قراءة في كتاب: نهاية السكون...البحث عن حياة طبيعية جديدة في زمن الصدمة الكربونية
اسم الكتاب: نهاية السكون...البحث عن حياة طبيعية جديدة في زمن الصدمة الكربونية
عدد الصفحات: 240 من القطع المتوسط
اسم الناشر: شيلسيا جرين للنشر
سنة الإصدار: أيار، 2016
تُبنى فكرة هذا الكتاب للصحافي المخضرم المتخصص بالبيئة "مارك شبيرو" على آخر ما توصل إليه العلماء مستنبطين مصطلحاً جديداً لتفسير الاضطرابات الناجمة عن تغير المناخ "نهاية السكون"، بمعنى: نهاية التوقعات المستندة على خارطة هطول الأمطار، وتدفق المياه ودرجة الحرارة والطقس الشديد، تلك التي أصبحت مستحيلة والاستناد إليها غير مضمون في عصرنا الحالي، في الوقت الذي يؤثر فيه التغير المناخي على كل مناحي الحياة وتحديداً عالم المال والأعمال وتعطيل الاقتصاد العالمي ما يجعلنا غير قادرين على تقييم المخاطر أو التنبؤ بها، الأمر الذي يدفعنا إلى إعادة التفكير في الأولويات الاقتصادية ونماذج الأعمال التجارية القائمة.
يربط صاحب التحقيقات الاستقصائية البيئية شبيرو في كتابه، بين الكربون والاضطرابات المالية، وحيث يتحرك العالم نحو جعل المزيد والمزيد من الملوثين يدفعون ثمن السماح بانبعاث ملوثاتهم، ينكشف لدينا اللغز المالي: ما هي التكاليف؟ من الذي لديه المسؤولية لدفع ثمنها؟ كيف تُدفع؟ وكيف ستدخل هذه التكاليف منظومة الاقتصاد؟
هذه هي الأسئلة التي يحاول الكتاب أن يجيب عنها، مناضلاً من أجل تحديد التكاليف الحقيقية للكربون ومواقعها بإنصاف، بحيث يقيس تكلفة الكربون من خلال الأراضي الزراعية التي تعاني من الجفاف مثل: كاليفورنيا، غابات البرازيل، والتلوث مثل: أكبر مركز صناعي عالمي في الصين، مركز تجارة الكربون في أوروبا، وجرائم التكنولوجيا المستوحاة من أسواق الكربون، حتى أنه يقيس تكلفة الكربون عبر السماء بالتزامن مع الجهود المبذولة لوضع بطاقة سعر على الكربون الناجم عن الطائرات.
وثائق مارك شبيرو في نهاية السكون لا ينبغي تجاهلها. فهو يلقي نظرة متعمقة عن جوانب التغير المناخي، ويقوم بعمل متوازن شارحاً شبكة معقدة من التأثيرات الاقتصادية المترابطة بتوازن الكربون والائتمانات الوظيفة وإمدادات المواد الغذائية والمال والوقود.
اقتصاد الكربون الجديد
يجمع هذا الكتاب أيضاً آراء مختلفة تتراوح بين من يحاول التكيف مع تغير المناخ كالمزارعين، والذين ينتجون تغير المناخ كشركات حرق الفحم لتوليد الكهرباء مثلاً أو الاثنين معا، فالمزارعون يحاولون التكيف مع تغير المناخ لكنهم يساهمون في التأثير عليه عبر حرث التربة التي تخزن ثاني أكسيد الكربون أو من خلال الأسمدة الاصطناعية التي تصدر الغازات أكثر تدميرا.
وعلى الرغم من الصورة القاتمة، شبيرو يقترح اتخاذ إجراءات للحد من تغير المناخ ولا يسرد فقط تحذيرات، فهو يوفر نقداً وحلولاً، مقدماً للقارئ معلومات مفيدة، وتحذيرات للجميع، دون أن يتسم بالسلبية.
وفي واحد من أكثر الفصول المؤثرة يروي شبيرو كيف تسرب النفط من الناقلة بريستيج على طول سواحل غاليسيا في عام 2002 مكلّفاً الاقتصاد الأوروبي مليارات اليوروهات تكفلت فيها اسبانيا والاتحاد الأوروبي نظراً لكون الناقلة من الشركات متعددة الجنسيات والحكومات وبالتالي لا تتبع لدولة دون غيرها، مؤكدا أن تلك الشركات عادة لا تحددُ تكاليف تلويثها للبيئة أو تحاول إخفائها، في ظل غياب فحص علمي عميق أو أكاديمي. ويرى شبيرو أيضا في كتابه كيف أن عادات استهلاكنا الحالية سوف تكلفنا الكثير ويسرد كل المعطيات بأسلوب صحافي يجعل من كتابه مادة مثيرة.
نهاية السكون رؤية حاذقة لاقتصاد الكربون الجديد، وكيف تتحول الدول وتتطور، وثم تترنح على حافة خطيرة، بحيث يعد هذا الكتاب مرجعاً بيئياً مدعماً بالوثائق والزيارات الميدانية ومتضمناً معلومات حديثة عبر محادثات المناخ في باريس.