض الناس على الحصول على كل شيء، من استهلاك البضائع المتنوعة، السكن الفاخر، السفر من بلد إلى آخر، التمتع بوسائل الرفاهية المختلفة. متجاهلين ما يحتمه نمط الحياة هذا من استهلاك كميات كبيرة من الطاقة، فلا أحد يستطيع إنكار الدورِ المهم الذي لعبته الطاقات التقليدية في حركة التصنيع التي شهدها العالم خاصة البلدان الغربية، وفي المقابل لا أحد يستطيع إنكار ما تسببه هذه الطاقة من آثار بيئية وخيمة وكذا أضرار اجتماعية واقتصادية.
فقد تعامل الناس مع بيئتهم حتى عهد قريب وكأنها سلعة مطلقة، مسلّمين بما حبتهم به باعتباره أمرا طبيعيا: الهواء والحرارة والماء والتخلص من الفضلات. ولكن لم تعد البيئة الآن تفي الحضارة بهذه الحاجات دون تكلفة اقتصادية، أو تدهور بيئي، لقد زاد الطلب بصورة درامية على مدى المائتي العام الماضية، حيث أن العامل الاقتصادي هو المحرك الذي يدور في فلكه التطور الصناعي بجميع قطاعاته فإنه في نفس الوقت، يكبد المجتمع تكاليف جد باهظة.
فأسعار السوق التي تكبدها الطاقة التقليدية، لا تمثل إلا جزءا ضئيلا من التكاليف الفعلية التي يتكبدها المجتمع، ذلك لصعوبة وفشل تقدير التكاليف والأسعار الحقيقية لمصادر الطاقة التقليدية، إذ تجعل جميع مستهلكي الطاقة التقليدية يدفعون دعما لها من جيوبهم بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، مثل دفع الضرائب بجميع أنواعها(ضرائب الكربون، ضرائب الطاقة وتسعير المشتقات النفطية...)، سداد تكلفة علاج الأضرار الصحية التي يتعرضون لها من جراء استخدام هذه المصادر التقليدية، ويمكن أن ندرج هذه التكلفة في باب التكلفة البيئية، وأضف إلى هذه التكاليف؛ تكلفة الإمداد والتزود بموارد الطاقة. فإذا تم تقدير هذه التكاليف بطريقة واضحة، سنجد أن مصادر الطاقة الأحفورية أصبحت تشكل ثقلاً على كاهل ميزانيات المدفوعات الطاقية لغالبية الدول.
لاحظوا معنا الرسم أسفله، عن الجبال الجليدية للتكاليف المجتمعية للطاقة والوقود الاحفوري.
رسم بياني للجبال الجليدية للتكاليف المجتمعية
وعلى الرغم من أن البيئة لا تزال تمدنا بهذه الموارد فإنها أضحت الآن محدودة ولم تعد طليقة، وتعرف المجتمعات الصناعية المتقدمة أن ليس أمامها سوى اختيارين: إما أن تحد من طلبها وإما أن تدفع للبيئة بأن تحافظ عليها نظيفة مصانة نسبيا، وذلك من خلال مبدأ الملوث الدافع والذي يعدُّ أحد الركائز الهامة في اقتصاديات البيئة ويقضي بتحميل تكاليف التلوث للمتسبب فيها. فما هي الفلسفة التي يستند إليها وما مضمونها؟؟؟ وماذا عما يعرف بضريبة الكربون وما الفرق بينها وبين ضريبة الطاقة؟؟؟ هل هناك فعلا إمكانية احتساب التكاليف الناجمة عن استهلاك الطاقة الوقودية؟؟؟
1. تكاليف التزود بالطاقة الأحفورية والموارد الطبيعية:
وفقا لدراسة أجريت بتكليف من المفوضية الأوربية، وجدت أن التكاليف الاقتصادية التي يتكبدها المجتمع الأوروبي، بسبب استخدام النفط والفحم لتوليد الكهرباء تتراوح ما بين 5-8 يورو وسنت ط م/كيلو واط ساعة و 3-6 يور وسنت ط م/ كيلو واط ساعة على التوالي. ناهيك عن مشكلة نضوب الاحتياطات الذي أصبح على مرمى البصر.
وفي هذا الإطار أشاد الدكتور (أوربوش) في دراسة له عن تكاليف الطاقة الاحفورية أن زيادة الأسعار الوقودية ستضيف عنصرا جديدا يسمى عنصر المخاطر، وسيظهر عند حساب معدل الخصم البنكي، والذي سينتج عنه ارتفاع صافي القيمة الحالية للوقود الاحفوري، وانخفاض صافي القيمة الحالية لمصادر الطاقة المتجددة. وقد تنبأت دراسة أخرى لمعهد (بركلي) بالولايات المتحدة الأمريكية بأن قيمة عنصر المخاطر الناتج عن ارتفاع الأسعار سيتراوح من 0.3 إلى 0.6 سنت/ك.و.س. يتم إنتاجه من الوقود، كما أوضحت الدراسة أن طرق النماذج الرياضية التي يستخدمها مخططو الطاقة في حساباتهم لتقدير تكاليف الطاقة قد توقف العمل بها في بعض الصناعات، ولكنهم مازالوا يستخدمونها في توقعاتهم لتكاليف الطاقة النسبية.ويمكن أن نستنتج من تحاليل المخاطر الاقتصادية لتلك الدراسات أن صافي القيمة الحالية لمصادر الطاقة المتجددة أقل سعرا من مصادر الوقود التقليدي المستخدم.
ومع أن الفضل يرجع إلى أنواع الوقود الاحفوري المختلفة، في تغذية الازدهار الاقتصادي على مدى الخمسين أو الستين سنة الأخيرة، فإنها مع ذلك لم تعد مصادر يعتمد عليها في الحصول على الطاقة.
وفي نفس الاتجاه تشير نظرية التأثيرات الخارجية (effets externes) إلى مسألة عجز السوق الحر وفشل آليات جهاز الثمن في تسعير وتخصيص الموارد الشائعة الملكية، مما تنشأ عنه المشاكل البيئية بسبب فشل السوق في إعطاء المؤشرات السعرية المناسبة للموارد البيئية خاصة الشائعة الملكية مثل الماء والهواء، ويترتب عن ذلك عدم تحمل التكلفة الحقيقية للاستخدام تلك الموارد التي تستخدم مجاناً بدون مقابل مالي يتحمله مستخدمها.
والآثار الخارجية تظهر عندما يؤدي إنتاج سلعة أو خدمة ما إلى حدوث بعض الآثار الجانبية التي تتضمنها أسعار هذه السلعة أو الخدمة وتزول بعض تكاليف أو منافع هذه الآثار إلى طرف خارجي ليس له علاقة مباشرة بالإنتاج. والتأثيرات الخارجية نوعان:
· عندما تكون الآثار الخارجية نافعة يطلق عليها حينئذ منافع خارجية أو آثار خارجية موجبة، مثال ذلك وجود بستان تفاح بجوار منشأة لإنتاج عسل النحل، فيترتب على وجودهما بجوار بعضهما آثار خارجية نافعة لكليهما، فالنحل يتغذى عل رحيق أزهار التفاح وفي نفس الوقت يساهم النحل في تلقيح بستان التفاح.
· أما النوع الثاني فهو عندما تكون الآثار الخارجية ذات آثار ضارة وسلبية ويطلق عليها في هذه الحالة تكاليف خارجية سلبية، فإن ذلك يؤدي إلى وجود تكاليف خارجية تتأثر بها الأطراف الخارجية أي المجتمع، الذي تفرض عليه تحملها رغم عدم الاستفادة من العملية الإنتاجية، تتزايد التكاليف الخارجية هذه مع زيادة الانتاج الذي لا يأخذ في الاعتبار التقييم الاجتماعي للعائد.
إن أخذ المنتج للتكلفة الخارجية في الاعتبار وتضمينها تكاليف إنتاجية، فسوف ينخفض الإنتاج إلى الكمية المثلى من وجهة نظر المجتمع ويرتفع السعر ليعكس السعر الاجتماعي، وإن تخفيض الانتاج في هذه الحالة سيؤدي إلى تخفيض كمية التلوث ويحفز إلى الاستغلال العقلاني في الموارد الطبيعية.
2- تكاليف الإمداد بالطاقة غير متجددة:
على الرغم من ظهور الكثير من المناظرات العلمية، وفضلا عن صعوبة تحديد الوقت الذي سينضب فيه إنتاج النفط على المستوى العالمي، إلا أنه ما من شك في أن ذلك سيحدث في المستقبل القريب، فمتابعة المبادئ الاقتصادية الأساسية بالإضافة إلى ارتفاع الطلب، لم يصبح الوقود الاحفوري فقط أقل توفرا من ذي قبل، بل إن المخزون الاحتياطي أصبح مقتصرا على بعض المناطق مما قد يسبب مشاكل أمنية وسياسية جسيمة.
وأظهرت دراسة حديثة أجراها معهد ماكينزي العالمي، أن الاستخدام الكثيف للموارد يدفع أسعار الطاقة والسلع الأساسية للصعود؛ ويرى أنه سيتعين إعادة النظر بالكامل في إدارة الموارد، إلى جانب الزيادات الحادة في الكفاءة في استعمال الطاقة للتوفيق بين الموارد المحدودة والطلب المتزايد عليها. وعلى وجه الخصوص، ستتزامن الزيادات في الطلب بنسبة 80-30 في المائة في جميع الموارد الرئيسية مع الصعوبات والتكاليف المتزايدة في الوصول إليها واستخراجها.
وتشير التقديرات الحالية أن الاحتياطي من النفط الخام يقدر بما يقارب من 1259 مليار برميل والغاز الطبيعي ب 185 ألف مليار برميل، أما إنتاج النفط العالمي فقد وصل إلى 81.8 مليون برميل.
ويتواجد أغلب هذه الاحتياطات بثلاث مناطق رئيسية، وهي الشرق الأوسط بنسبة %60، تليها قارة أوروبا في المرتبة الثانية بنسبة %11.4، ثم القارة الإفريقية في المرتبة الثانية بـ%10 من المخزون العالمي. كما تشير غالبية الدراسات أن هذه المناطق ميزتها عدم الاستقرار السياسي ودائمة التوتر، مما يزيد من كلفة الحصول على هذه الموارد خصوصا من الناحية الأمنية، دون أن ننسى الدول التي تستورد النفط والمثقلة بالديون الأجنبية، فكل هذه الأسباب تحفز انتهاج إستراتيجية ترمي لتحسين كفاءة الطاقة.
إجمالا لما قيل عن هذه المناطق الجغرافية لتواجد الموارد الأحفورية فإنها تتميز بعدم التكافؤ من ناحية حصة واحتياطي كل منطقة، إضافة إلى كون غالبية الاحتياطات العظمى تستحوذ عليها دول نامية تعاني الفقر وعدم الاستقرار السياسي، إلا أن ميزتها أن احتياطاتها مازالت المسيطرة على الإنتاج العالمي من الطاقة، خاصة تلك المنضوية تحت راية الاوبيك. والملاحظة الثانية أن ما تبقى من الدول التي كانت تزخر منطقتها بهذه الموارد قد بلغت ذروتها وغالبيتها من الدول الغنية والمسيطرة على الاقتصاد العالمي، والدول التي عرفت في نهاية القرن العشرين وبداية هذا القرن، عرفت نموا سريعا مثل الدول الأسيوية.
والخريطة أسفله تلخص الوضع الحالي للمناطق الجغرافية للموارد الأحفورية
3- فلسفة الضريبة البيئية أو الرسوم البيئية: تكلفة جديدة للتطبيق
تستند فلسفة الضريبة البيئية إلى مبدأ الملوث الدافع والذي يعد أحد الركائز الهامة في اقتصاديات البيئة ويقضي بتحمل تكاليف التلوث للمتسبب فيها، لأن الملوث يستفيد من الوسط الطبيعي على حساب بقية أفراد المجتمع الذين يتعرضون للأضرار، فعليه أن يدفع مقابل هذه الاستفادة حيث تعتبر الموارد الطبيعية كعامل أو عنصر من عناصر الإنتاج مثل عنصر الرأسمال، وباعتبار قدرة الوسط الطبيعي محدودة من حيث استيعاب مختلف الانتاج مثلما هو الحال بالنسبة لغازات الاحتباس الحراري.
ويعتبر الاقتصادي البريطاني "أرتل سيسيل بيجو" أول من دافع عن فرض ضريبة على الضرر البيئي، في كتابه اقتصاديات الرفاهية الصادر عام 1920 أشار إلى التكاليف الخفية لانبعاث الدخان من المصانع في مانشستر بانجلترا.
يرى الاقتصادي بيجو pigou أن حلّ المشاكل البيئية أنما يكمن في تدخل الحكومات عن طريق استخدام الضرائب لحمل الذين يخفون المشكلات البيئية على تحمل تكاليف الضرر الذي يحدثونه، وعندئذ يحسبون التكاليف والفوائد التي تعود عليهم من الضرر البيئي، فإنهم سيضطرون إلى أخذ مصالح المتجمع في اعتبارهم، فإذا ارتفعت تكلفة ما يسبب ضرائب التلوث، فأي شركة تدار بأسلوب رشيد سوف تخفض التلوث كحماية اقتصادها.
وتعبر نظريته وصفة سارية بين الاقتصاديين قبل أن تتحول إلى فكرة قانونية.
وعلى الجانب الآخر خلص الاقتصادي "كوسي coase" إلى أن مسألة الآثار الخارجية يمكن حلّها بتخصص الموارد الطبيعي، فإذا كان للملوث حق التلويث فمن حق الضحايا دفع الملوث ( لكي يستفيد هذا الأخير من الموارد الطبيعية) بأن يؤدي إلى تعويض الضحايا عن الآثار المترتبة عن هذا الاستغلال، حسب رأيه فإن تخصيص الموارد الطبيعية تغير في توزيع المداخل وعدم المساس بالتنمية.
تتجاهل هذه النظرية البعد الوقائي الذي تأخذ به نظرية pigou، كما أنها تهمل أيضا دور السلطات العامة التي تُرخّص للحصول على الموارد الطبيعية وتتجاهل الطابع غير المؤقت للأضرار البيئية، ونتيجة لذلك فهي تتجاهل احتياجات الأجيال القادمة.
* مضمون وأهداف الضريبة البيئية:
يمكن تعريف الرسوم البيئية بأنها " اقتطاع مالي تحدده السلطات العامة على الملوثين للمساهمة في رقابة وإصلاح البيئة ودفعهم إلى تغيير سلوكهم لصالح البيئة".
نستخلص من هذا التعريف الملاحظات التالية:
- تتخذ الرسوم البيئية عدة صور رسوم (taxes) شبه رسوم(taxes parafiscale) ورسوم انتفاع، وهناك من يطلق عليها تسمية الضرائب الايكولوجية وبما أن مصطلح الايكولوجية تعني دراسة الوسط والبيئة فيفضل البعض استعمال عبارة الرسوم البيئية(taxes environnementales) .
- تفرض على الموارد الملوثة للبيئة: كالمواد الكيماوية والمبيدات....إلخ،كما تفرض على منتجات ملوثة كوسائل النقل، أما رسوم الانتفاع فتفرض على الخدمات المهددة للبيئة.
مهما كانت التسمية فهي تشكل مبالغ مالية تقتطع إجباريا وإلزاميا من طرف السلطات العامة، وتوجه لتمويل السياسات البيئية، فهي عبارة عن مقابل لتقديم السلطات العامة ترخيصاً للقيام بنشاط ملوث أو استخراج أو استهلاك موارد طبيعية متجددة أو غير متجددة، وذلك من أجل دفع المنتجين والمستهلكين على تغيير سلوكهم لصالح ولفائدة البيئة.
يعتبر الفقه التقليدي أن الدور الأساسي والأولي للضرائب يتمثل في تمويل وتزويد السلطات العامة بالموارد المالية لضمان تغطية مصاريفها، ومع تطور نظام الضرائب أصبح دورها ينحصر أكثر فأكثر في الإصلاح الاجتماعي باعتبارها وسيلة لممارسة السلطة ولإعادة توزيع ثروات الدولة.
أما بالنسبة لرسوم البيئة فتعد مظهرا أكثر تطورا، وتتمحور أهداف هذه الرسوم كالآتي:
- هدف تمويلي: بصفة عامة تهدف الرسوم البيئية إلى فرض الضرائب وذلك بموجب الوظيفة العامة للدولة في تحصيل الإيرادات العامة من أجل المساهمة في التكاليف والأعباء العامة، مما يخفف من مصاريف الدولة في حماية البيئة.
- هدف إصلاحي علاجي: كان هدف الرسوم البيئية في البداية إصلاحي، يعني قيام الملوث بدفع رسوم من أجل إصلاح الآثار الضارة المترتبة عن نشاطه.
- هدف وقائي تحفيزي: لقد أصبح الغرض من فرض الرسوم البيئية تحفيز المشروعات والشركات على استخدام تكنولوجيا أقل تلويثا وتدميرا للبيئة.
أكد تقرير صادر عن مجموعة عمل الخبراء للدول الأعضاء في منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية المتعلق باستعمال الوسائل الاقتصادية، أن هذه الوسائل (الرسوم البيئية) مبتكرة:
- لتصحيح أسعار السوق بواسطة إدخال الأسعار الايكولوجية
- للتشجيع على التخفيض من التلوث أكثر مما تسعى لتحقيقه القواعد التنظيمية.
- لتمارس ضغطا مستمرا على الملوثين مما يحث هؤلاء على إتباع سلوكيات أقل ضررا بالبيئة.
تعتمد الأدوات الاقتصادية على التأثير في نفقة الانتاج التي قد تنتقل كلها أو بعضها إلى أثمان السلع المنتجة والخدمات المقدمة، ومن ثم فإنها تؤثر على حجم استغلال الموارد الطبيعية، الانتاج ونوعيته وحجم الاستهلاك. فقد أدى رفع الضريبة على البنزين المحتوي على الرصاص في انجلترا إلى رفع حصة السوق من البنزين الخالي من الرصاص من 4 % إلى 30 في المائة لذلك فإن الرسوم على النشاطات الملوثة يمكن أن تشكل وجها آخر لمكافحة التلوث المدمر للبيئة حيث تحفز المؤسسات على إجراءات وتدابير للتخلص من التلوث.
· تكاليف الرسوم على الكربون:
من الضروري أن نفرق في هذا الإطار بين ضريبة الكربون وضريبة الطاقة. إذ أن ضريبة الطاقة تفرض على الإنتاج أو الاستهلاك من الطاقة مثلا دولار لكل مليون وحدة حرارية بريطانية $/BTU أو لكل كيلوواط ساعة من استهلاك الكهرباء بغض النظر عن محتواها من الكربون، بينما ضريبة الكربون تتناسب مع محتوى الكربون في الوقود الأحفوري، وبالتالي فهي متعلقة بالوقود الذي يحتوي على كربون.
تعد دول السوق الأوروبية المشتركة أول من اقترح إمكانية فرض ضريبة على الكربون عندما بحث مجلس وزرائها في اجتماعه في دبلن عام1990 جوانب مشكلة التلوث والتأكيد على أهمية إتباع سياسات تحد من انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري خاصة ثاني أكسيد الكربون، ثم وافق المجلس الأوروبي في 29أكتوبر1990 على تثبيت ثاني أكسيد الكربون عند مستويات عام 1990 بحلول عام 2000. وتبع ذلك تقديم دراسة للمجلس في 1991 حول الإستراتيجية الواجب إتباعها من المجموعة الأوروبية لتحقيق هذا الهدف، وأيضا الدول المتقدمة.
الجدول أسفلة يوضح بعض النماذج عن زيادة التكاليف بفرض ضريبة الكربون.
الزيادة في تكاليف الإنتاج نتيجة فرض ضريبة كربون مقدارها 100 $
لكل طن كربون على الصناعات الكثيفة الاستعمال للطاقة
الدولة
|
الزيادة % في تكاليف الإنتاج
|
الولايات المتحدة
|
2.8
|
اليابان
|
1.2
|
استراليا
|
5.2
|
ألمانيا
|
1.6
|
بريطانيا
|
1.6
|
المصدر:Baron and ECON-Energy 1997) (
فقد فرضت هذه الضريبة نتيجة وجود خطر حقيقي متمثل في تغير المناخ، الذي يؤثر سلبا على رفاه البشرية والاقتصاد العالمي. لهذا تركزت النقاشات في البداية على موافقة دولية من أجل الحد من إنتاج الغازات الدفيئة تحت رعاية اتفاقية نظام الأمم المتحدة لتغير المناخ التي تم تبنيها بشكل رسمي سنة 1992 في نيويورك، في إطار هذه الاتفاقية حاولت معظم الدول الصناعية الكبيرة ومن ضمنها أعضاء منظمة التعاون الاقتصادي والتطور(onecd) و12 دولة بحالة تحول اقتصادي أن تعيد مستويات انبعاثاتها من غازات الدفيئة إلى مستويات عام 1990 فعند عام2000 أتبعت هذه الاتفاقية بتوقيع التزام معاهدة كيوتو للقيام بعمل محدد تم طرحه في كيوتو باليابان عام1997، فبناءً على هذا الاتفاق وافقت الدول الصناعية على تخفيض انبعاثاتها لمجموعة من ستة غازات دفيئة ؛ بأهداف يتراوح متوسطها بين0 في المائة و8 قي المائة على مدى الفترة الممتدة من 2008 إلى 2012. إن مثل هذه الضرائب تقلل من الاعتماد على الوقود الأحفوري، وبالتالي تقلل غاز ثاني أكسيد الكربون الناتج في الجو وتحسن من إمكانيات اعتماد الطاقة المتجددة التي تساهم في الحفاظ على البيئة.
· المبررات الخفية للرسوم على الكربون
إذا كانت بعض المشاكل البيئية المتنوعة قد أدت إلى تعاون دولي إقليمي لمواجهة آثارها، فإن البعض منها يخفي في حقيقته صراعا أدى بالبعض إلى إتهام الدول المتقدمة بمحاولة فرض نوع من الوصاية على دول العالم الثالث بحجة حماية البيئة، ودفع البعض إلى الحديث عن نشأة الامبريالية الخضراء.
على فرض أن الهدف من الضريبة المقترحة هو خفيض استهلاك الطاقة الكربونية كحماية البيئة، لكن مفارقة غريبة تؤكد أن الهدف الخفي في حقيقته هو الرغبة في زيادة إيرادات الدول الأوروبية بإتباع سياسة ضريبية تمييزية غير عادلة ضد مادة البترول. وتتلخص المفارقة في أن البترول الذي يساهم بنسبة 43 في مائة من ثاني أكسيد الكربون الموجود في الهواء يخضع فعلا لعبء ضريبي مبالغ فيه، بينما يساهم الفحم بنسبة 42 في مائة من هذا الغاز ويتمتع بالإعانات التي تضاعفت في بعض الدول المهمة في الجماعة الأوروبية، ويتضح مدى التناقض إذا أخذنا في الاعتبار انخفاض حصة البترول من إجمالي استهلاك الوقود من 59% من استهلاك الدول الصناعية عام 1971 إلى 50%في سنة 1990، بينما تزداد حصة الفحم المدعّم من 20 في مائة إلى 25 في مائة.
وتعتبر الدول المصدرة للنفط وعلى رأسها المملكة العربية السعودية، من الدول المناهضة لفرض ضريبة الكربون معتمدة على العديد من الحجج ومن أبرزها:
تدعو المشاكل البيئية إلى إتخاذ موقف سياسي للدخول في تعاون دولي جدي وحقيقي، وإن الإجراءات المتخذة من طرف واحد من قبل دولة أو مجموعة من الدول تحت ستار الاعتبارات البيئية وتؤثر سلبا على مصالح دول أخرى، هي إجراءات لا تخدم إقامة تعاون دولي فعّال لمصلحة البيئة والتنمية ولن تحقق هدفها المعلن.
تعتبر ضريبة تمييزية وغير عادلة، والادعاء أن الضريبة المقترحة ليست تمييزية ضد البترول ومصالح الدول المصدرة له، وإنما ستشمل مختلف مصادر الطاقة الأحفورية لهو ادعاء غير منطقي، حيث تشير الدلائل إلى أنها أداة إضافية تحت مسمى جديد يهدف إلى زيادة حصيلة الخزائن الحكومية للدول المستهلكة، فالبترول أكثر السلع خضوعا للعديد من الضرائب بداية من الضرائب على الأرباح، الرسوم الجمركية في مرحلة البترول الخام مرورا بالضرائب على القيمة المضافة، فضلا عن رسوم إضافية في مرحلة الاستهلاك....
الملاحظ أيضا أن الدول المتقدمة تحاول حل المشاكل البيئية على حساب بعض دول الجنوب مع التوسيع في الفجوة بين الدول المتقدمة والدول النامية، فبدلا من التزام الدول المتقدمة بتمويل مكافحة التلوث على المستوى الدولي ما زالت مصرة على حل مشاكلها بطريقة أنانية.
تمثل الضريبة انتهاكا للقانون الدولي، فهي تنتهك الالتزام الدولي العام الذي يقضي بضرورة مراعاة الدول المتقدمة لمصالح الدول النامية ذلك ما تأكده المواثيق الدولية ومنها ما ورد في مبدأ 12 من إعلان ريو 1992.
إن ترسيخ دراسة التكلفة والعائد في التنظيمات التي تتطلب تحديد الضرر الايكولوجي وقيمته الحقيقية، فإن العائد لا يشمل كل التكاليف والتقديرات، وإنما تشمل فقط التكلفة التي يمكن قياسها، ولكن لا يمكن تقدير بعض الأضرار مثل ذلك تدهور التربة، انقراض أنواع من الحيوانات والنباتات أو تلويث الأنهار…..