أنغيلا ميركل ستساعد المدن الألمانية الأكثر تلوثا لتجنب منع سير السيارات التي تعمل بالديزل

برلين / خاص: وعدت المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل في أوائل أيلول الماضي بمساعدة المدن الألمانية الأكثر تلوثا، لتجنب منع سير السيارات التي تعمل بالديزل، في الوقت الذي دخلت فيه أزمة السيارات في قلب الحملة الانتخابية عشية الانتخابات التي جرت في 24 أيلول الماضي.
وأعلنت وهي تستقبل مسؤولين محليين في أيلول الماضي عشية الانتخابات التشريعية، أنها ستضاعف قيمة صندوق تم إنشاؤه مطلع آب الماضي ليصبح مليار يورو، والهدف منه دعم المدن الألمانية في حملتها لمكافحة التلوث.
وقالت ميركل "نصف المبلغ ستؤمنه شركات تصنيع السيارات، والنصف الثاني تتكفل به الدولة الفدرالية". وسيكون بإمكان رؤساء البلديات استخدام هذا الصندوق لإقامة محطات لشحن السيارات التي تعمل بالطاقة الكهربائية او لتطوير وسائل النقل العام.
وأضافت المستشارة ان الأولوية حاليا ستكون للعمل "على تجنب حظر السير" في إشارة إلى احتمال منع سير السيارات الأكثر تسببا بالتلوث في المدن الكبيرة، الأمر الذي يعتبر كارثيا "لجميع" المسؤولين المحليين، حسب قولها.
في هذا السياق، فإن القضاء الذي تلقى شكوى من المنظمة الألمانية لحماية البيئة "أومفيلت هيلفي" تعدد فيها "أكثر من عشرة آلاف وفاة قبل الأوان في السنة" نتيجة انبعاثات أوكسيد الأزوت في ألمانيا، قد يضطر إلى إرغام البلدات السبعين تقريبا التي تتخطى المعايير الأوروبية المتعلقة بهذا الغاز، على حظر سير السيارات الأكثر تلويثا في شوارعها.
وتبلور هذا التوجه مع اعتبار عدة محاكم، ولا سيما في ميونيخ وشتوتغارت، أن هذا هو التدبير الوحيد الكفيل بإعادة خفض التلوث إلى مستويات مقبولة، ومن المتوقع أن تصدر المحكمة الإدارية الفدرالية قرارا بهذا الشأن مطلع 2018.
وعرضت شركات السيارات في مطلع أغسطس/آب الماضي خلال "قمة" نظمت في برلين، تكييف برمجيات أكثر من خمسة ملايين سيارة ديزل تمثل ثلث مجموع السيارات الألمانية العاملة على الديزل، وتسهيل إعادة شراء السيارات الأقدم.
لكن المكتب الفدرالي للبيئة حذر في 26 أغسطس بأن هذه التدابير لن تكفي للعودة إلى الحد المطلوب. وفي هذه الأزمة المتشعبة التي تتداخل فيها المصالح الصناعية مع ضرورات الدفاع عن المستهلك وحماية البيئة والحفاظ على 800 الف فرصة عمل، اختارت المستشارة التمسك بخطها المعهود، القاضي بإتخاذ موقف ملتبس. فقامت من جهة بالتنديد بـ"فقدان المصداقية الكبير" الذي لحق بـ"شرائح كاملة من صناعة السيارات"، بعد فضيحة محركات الديزل المغشوشة في شركة "فولكسفاغن"، لكنها اعتبرت في المقابل أنه يتعين ترميم "الثقة في الديزل"، مستبعدة وضع خطة للتخلي عنه.
وفي ضوء أهمية الموضوع، يبدو مدهشا أن المعركة الانتخابية حول الديزل لم تحصل فعليا. وباستثناء الخضر المطالبين بحظر محركات الاحتراق بحلول 2030، تبقى الطبقة السياسية ملتزمة بخط مشابه.
ويتفق المحافظون والاشتراكيون الديموقراطيون على الدفاع عن الديزل كـ"تكنولوجيا انتقالية"، كما كرر القول في أيلول الماضي نائب المستشارة الاشتراكي الديموقراطي سيغمار غابريال. وإذا كان السياسيون يدعون إلى الانتقال إلى سيارات أكثر نظافة، فأنهم يتركون لهذه الصناعة الحرية لتنظيم هذا الانتقال بما يناسبها، دون تحديد استحقاق لوقف الديزل، على خلاف فرنسا وبريطانيا. فالجميع مُدرِك بالطبع لثقل هذا القطاع الاستراتيجي الذي يمثل خمس صادرات البلاد، وكان يجسد حتى الآن صورة الإنتاج العالي النوعية والموثوقية الملازمة لألمانيا، قبل أن تضر به هذه القضايا. ولفت شتيفان براتزل من "مركز إدارة السيارات" إلى أن "الموافقة الصامتة" التي يبديها البعض حيال عمليات الغش تجد تفسيرا أيضا في التقارب القائم بين الأحزاب الكبرى وشركات السيارات.
وعلى سبيل المثال، فإن مقاطعة ساكسونيا السفلى (شمال) التي تؤوي مقر "فولكسفاغن"، تملك 20% من الأسهم فيها، ورئيس الحكومة المحلية الاشتراكية الديمقراطية عضو في مجلس الإشراف على الشركة. كما أن بيتر هارتز، المدير السابق للموظفين في المجموعة العملاقة التي تضم 12 علامة، هو الذي ألهم الإصلاحات الاجتماعية التي أقرها المستشار السابق غيرهارد شرودر، والتي لا تزال توصف بأنها مصدر الازدهار الحالي في ألمانيا.
من جهتها قاومت ميركل معايير التلوث الأوروبية التي يعتبرها صانعو السيارات الألمان بالغة الشدة، قبل أن ينتقل أحد مستشاريها إلى شركة "دايملر" عام 2013 ليعمل رئيسا لمجموعة الضغط لصالح الشركة.