خاص بآفاق البيئة والتنمية
ضبطت سلطة جودة البيئة في شهر نيسان الماضي بالتعاون مع شرطة طولكرم شاحنتين بلوحات تسجيل فلسطينية محملتين بمخلفات صناعية من مصانع جيشوري الاستيطانية المقامة على أراضي طولكرم، بهدف تهريبها إلى مكب زهرة الفنجان في جنين |
بات ملف مكب زهرة الفنجان الواقع بين بلدتي عرابة وعجة، على بعد 15 كم جنوب جنين، أمام القضاء الفلسطيني بعد اكتمال التحقيقات من قبل النيابة العامة وسلطة جودة البيئة في ظروف إدخال نفايات إسرائيلية إليه، وسط مطالبات بالكشف عن نتائج التحقيق للجمهور خاصة أن القضية باتت قضية رأي عام في ظل الحديث عن مخالفات وشبهات فساد في الشهور الأخيرة.
وتم الكشف عن ذلك، في حلقة تلفزيونية جديدة من برنامج "حوارات بيئية"، قدمها الصحفي فراس الطويل، من إنتاج مجلة آفاق البيئة والتنمية / مركز "معا"، وتلفزيون وطن، وبالشراكة مع مؤسسة هينرش بل. وكان ضيوف الحلقة كل من: د.عزمي الشعيبي، مستشار الائتلاف من أجل المساءلة والنزاهة- أمان، والمستشار القانوني في سلطة جودة البيئة مراد المدني، والصحفي جعفر صدقة.
بداية القصة
ضبطت سلطة جودة البيئة في شهر نيسان الماضي بالتعاون مع شرطة طولكرم شاحنتين بلوحات تسجيل فلسطينية محملتين بمخلفات صناعية من مصانع جيشوري الاستيطانية المقامة على أراضي طولكرم، بهدف تهريبها إلى مكب زهرة الفنجان في جنين. وقال المستشار القانوني في سلطة البيئة أن معلومات وردت للسلطة بنية تهريب مخلفات من مصنع جيشوري، وفوراً تم التحضير لعملية الضبط بالتعاون مع الجهات كافة لتوثيق تهريب نفايات إسرائيلية إلى الأراضي الفلسطينية في مخالفة لاتفاقية "بازل"، ويضيف: "حينما تكون نفايات خارجة من مصانع جيشوري الكيماوية، وبما أننا أعضاء في اتفاقية بازل المتعلقة بنقل النفايات عبر الحدود وتهريبها - الاتفاقية التي انضمت لها فلسطين في 2015- فقد أتممنا كل الإجراءات لعملية الضبط، وبالفعل تبين أن هذه الشاحنات كانت في طريقها إلى زهرة الفنجان، فتتبعنا مسارها لحين وصولها إلى المكب، ووثقنا التالي: شاحنة أفرغت حمولتها بداخله وأخرى تم التحرز عليها، وبعد ذلك توجهنا للمباحث وبدأنا في الإجراءات".
بداية التحقيق
نتائج التحقيق أظهرت بشكل واضح اتهام مدير المكب و"شركة العسود" بالتآمر على إدخال مواد خطرة إلى المكب ومخالفة لقانون البيئة وقانون أحكام تقديم الخدمات للمستوطنات. |
تحول الملف إلى النيابة العامة وتم أخذ إفادات السائقين وتم استدعاء متهمين آخرين واستمر التحقيق مدة شهرين، وحاليا الملف أمام القضاء، حيث تنظر فيه محكمة طولكرم، وفقا للمستشار مراد المدني. بدوره قال الشعيبي أن نتائج التحقيق أظهرت بشكل واضح اتهام مدير المكب و"شركة العسود" بالتآمر على إدخال مواد خطرة إلى المكب ومخالفة لقانون البيئة وقانون أحكام تقديم الخدمات للمستوطنات.
صدقة: إدخال النفايات الإسرائيلية يتم منذ سنوات
بدوره، استغرب الصحفي جعفر صدقة، وهو من سكان قرية عنزة بجنين القريبة من المكب، من وصف سلطة البيئة بنقل نفايات إسرائيلية إلى المكب من جهة مسؤولة عن هذا الملف. وقال أن هذه الحادثة هي ما كُشف، لكن هذه العملية مستمرة منذ فترة طويلة، وليست هذه المرة الأولى. وأضاف: " من غير المقبول أن يشكل الأمر مفاجأة، لأن الموضوع يجري منذ وقت طويل، المشكلة أكبر بكثير، |
بدوره، استغرب الصحفي جعفر صدقة، وهو من سكان قرية عنزة بجنين القريبة من المكب، من وصف سلطة البيئة بنقل نفايات إسرائيلية إلى المكب من جهة مسؤولة عن هذا الملف. وقال أن هذه الحادثة هي ما كُشف، لكن هذه العملية مستمرة منذ فترة طويلة، وليست هذه المرة الأولى. وأضاف: " من غير المقبول أن يشكل الأمر مفاجأة، لأن الموضوع يجري منذ وقت طويل، المشكلة أكبر بكثير، هناك مشاكل لا حصر لها، وهي أن المكب أنجز لخدمة جنين وطوباس، الآن أصبح يستقبل نفايات من طولكرم وقلقيلية ورام الله، وأصبح محطة لكل نفايات وسط وشمال الضفة دون أي اهتمام بتطويره لأن الطاقة الاستيعابية له بالأساس كانت لاستقبال نفايات محافظتين فقط".
"المكب يستقبل نفايات خطرة سواء من إسرائيل أو المحافظات الفلسطينية، بالإضافة لاستقباله نفايات طبية". متهما وزارة الصحة بالاستهتار والتقصير في إدارة النفايات الطبية، إضافة إلى وجود شبهات فساد مالي وإداري، حيث وصلت إيرادات المكب إلى 100 مليون شيقل سنويا باعتراف مجلس إدارة المكب، وطرح سؤالا: أين تذهب هذه الأموال؟. وبين صدقة أن الأخطر هو أن تتم عملية نقل النفايات بعلم وترتيب من جهات فلسطينية رسمية، وتحت نظرها.
|
وتابع صدقة بأن هناك مخالفات عديدة أبرزها طمر النفايات، حيث من المفترض أن تتم عملية الطمر كل 48 ساعة، لكن ما يجري حاليا كل أسبوع، ناهيك عن عمق طمر هذه النفايات، مؤكداً أن هذه العملية لا تتم بالشكل الصحيح. وتطرق صدقة إلى مشكلة أخرى تتعلق بما يستقبله المكب من نفايات وطبيعتها، وقال: "المكب يستقبل نفايات خطرة سواء من إسرائيل أو المحافظات الفلسطينية، بالإضافة لاستقباله نفايات طبية". متهما وزارة الصحة بالاستهتار والتقصير في إدارة النفايات الطبية، إضافة إلى وجود شبهات فساد مالي وإداري، حيث وصلت إيرادات المكب إلى 100 مليون شيقل سنويا باعتراف مجلس إدارة المكب، وطرح سؤالا: أين تذهب هذه الأموال؟. وبين صدقة أن الأخطر هو أن تتم عملية نقل النفايات بعلم وترتيب من جهات فلسطينية رسمية، وتحت نظرها.
الندوة التلفزيونية التي نظمتها مجلة آفاق البيئة والتنمية حول ملف تحقيق مكب زهرة الفنجان
أمان: ثلاث إشكاليات رئيسية
من جانبه تحدث مستشار إئتلاف أمان عزمي الشعيبي عن ثلاث إشكاليات رئيسية، الأولى تتعلق بدور وزارة الحكم المحلي في الإشراف على مجالس الخدمات المشتركة التي لا تعمل وفق أنظمة مالية معتمدة من مجلس الوزراء، والثانية مرتبطة بالدور الإشرافي الفني على المكب لإجباره على الالتزام بالمعايير الفنية التي وضعتها أحكام قانون سلطة البيئة لعام 99 المبنية على أسس علمية والتي لا يتم الالتزام بها في أحيان كثيرة. أما الإشكالية الأخرى فتتعلق بعدم الالتزام باستقبال نفايات المستوطنات، بعد اتفاق شركة يقودها المدعو راضي العسود الذي اتفق على نقل نفايات من المستوطنات وإسرائيل إلى المكب مستغلاً موافقة من سلطة البيئة لإدخال بعض مخلفات الأخشاب (الإسرائيلية) للتعامل مع عصارة النفايات، حيث تم التحايل على هذا الأمر لإدخال نفايات خطرة.
بدوره قال المدني أن هذه الحادثة ليست الأولى حيث شهد عام 2015 ضبط شاحنة قادمة من مستوطنة بركان، مشيرا إلى أن سلطة البيئة ليست طرفا وحيدا في موضوع السيطرة على النفايات. ودعا إلى شراكة بين المواطن وكل الجهات الرسمية خصوصًا الضابطة الجمركية. وأضاف: " قد يكون هناك علم لدى سلطة البيئة بوجود مخالفات، لكننا بحاجة إلى توثيق أي عملية لتقديم ملف متكامل إلى القضاء.
اتهامات بتورط أطراف فلسطينية ومطالبات بنشر نتائج التحقيق
التحقيق في هذه الحالة بقي مع مدير المكب فقط الذي لم يتهم أي مسؤول فلسطيني آخر في هذه القضية، وهذا يضع كل الجهات أمام مسؤوليتها، وخصوصا وزارة الحكم المحلي المسؤولة عن مجالس الخدمات المشتركة التي تعمل دون نظام مالي أو إداري، حيث أن عدم ممارسة الجهات الرسمية مسؤوليتها بتنفيذ القوانين التي وضعتها، وفق الشعيبي، يفتح المجال أمام مثل هذه المخالفات". |
وطالب الشعيبي بأن "يكون التحقيق قاسيا مع مدير المكب وإلقاء القبض على مسؤول شركة راضي عسود التي يعتقد أن له ارتباطات مع الجانب الإسرائيلي، لأن التحقيق في هذه الحالة بقي مع مدير المكب فقط الذي لم يتهم أي مسؤول فلسطيني آخر في هذه القضية، وهذا يضع كل الجهات أمام مسؤوليتها، وخصوصا وزارة الحكم المحلي المسؤولة عن مجالس الخدمات المشتركة التي تعمل دون نظام مالي أو إداري، حيث أن عدم ممارسة الجهات الرسمية مسؤوليتها بتنفيذ القوانين التي وضعتها، وفق الشعيبي، يفتح المجال أمام مثل هذه المخالفات". وطالب الشعيبي السلطة بتسليم المدعو راضي العسود الذي كان يدير عملية إدخال النفايات مع مدير المكب، وهنا يجب على المدير الاعتراف بالجهات الفلسطينية المرتبطة بالقضية".
المدني من ناحيته، قال "لا يمكن لأي مسؤول فلسطيني أن يقبل بتوفير غطاء لإدخال نفايات إسرائيلية إلى المكب، والتحقيق لم يظهر وجود ارتباطات من هذا النوع"، مشيرا إلى أن التحقيق أوصى بجملة من التوصيات المتعلقة بتحقيق إدارة سليمة للمكب من كل النواحي وفتح كل الملفات المتعلقة به، وتم تحويل الجوانب المالية والإدارية إلى ديوان الرقابة المالية والإدارية عبر مراجعة كل السجلات المالية، أما المحاسبة فالأمر منوط بالقضاء.
وطالب الشعيبي وصدقة خلال الحلقة بنشر نتائج التحقيق والتوصيات الصادرة عن اللجنة باعتبارها قضية رأي عام ومن حق الجمهور الاطلاع عليها. وفي رده على ذلك قال المدني أن التوصيات يمكن الحصول عليها من قبل مجلس الوزراء وإنه غير مخوّل بنشرها من قبل سلطة البيئة.
حياة لا تطاق بجوار المكب
"الحياة صعبة بجواره، خصوصا الروائح الكريهة التي تنتشر على طول عدة كيلو مترات منه حيث تتأثر بها كل القرى المحيطة، ويتفاقم الوضع في فصل الصيف، عدا الحشرات الطائرة والزاحفة الجديدة التي بات السكان يعانون منها، إضافة إلى أن بئر المياه الجوفية في المنطقة يبعد عن المكب ثلاثة كيلو مترات فقط، وهذه كارثة.
|
أوضح الصحفي صدقة بحكم مجاورته لهذا المكب أن "الحياة صعبة بجواره، خصوصا الروائح الكريهة التي تنتشر على طول عدة كيلو مترات منه حيث تتأثر بها كل القرى المحيطة، ويتفاقم الوضع في فصل الصيف، عدا الحشرات الطائرة والزاحفة الجديدة التي بات السكان يعانون منها، إضافة إلى أن بئر المياه الجوفية في المنطقة يبعد عن المكب ثلاثة كيلو مترات فقط، وهذه كارثة. ووافق الشعيبي على ذلك حيث قال أن المعلومات التي وصلت لـ(أمان) أن كميات هائلة من النفايات تم دفنها في هذه المكب، باعتراف من العمال فيه الذين يتقاضون أموالا من السائقين مقابل إدخال شاحنات إليه.
وفي نهاية الحلقة أكدت سلطة البيئة أن ملف زهرة الفنجان يخضع لمتابعة حثيثة على مدار الوقت حيث تم إصدار 18 تقريرا في 2015 حول أداء إدارة المكب، في حين طالب كل من صدقة والشعيبي بضرورة نشر هذه التقارير وإعلام الجمهور بها، لوقف مسلسل المخالفات في هذا الجانب.
لمشاهدة الندوة الرجاء الضغط على الرابط التالي:
http://www.wattan.tv/wattan-tv/81324.html