خاص بآفاق البيئة والتنمية
في عدوانه الأخير على قطاع غزة الذي استمر خمسة أيام، ألقى جيش الاحتلال قنابل تزيد الواحدة منها على الطن، وتمتلك رأسين حربيين، الأول مهمته اختراق الجدران المحصنّة، والثاني مهمته التفجير، وهي محرمة دوليًا. كما أسقط 195 طنًا من المواد المتفجرة عبر استخدام قنابل "MK" المعروفة باسم (GBU 31) و (GBU 39) الأميركية شديدة الانفجار والتدمير، والتي تعتمد على السقوط الحر. واستخدم جيش الاحتلال صواريخ مُجنّحة لأول مرة في اغتيال بعض الشهداء، وهي صواريخ لا يوجد لها أي مصدر في مواقع الصناعات العسكرية.
|
|
الإدارة العامة لهندسة المتفجرات تفحص مخلفات القذائف الإسرائيلية في عدوان أيار الفائت على غزة |
أثار التصعيد الإسرائيلي الأخير على قطاع غزة الغضب والحزن في الشارع الفلسطيني، فيما تجسدت، مجددًا، أبشع صورة للاحتلال في ذكرى النكبة الفلسطينية التي حلّ موعدها عقب انتهاء عدوان أيار الأخير.
عدوانٌ أعاد للأذهان المشاهد الدامية التي لا تزال حاضرة في الذاكرة الفلسطينية، فالعقلية الاستعمارية الصهيونية التي تسبّبت بإبادة وتهجير الفلسطينيين من أراضيهم قبل 75 عامًا، هي ذاتها التي تمارس جوهر الاستعمار الاستيطاني القائم على الإحلال والإبادة والتهجير.
ولطالما استندت الصهيونية جذريًا إلى منطق القوة العسكرية لتمكين وجودها الهشّ على أنقاض الإنسان وبيئته، وتدمير الحجر والشجر، وترك بصمات استعمارية مقيتة.
هذا، ويعمد الاحتلال في المجال العسكري إلى أن يتخذ من الأراضي الفلسطينية وسكانها حقل تجارب للأسلحة والتقنيات العسكرية الجديدة، بهدف اختبار فعالية صناعاتها العسكرية وصقلها، تمهيدًا لتصديرها وتحقيق عوائد اقتصادية، وبالتالي ازدهار اقتصاد الحرب وتحقيق القوة العسكرية والمادية الداعمة للأيديولوجيا الاستعمارية بما يضمن بقاءها ويقوي بنيتها.
وقد أجمعت عدة دراسات وأبحاث حول الحالة الفلسطينية في فترات العدوان الإسرائيلي على المناطق الفلسطينية المختلفة أن الاحتلال سعى في فترات عدوانه إلى تجريب صناعاته العسكرية على الفلسطينيين، ومن ثم العمل على ترويجها دوليًا والتفاخر بتجريبها واختبارها في أرض المعركة، مُدللاً على قدراته القتالية، ما يوفر لها ميزات تنافسية في سوق الأسلحة العالمي.
أسلحة تُستخدم للمرة الاولى
بدوره، كشف العميد عائد حمادة مدير إدارة الأدلة الجنائية وهندسة المتفجرات، أن جيش الاحتلال الإسرائيلي نفّذ 400 غارة، وأسقط نحو 320 قنبلة تزن 195 طنًّا عبر طائراته ومُسيّراته الحربية في عدوانه على قطاع غزة، الذي استمر خمسة أيام من 9 إلى 13 مايو.
وأضاف حمادة في حديث لصحيفة فلسطين أن جيش الاحتلال ألقى قنابل تزيد الواحدة منها على الطن، وتمتلك رأسين حربيين، الأول مهمته اختراق الجدران المحصنة، والثاني مهمته التفجير، وهي محرمة دوليًّا.
وأضاف أنه أسقط في العدوان 195 طنًّا من المواد المتفجرة عبر استخدام قنابل "MK" المعروفة باسم (GBU 31) و(GBU 39) الأميركية شديدة الانفجار والتدمير، والتي تعتمد على السقوط الحر.
وأكد أن جيش الاحتلال استخدم صواريخ مُجنّحة لأول مرة في اغتيال بعض الشهداء، وهي صواريخ لا يوجد لها أي مصدر في مواقع الصناعات العسكرية، لكنه رجّح أن يكون مصدرها شركة الصناعات العسكرية الإسرائيلية "رافائيل" وتنتمي لعائلة صواريخ سبايك "Spike" .
وجاء في إحصائية للمكتب الإعلامي الحكومي الفلسطيني (في 14 مايو 2023) استشهاد 33 مواطنًا، منهم 6 أطفال و3 نساء، كما تهدّمت 93 وحدة سكنية كاملة في العدوان، من أصل إجمالي الوحدات السكنية المتضررة والبالغة 2041، بقيمة تقدر بــ 9 ملايين دولار، إضافة إلى 128 وحدة سكنية أصبحت غير صالحة للسكن، وتضررت 1820 وحدة سكنية جزئيًّا.
وبلغت الخسائر في البنية التحتية مليون دولار، ولحق الضرر بــ ـ159 خط مياه، و173 خط صرف صحي، و304 خطوط كهرباء وأعمدة ومحولات، و30 بؤرة في مختلف المحافظات، كما أُغلقت شوارع بسبب القصف والركام، وفق وسائل إعلام فلسطينية.
تدمير الحجر والشجر قبل البشر
وفي تصريح، أدلى به أدهم البسيوني المتحدث باسم وزارة الزارعة في غزة، لــ "آفاق البيئة والتنمية"، قال: "استهدف الاحتلال مباشرة الأراضي الزراعية بقصفها بالطائرات الحربية وسلاح المدفعية، الأمر الذي تسبّب في تدمير عشرات الدونمات من الأراضي الزراعية، وتدمير المحاصيل وشبكات الري والخطوط الرئيسة، وكذلك صناديق النحل، والبرِك والآبار الزراعية.
وتجاوز حجم الخسائر الزراعية ثلاثة ملايين دولار أميركي حسب التقديرات الأولية، ولا تقتصر الخسائر في القطاع الزراعي على الجانب المادي فقط، إذ ثمة خشية من أن تمتد حتى القطاع البيئي على المدى البعيد.
علمًا أنها لا تقتصر على الأضرار المباشرة كالتجريف والحرق والمواد السامة والمشعة، لكنها تمتد أيضاً للأضرار غير المباشرة، ومنها الأخطار الكامنة كالإشعاع، ومتبقيات الكيماويات الخطرة والعناصر الثقيلة، وتسرب هذه المواد الخطرة إلى التربة والمياه الجوفية والهواء، ما قد يترك انعكاسًا خطيرًا على الصحة العامة.
الإدارة العامة لهندسة المتفجرات تفحص مخلفات القذائف الإسرائيلية في عدوان أيار الفائت على غزة
|
|
الجرائم الإسرائيلية في عدوان أيار الماضي |