داغر: تطوعت مع عدل لأني وجدت فيهم الوطنية والرغبة في خدمة شعبهم
 |
 |
المتسوقون في حسبة شركة عدل للمنتجات العضوية برام الله |
إنتاج عضوي يسوق عبر شركة عدل |
خاص بآفاق البيئة والتنمية
في الساحة الخارجية للمحكمة العثمانية في قلب رام الله التحتا الصاخبة بضجيج حركة المواصلات التي لا تهدأ، تصطف عدة طاولات بخطين متوازيين لعرض العديد من المنتجات الغذائية العضوية بدءا من الحبوب بأنواعها وحتى الفواكه والخضراوات حسب الموسم، التمور والعسل والأجبان والألبان والأعشاب المجففة والعصائر الطبيعية المركزة والصابون الطبيعي ...وغيرها من المنتجات التي تذكرنا بالزمن القديم حيث العضوي النظيف من الكيماويات. من هناك كان لمجلة آفاق البيئة والتنمية اللقاء التالي مع مدير مبيعات شركة عدل " جهاد عبدو" لتتعرف أكثر من خلاله على فلسفة "عدل".
في البداية ما هي قصة عدل، وما الهدف منها؟
جاءت فكرة عدل، عبر تشاور ثلاثة مواطنين هم: المحامي أسعد غزاونة، والناشطة في العمل المجتمعي رماء يونس، وأنا جهاد عبدو المستشار في مؤسسة نيكود اليابانية حول ضرورة تأسيس مبادرة فلسطينية يتبناها اشخاص غير معروفين سياسيا أو تنمويا لكنهم يملكون الإيمان بالتغيير نحو الافضل.
تقوم المبادرة على ثلاثة مرتكزات: الأول: تشغيل الأسر المهمشة والفقيرة على قاعدة التشغيل فقط ما يساهم في التخفيف من فقرهم وبشكل جدي ومستدام. المرتكز الثاني: السوق الفلسطيني مستباح وأضحى مكباً لكل البضائع الغذائية الغير آمنة لصحة البشر، وكما نرى اليوم فهناك هزة صحية وانتشار للأمراض المستعصية وعشرات المليارات من التحويلات التي تتكبدها السلطة لعلاج الامراض الناتجة بشكل او بآخر عن سوء نوعية الغذاء، ما حدا بنا الى التركيز على انتاج الغذاء العضوي الأمن، اما المرتكز الثالث: فنحن وطنيا نحتاج لبرنامج يدعم منتجاتنا الوطنية في السوق المحلي والمقاطعة الحقيقية لبضائع المحتل الغذائية بعيداً عن موضات المقاطعة المؤقتة والتي تُملى على الناس دون أن تكون نابعة من قناعاتهم الشخصية فلا تستمر في ظل غياب بديل حقيقي، آملين أن نكون هذا البديل من حيث الجودة والقيمة.
تمكنت عدل اليوم من انتاج 100 صنف فلسطيني ومنتج غذائي طبيعي بتوقيع المزارعين في المناطق المهمشة.
 |
 |
جهاد عبدو مدير مبيعات شركة عدل |
خطوات إعداد المخلللات العضوية في شركة عدل |
ماذا يميز عدل عن غيرها من شركات الانتاج الغذائي؟
بلا شك إن ادخالنا لثقافة الزراعة البيئية لدى المزارعين والتي عرفتهم على طرق منتجة وآمنة تبدأ من مرحلة تصنيع التربة من مخلفات الغذاء العضوي المخمرة "الكومبوست" وبقايا الاخشاب والكرتون...، إلى تعزيز نمط الزراعة المختلطة بحيث لا نجمع صنفاً واحداً في الحقل بل عدة اصناف لتقليل الافات الزراعية، ومن ثم الاستعاضة عن الاسمدة والمبيدات الكيماوية بأخرى عضوية وطبيعية.
وهذه الثقافة في الزراعة ليست موضة يتم تطبيقها لفترة ثم العودة لسابقتها، لا بل ركزنا في ورشاتنا ومتابعاتنا للمزارعين على ان تكون نهج حياة، بمعنى أننا انطلقنا من مبدأ "الحفاظ على صحة عائلة المزارع أولا عبر شرح مخاطر الكيماويات على جسم الانسان والبيئة المحيطة به، وتباعاً صحة المواطنين أجمعين".
من تنافس شركة عدل؟
لسنا في منافسة مع أحد ولا نعتقد أننا نصبو يوماً لمنافسة شركات كبيرة، نحن نؤسس لسوق اخر بديل بعيداً عن فلسفة "العرض والطلب وتعظيم الأرباح" شركتنا عبارة عن سوق للتجارة العادلة عبر العلاقة المباشرة بين المنتج والمستهلك الفلسطيني من خلال مؤسسة غير ربحية، وتلك العلاقة تعيد صياغة وتصويب العلاقات الاقتصادية في السوق المحلي بين اطراف السوق وفق فلسفة الغذاء الآمن والسوق المنصف دون أي حلقات ربحية بين المنتج والمستهلك.
 |
 |
سوق شركة عدل في ساحة المحكمة العثمانية برام الله العتيقة |
سوق شركة عدل للمنتجات العضوية برام الله |
هل تستخدمون البذور البلدية في زراعاتكم العضوية؟
نواجه صعوبة في تصنيف انواع البذور البلدية حسب قدراتها الإنتاجية، وهذا يعود لعدم كفاية بنك البذور المتوفر لدى المؤسسات الزراعية الفلسطينية، وما ينتشر بكثرة هو البذر المهجن، نحن نعمل على تكثيف اعتماد مزارعينا على البذور البلدية ولكن الامر ليس بالهين، فهناك اصناف بلدية انتاجها منخفض وأخرى عالي وهذا لا يظهر إلا وقت الزرع، ومع ذلك فهناك اتفاق بين مركز البذور التابع لوزارة الزراعة لإعادة تنبيت البذور وتأمينها وتوزيعها على مزارعينا من الخليل حتى جنين.
كيف تتأكدون من التزام المزارعين بمبادئ الزراعة البيئية؟
فلسفتنا تقوم على تغيير معتقد الناس بالزراعة الكيماوية وليس املاء التوجيهات والأوامر، فنحن نتبع سياسة الوصول للنتائج القائمة على ضبط الجودة وسياسات الضمان، للتأكد من أن كل العملية تمت وفق المتطلبات الأساسية، فالأصل كيف نستطيع تغيير اتجاه المزارع كلياً فيقتنع ان ما ينتجه سيضره هو وعائلته قبل ان يضر الناس فيمتنع عن الكيماويات، نحن مؤمنون بأن جوهر مشروعنا هو غرس القيم الصحية البيئية لدى المنتج لتصل تباعاً للمستهلك.
هل نالت عدل أي شهادة دولية للزراعة البيئية لمنتوجاتها؟
لا نسعى لشهادات دولية لكي نثبت جدارتنا، وهل كل خطوة يجب ان نخطوها في طريق النجاح يجب ان تكون مدمغة بشهادة الغرب؟؟، نحن نبني شرعيتنا من خلال علاقتنا الشفافة مع المستهلكين، ونفتح الابواب لكل من يحب ان يزور مزارعنا ليتأكد بنفسه، شهادتنا هي الحقائق على ارض الواقع وليست تلك المستوردة من الخارج.
جمهور عدل كم عددهم اليوم؟
من خلال المؤشرات الرقمية فقد تقدمنا كثيراً، فمن تعاملنا مع سبع عائلات وبيعنا بما قيمته عشرات الشواقل الى تعاملنا مع 350 اسرة فقيرة وبيعنا لما قيمته 700 الف شيقل منذ اوائل يناير الماضي حتى نوفمبر الحالي، نتمنى في العام القادم ان ترتفع المبيعات لتتجاوز المليون ونصف الشيقل، كما نحن بصدد فتح سوق في اريحا ونابلس ونحن حاليا نبيع يومي الثلاثاء والسبت اسبوعيا في رام الله وبيت جالا.
لشركة عدل رؤية وطنية هل يمكن أن تلخصها لنا؟
دعم المنتج الوطني ومقاطعة منتجات الاحتلال أي تحقيق الكرامة الوطنية لا يمكن ان تتم إلا بتحقيق الكرامة الاقتصادية لأن المقاطعة هي سلاحنا المقاوم الوحيد المتوفر لنا حالياً، ولكي تصبح المقاطعة نهجاً مستداماً يجب توفر البديل الحقيقي والصحي لمنتج الاحتلال، وهذا ما نسعى إلى تحقيقه ولكننا نصعد السلم خطوة خطوة مثبتين اقدامنا على الأرض.
 |
 |
|
زعتر شركة عدل |
هل عدل تستهدف النخب المثقفة والمهتمة بالعضوي والصحي فقط؟
أؤكد بأن عدل لكل الشعب وليست للنخبة، فأكثر مبيعاتنا لأهلنا في مخيم قلنديا كون مقرنا الحالي قبل الحاجز، وأسعارنا منصفة وصدقاً اعتقدنا في البداية ان جمهورنا سيكون من النخب لكن المفاجأة اثبتت عدم دقة توقعاتنا.
هل ستتعاون عدل مع جهات فلسطينية لتعميم التجربة على نطاق واسع؟
عدل جاهزة للتعاون مع وزارتي الصحة والزراعة لوضع استراتيجيات لتطبيق نهج الزراعة البيئية والعودة للعضوي لدى قطاع المزارعين، ما سيقلل من الأمراض المستعصية ويقي السلطة ملايين الشواقل في العلاجات الصحية والتحويلات للمستشفيات الاسرائيلية.
ولكن حول التعاون مع وزارة الزراعة، فلم يتم التعاون بعد، لأنني اعتقد ان وزارة الزراعة غير جاهزة لتبني نهج الزراعة البيئية على نطاق مزارعيها بعد.
سؤال أخير: ما حلم عدل؟
حلمنا ان يصبح مجتمعنا مؤمنا باقتصاد المقاومة وذلك لا يتأتى بيوم وليلة بل يحتاج وقتاً ليترسخ لدى جمهور المستهلكين، وفق فلسفة "الميلاد الطبيعي" تماما كالجنين والذي يحتاج الى تسعة شهور ليكتمل نموه لا أكثر ولا أقل. فنحن نبث فكراً جديداً مبنياً على الغذاء الصحي والاقتصادي وتعزيز العلاقة الوطنية بين المنتج والمستهلك، وهو أمر غير هين فلا يمكن ان يتحول مرة واحدة الى ثقافة عامة، كما ان التحديات الانتاجية المتمثلة في اقناع كل المزارعين بانتهاج زراعة بيئية كافية للمجتمع الفلسطيني أمر غير هين.
ولكن نأمل أن تنتشر فكرتنا عبر مراحل عدة، أولاً: داخلية تنمو فيها شركتنا وتتوسع، ثانياً: زيادة عدد المزارع والأسر المنتجة وفق الزراعة البيئية وبدون كيماويات، وأخيراً: زيادة عدد المستهلكين المنتسبين لشركتنا بشكل دوري،... نحن واثقون بأن البرنامج سيتوسع ولكن لا بد من نضوج العوامل الذاتية والموضوعية لإيصال منتجاتنا لأكبر عدد ممكن.
سعد داغر: "المزارع البيئي لا يمكن أن يغش أو يخدع"
وحول المتابعة الفنية للمزارعين تم سؤال المهندس الزراعي سعد داغر المشرف على الزراعة البيئية في أراضي الاسر المتعاونة مع شركة عدل، فكان اللقاء التالي:
ما الذي لفت نظرك في شركة عدل وشجعك على التعاون معها؟
منذ بدأت العمل معهم مشرفا منذ سنتين استشعرت الرغبة الحقيقية لدى عدل في الوصول الى الاسر المهمشة الفقيرة ومد يد العون لها، عبر اضافة قيمة مفيدة ومستدامة للمزارع تتمثل بالزراعة البيئية دون خداع للمزارعين أو استغلال لمجهودهم، كما ان المنتج يسوق محليا وليس للتصدير الخارجي وكأن كل جيد هو للغرب وكل ما هو أقل جودة لنا.
ما هي الزراعة البيئية وأين اشرفت عليها؟
نفذتُ دورات تدريبية وارشادية للمزارعين حول الزراعة البيئية وتابعنا مزرعة بيئية في الزبابدة، جنين طبقت فيها الزراعة البيئية على مساحة 60 دونماً، والتي تعد اكثر شمولية من الزراعة العضوية، حيث تركز على الحفاظ على الحياة داخل التربة عبر تزويدها بالعناصر اللازمة العضوية واغنائها طوال الوقت لحماية النباتات من الآفات، كما تعتمد الزراعة المختلطة على التنويع في اصناف النبات، ونظرا لقلة انتاج البذور البلدية من البنوك الزراعية المتوفرة نشجع المزارع على زراعة الاصناف البلدية لإنتاج بذورها لاحقاً، ونركز على البذور المهجنة وليست تلك المعدلة وراثياً.
كيف تثقون ان المزارع التزم بنهج الزراعة البيئية ولن يحيد عنها؟
التواصل مع المزارع لم يكن سهلاً في البداية، حيث اعتاد على استخدام الكيماوي ظاناً ان انتاج الاول افضل وأكثر ضماناً، لكن تبددت كل شكوكه وظنونه بعد ان جرب بإشرافنا الزراعة البيئية واكتشف انها لا تختلف من الناحية الانتاجية من حيث الكمية، فيما تتميز عن الزراعة الكيماوية بأنها اكثر صحية وأمنا.
وختم داغر:
هدفنا من لقاءاتنا ومشاهداتنا خلق مزارع بيئي حقيقي مؤمن بما يفعل 100%، والمؤمن لا يمكن ان يخدع ويغُش، فالتجربة اثبتت له ان المذاق والإنتاج والمقاومة للأمراض أفضل مع العضوي، فلماذا العودة للكيماوي الضار إن وجد البديل الآمن!
 |
 |
محاصيل وأغذية عضوية في سوق شركة عدل برام الله |
مزارع في جنين يزرع البطيخ العضوي لتسويقه عبر شركة عدل |