غزة / خاص بآفاق البيئة والتنمية
اجمع مختصون في الشأن البيئي والصحي والزراعي في مؤتمر صحفي عقده مركز العمل التنموي/ معا لتسليط الضوء على الآثار الصحية والبيئية والمائية للعدوان الأخير على قطاع غزة، الذي استمر 51 يوماً وأمطر أهل غزة بوابل من الأسلحة التي عُرف بعضها وبقي البعض الآخر مجهولا، إلا أن هذه الاسلحة بلا شك سيمتد اثرها الى سنوات عديدة وتصيب اجيالا متلاحقة بأمراض خطيرة.
وشدد هؤلاء المختصين على ان العديد من الاصدقاء الأوروبيين والعرب الذين تمكنوا من اخذ عينات لمنازل وتربة استهدفها الاحتلال الاسرائيلي لفحصها وكشف نوع الاسلحة المستخدمة، قد انقطع الاتصال معهم، وأصبحوا يتهربون اذا ما تم الاتصال بهم وحتى هذه اللحظة لم تصل النتائج.
ورأى المتحدثون الذين مثلوا مؤسسات حكومية وخاصة، ان عدم وجود مختبرات محلية للفحص ذات تقنية عالية دفع بالاحتلال الى ارتكاب المزيد من المجازر واستخدام اسلحة لم تعرف سابقاً، وجعل من القطاع مختبراً لتجريب اسلحته.
د.اشرف القدرة :
الاحتلال استخدم أسلحة كانت تنفجر على بعد متر لسطح الأرض ما يؤدي الى تفحم جثث الشهداء، اما الناجين من هذه الاسلحة فيعانون من بتر للأطراف العلوية او السفلية وحروق درجة "2، 3".
|
الحرب في أرقام
وانطلق المؤتمر الصحفي الذي استمر على مدار ستين دقيقة باستعراض د. اشرف القدرة مدير العلاقات العامة في وزارة الصحة للواقع الصحي خلال الحرب الاسرائيلية قائلا " نحن امام مشهد يحتاج الى تبيان للحقائق المختلفة اولها على المستوى الانساني والصحي (...)، الاحتلال انطلق قبل الحرب بتشديد الحصار على القطاع وإغلاق المعابر وبالتالي حرم غزة من 30% من الادوية والمستلزمات الصحية، اضافة الى عدم مقدرة المرضى على التنقل بين مشافي الضفة والداخل المحتل ".
ويضيف القدرة، ان القدرة الاسعافية قبل الحرب كانت فقط " 50% " وكنا انذاك نحتاج الى "240" الف لتر من السولار لتعويض النقص الحاصل قبل العدوان، لافتاً الى ان الحرب الاخيرة بدأها الاحتلال من حيث انتهى من حرب 2012 باستهداف مراكز للأحياء السكنية، والتي بدأت شرارتها في جنوب القطاع باستهداف عائلة كوارع التي راح ضحيتها شهداء وعشرات الجرحى، حيث كان المواطنون يشكلون درعا بشريا حينها.
توالت الاعتداءات على الاحياء السكنية حتى وصل عدد الشهداء الذين خرجوا من السجل المدنى 91 عائلة، وحجم الاضرار البشرية " 2150 " شهيداً حتى اللحظة و"11230 " جريحاً.
وقال د. القدرة ان الاحتلال استخدم اسلحة تقليدية وأخرى غير تقليدية، وعلى سبيل المثال فقد استخدم الدايم وذلك باعتراف الاطباء النرويجيين الذين كانوا يعاينون الجرحى.
ولفت الى ان الاحتلال استخدم اسلحة كانت تنفجر على بعد متر لسطح الارض مما يؤدي الى تفحيم لجثث الشهداء، اما الناجين من هذه الاسلحة فإنهم يعانون من بتر للأطراف سواء العلوية او السفلية وحروق درجة "2، 3".
ويشير الى ان الاحتلال ولزيادة عدد الشهداء والجرحى، فقد استخدم القنابل المسمارية، لافتا الى انه وبشهادة هيثم ابو السعيد أمين عام المنظمة الدولية لحقوق الإنسان وسفير المفوضية في الشرق الأوسط، فإن الاحتلال استخدم غاز السرين والكبريت كما استخدم الفسفور الابيض غير المركز.
وشدد د. القدرة على ان (اسرائيل) منعت دخول الاطقم الطبية الى الشجاعية عقب المجزرة التى ارتكبتها لأيام، ويوضح: "عندما وصلنا الى هناك وجدت جثثاً متحللة منصهرة وهذا دليل على استخدام اسلحة جديدة ومحرمة، لافتا الى ان تعفن بعض الاجساد لا يتناسب والفترة الزمنية التى تركت فيها، ونبه الى انه تم رفع الامر لمؤسسات دولية لمقاضاة الاحتلال".
وأشار الى ان الاحتلال استهدف المراكز الصحية وكذلك مراكز الايواء، وأوقع داخلها عشرات الشهداء ومئات الجرحى، لافتا الى انه تم استشهاد "138" مواطناً داخل هذه المراكز سواء أكان في المدارس او المراكز الصحية التى شكلت مراكز ايواء، لا سيما مستشفى الشفاء.
حرب إبادة
م.نزار الوحيدي:
" لا نملك أي جهاز لتحليل التربة (...) لا يمكن اعطاء الاحتلال صك براءة مجانا كوننا لا نملك أجهزة القياس"
|
واستهل م, نزار الوحيدي مدير الإدارة العامة للتربة والري في وزارة الزراعة كلمته بعبارة انها "حرب ابادة " حيث استهدفت كل شيء وبأنواع شتى من الاسلحة، كما استهدفت بشكل رئيسي الأمن الغذائي للمواطنين في القطاع.
وقال ان ما حدث بغزة جريمة لا يمكن حلها بتسوية التربة فهناك "35" الف حفرة، لافتا الى ان حرارة القنابل وصلت الى 2000 درجة، وانتقلت الى الارض المجاورة، وأصبح امامنا منطقة ميتة يحتمل ان يكون بها مواد مشعة.
وتابع قائلا: لا تملك أي جهاز لتحليل التربة لندين الاحتلال (...) لا يمكن اعطاء الاحتلال صك براءة مجانا كوننا لا نملك اجهزة القياس".
ولفت الى ان "20" ألف دونم من الأراضي الزراعية شكلت مسرحاً لعمليات الاحتلال، كاشفا النقاب ان 15 ألف دونم خرجوا من دائرة الإنتاج الزراعي بسبب استهدافهم خلال فترة الحروب.
ولفت إلى أن القطاع الزراعي تكبد خسائر بسبب العدوان الإسرائيلي الأخير على القطاع، 550 مليون دولار منها 350 مليون دولار أضرار مباشرة، مؤكدا على أن الاحتلال يهدف إلى ضرب الأمن الغذائي والتسبب بأزمة تبقى لعدة أجيال قادمة.
ونوه الوحيدي إلى أن المواد المشعة التي نتجت عن استخدام الاحتلال لأسلحة محرمة دولياً قد تبقى لمئات السنوات، موضحاً أن هناك أراضٍ لم تعد تنبت أو تنتج أي محاصيل، وذلك بعد حرب 2009 رغم محاولات إعادة التأهيل المستمرة.
نزار الوحيدي :
لا تملك أي جهاز لتحليل التربة لندين الاختلال (...) لا يمكن اعطاء الاحتلال صك براءة مجاننا كوننا لا تملك اجهزة القياس
|
وأردف: "لا نجد أي طرف دولي أو عربي لمساعدتنا في تحليل عينات من التربة والمياه، كما أننا نفتقد لهذا النوع من الأجهزة وبالتالي لا نستطيع التعرف على المشاكل التي تركتها أسلحة الاحتلال على البيئة الفلسطينية"، مبيناً أن المختبرات الكبرى في الأراضي الفلسطينية جميعها أجهزتها معطلة.
التربة والمياه
وذكر الوحيدي أن مشاكل التربة والمياه عابرة للأجيال وللحدود ولن تبقى في مكان القصف والاستهداف، مشيراً إلى أنهم أرسلوا عينات من التربة والمياه من جهات دولية وعربية، إلا أنهم لم يتلقوا الرد حتى الآن في ظل رفض هذه الجهات الرد على اتصالات الجهات المحلية.
وأكد على أن 30% من مساحة القطاع بحاجة لتدخل سريع لإعادة تأهيلها حيث لا توجد شبكات للمياه أو للري أو آليات للمساهمة في تسوية التربة بعد أن دمرت خلال القصف، مضيفاً أن الاحتلال ارتكب جريمة ستبقى آثارها للأجيال القادمة دون أي مساعدة من أي أحد".
ولفت الى ان ما حصل في غزة حرب ابادة وليست حرب تقليدية، والضرر ليس بحرب وانتهت، وإنما سينتقل لأجيال وأجيال.
وأشار الى ان غزة التى في تاريخها لم تستورد بعض انواع الخضروات، لاسيما الطماطم والأعشاب المختلفة باتت تستوردها اليوم.
مياه غير صالحة
م. منذر شبلاق:
"100 % من مياه القطاع غير صالحة للشرب وغزة تعيش كارثة مائية بسبب السياسات الإسرائيلية التي تستهدف قطاع المياه بكافة أشكاله و30% من المنشآت المائية أصبحت غير صالحة للعمل "
|
مدير عام مصلحة مياه بلديات الساحل م. منذر شبلاق قال إن 100% من مياه قطاع غزة غير صالحة للشرب وأن غزة تعيش كارثة مائية بسبب السياسات الإسرائيلية التي تستهدف قطاع المياه بكافة أشكاله.
وأضاف إن الاحتلال عمل على عدم تمكين أي مؤسسة لتقديم خدماتها لقطاع المياه.
وبين شبلاق أن 30% من المنشآت المائية أصبحت غير صالحة للعمل بسبب الحرب الأخيرة على القطاع واستمرار انقطاع التيار الكهربائي واستهداف موظفي وعمال المصلحة، مما أثر على إيصال المياه للمواطنين وتشغيل محطات الصرف الصحي.
وأشار إلى تكبد قطاع المياه والصرف الصحي خسائر تقدر بـ34 مليون دولار ودمار كبير في الآبار والخزانات ومحطات الصرف الصحي، مشدداً على أن التأخر في إزالة الركام والردم والتأخر فيه يهدد بفقدان 30% من المنشآت المائية.
ولفت شبلاق إلى أن ركام البيوت المدمرة يعد أحد أهم أسباب تلوث الخزان الجوفي، حيث أن الردم اسُتهدف بأسلحة سامة وجرفها بمياه الأمطار في حال حدوث فيضانات سيسبب أزمة يصعب السيطرة عليها.
وطالب المؤسسات الدولية بإجراء تحاليل للمياه والتربة والهواء وفحوصات على البيئة الفلسطينية، لمعرفة آثار الأسلحة التي استخدمها الاحتلال الإسرائيلي خلال حروبه الثلاث
الأخيرة على قطاع غزة.
الاحتلال يرفض!!
م. محمود شعبان:
نحن ندير أزمة مياه في القطاع ولا ندير مصادر للمياه، والعدوان على غزة كان كارثياً، والأسلحة التي استخدمت تحمل مخاطر كبيرة على الخزان الجوفي ولها تأثير مباشر عليه".
|
بين المهندس محمود شعبان ممثلا عن سلطة المياه الفلسطينية أن مصادر المياه في القطاع قبل الحرب على غزة كان وضعها سيء للغاية .
وقال اننا ندير أزمة مياه ولا ندير مصادر للمياه، والعدوان على غزة كان كارثياً، وأن الأسلحة التي استخدمت تحمل مخاطر كبيرة على الخزان الجوفي ولها تأثير مباشر عليه".
وأضاف شعبان: "خلال فترة الحرب عملنا على تأمين مصادر المياه للنازحين وللمواطنين في البيوت، وبعد الحرب بدأنا بالاشتراك مع سلطة مصلحة مياه بلديات الساحل، بالعمل على مشاريع تحلية مياه لإمداد المواطنين بمياه الشرب".
وطالب بإحضار خبراء لأخذ عينات من المياه لفحصها والتأكد من خلوها من المواد المشعة، لافتاً إلى أن الاحتلال عرقل ورفض أكثر من مرة السماح لبعض المؤسسات الدولية جلب بعض الخبراء لفحص المياه والتربة في القطاع.
العدوان الإسرائيلي في أرقام
· بدأ فجر الثلاثاء في الثامن من تموز واستمرت 51 يوما
· استشهد 2150 فلسطيني بينهم: 580 طفلاً و266 سيدة، و104 مسن/ة
· 91 عائلة فلسطينية أبيدت عن بكرة أبيها وخرجت بالتالي من السجل السكاني المدني
· بلغ عدد الجرحى 11230 جريحا بينهم 3441 طفلا جريحا، و2116 سيدة 304 مسن.
· تم استهداف 17 مستشفى
· تم استهداف 26 مركزا صحيا
· تم تدمير 36 سيارة اسعاف
· نزح 250-300 الف مواطن الى مراكز الايواء وهي المدارس المنتشرة في القطاع.
· استشهد داخل مراكز الايواء 138 طفلا.
|