خاص بآفاق البيئة والتنمية
يأخذ الترويج للزراعات الكيماوية موقعًا متقدمًا، وبخاصة في صفوف الشركات التجارية المسوقة لمدخلات الإنتاج الزراعي، وينتقل هذا الأمر للأسف إلى بعض المهندسين الزراعيين، الذين يدّعون أن المنتجات العضوية "فكرة غير واقعية، ولا تستطيع تلبية احتياجات السوق المحلي"، في وقت تشهد البذور البلدية الأصلية تراجعًا حادًا إلى درجة الانقراض.
تمضي شهرين (بين نيسان وحزيران الحاليين) في مراقبة تجربة ذاتية لخمسة أنواع من الخضروات والفاكهة: البندورة، والبطاطا، والشمام، الخوخ، والخيار، وتتخذ آلية مراقبة زراعة شمام من ثمار أنتجت ببذور مهجنة، ومراقبة نبتة بندورة من بذور نبتت من ثمار تالفة (ليست عضوية)، وملاحظة ثمار الخيار والخوخ.
شمام
تبدو نبتة الشمام التي زرعت في نيسان بحال جيد حتى اليوم، وجرى تغذيتها بالسماد العضوي ( المنتج من بقايا نفايات المطبخ العضوية محلياً أيضاً)، وقد تحملت دون ري ظروف الجفاف وارتفاع درجات الحرارة، رغم أنها أخذت من بذرة شمام يُباع في الأسواق أنتج ببذور مهجنة.
وبحكم موقع التجربة البعيد عن الحقول الممتدة، ولوجوده في جبل (ببلدة برقين غرب جنين) لم تصب ثمار الشمام بالأمراض ( وخاصة البياض الدقيقي والزغبي أو أمراض التربة المعروفة بـ"الفوزراريم")، وبدت ثمرة الشمام ( كما في الصورة المرفقة) أقل انتظاماً وبتشويهات في منطقة العنق.
وفي العادة، تحتاج ثمار الشمام المهجنة إلى فترة أسبوع وحتى 10 أيام لتبدأ بالتغير والتلف، وحسب التجربة والملاحظة تتعفن أولا منطقة العنق، أو يبدأ العفن بمناطق ملامسة الثمر للأرض للتراب أو للحجارة (قبل القطاف)، أو تتعفن من الداخل وبشكل تدريجي.
بندورة
أما ثمار البندورة، وبالرغم من كونها زرعت من من حبة تالفة ( جاءت من السوق حيث تنتشر المحاصيل غير العضوية وتختفي البلدية)، فأنتجت النبتة الواحدة ( 7 حبات) دون أي إضافات أو أسمدة أو دواء، وبريّ معتدل ( مرة في الأسبوع)، وصمدت الثمرة التي جرى قطفها يوم 25 أيار ( وحتى كتابة التجربة في13 حزيران) بشكل أكثر صلابة، وبلون طبيعي ( كما في الشكل)، وبرائحة أقوى من البندورة المهجنة، وحافظت على ذاتها من التلف، قياسًا بثمار عادية لم يستغرق بداية تغيرها تلفها ( 5 أيام) في درجة الحرارة ذاتها (داخل الغرفة وليس في الثلاجة). أما الطعم فهو مغاير وأطيب في حالة الثمرة النابتة من "أمها" المهجنة.
خيار
وبشأن الخيار، فقد تكرر حفظ ثماره خلال شهر ( بين منتصف أيار وجاره حزيران)، وفي كل مرة كانت الثمار داخل الثلاجة تتغير في لونها وطعمها، فتصير أقل إخضراراً، وبطعم غير طيب، وتشتد صلابة مقارنة بفترة قبل القطاف، ثم تذبل أطرافها العلوية، وبين 4-6 أيام تخرج مادة لزجة تبشر بتلفها، وعدم صلاحيتها للأكل.
خوخ
أما ثمار الخوخ ( النكترينا كما يصطلح عليها) فلم تصمد بعد شرائها سوى يومين، وتعفنت الحبات المصابة منها بشكل كلي، مقارنة بثمار مشابهة من شجرة لم تحصل على أسمدة عضوية أو كيماويات، صمدت ثمارها الأقل حجمًا والأشهى طعمًا عشرة أيام بالكثير من "عافيتها".
خلال التجربة، تمنيت أن تصير لدينا هيئة لفحص كل ما يُضخ إلى أسواقنا ويدخل إلى أجسادنا، فنرفع القبعة احترامًا لأصحاب الضمائر الحية وأنصار الزراعات العضوية، ونحاسب كل من يتعمد تسميم موائدنا وبيئتنا وقبلها عقولنا بـ "الزراعات الكيماوية" باعتبارها أمرًا واقعًا علينا.
بكل تأكيد، التجربة والمشاهدة تصلح لأن تكون بداية لبحث علمي تطبيقي أكثر اتساعاً وشمولية، وبعينات أكبر؛ حتى تكون النتائج أكثر دقة وقابلة للتعميم والبناء عليها.
aabdkh@yahoo.com