النفايات السامة الإسرائيلية تسرح وتمرح في أراضي الضفة...والمهربون الفلسطينيون طلقاء
نفايات إسرائيلية خطرة ضبطت في شمال الضفة الغربية
خاص بآفاق البيئة والتنمية
تتصدر القرى الفلسطينية المحاذية لما يسمى بالخط الأخضر والتي تسمى مناطق "جـ" (حسب اتفاقات أوسلو) قمة المناطق التي تغمرها النفايات الإسرائيلية بكل أنواعها؛ سواء مخلفات البناء أو النفايات المنزلية، وصولا إلى النفايات الطبية الخطرة والنفايات الكيماوية المدمرة وحرق صور الأشعة، ففي السنوات العشر الأخيرة على الأقل بدأت تظهر للعيان آثار تلك المشكلة حيث أن أكوام النفايات تتراكم في كثير من القرى الحدودية كالمدية ونعلين وقبيا وشقبا ورنتيس وهي قرى تقع في الشمال الغربي لمحافظة رام الله وكذلك الحال في بقية القرى المحاذية لجدار الفصل العنصري، وتحتوي على آلاف الاطنان من النفايات الإسرائيلية.
تواطؤ فلسطيني
في بيئة زراعية ومجتمع ريفي ما زال حتى الآن يتمسك بزراعة أرضه رغم كل المعوقات، تحرص اسرائيل على تفكيك تلك البنية القائمة بين المزارع الفلسطيني وأرضه بكل الطرق والوسائل، ولكن أخطرها وأشدها أثرا على البيئة والإنسان هو ما تمارسه في السنوات الأخيرة من تدمير الأرض بطمرها بآلاف الأطنان من النفايات التي يتم تهريبها بالتواطؤ مع بعض الفلسطينيين مقابل مبالغ مالية قليلة جدا مقارنة بما تحتاج اليه تلك النفايات من المعالجة في مكبات النفايات الإسرائيلية، فبحسب المختصين فإن معالجة طن واحد من النفايات المنزلية العادية يكلف قرابة 500 شيقل، فكيف إذا كانت النفايات سامة وخطرة وبكميات كبيرة فإن معالجتها تحتاج لمبالغ كبيرة، لذلك تلجأ إسرائيل بالتنسيق مع جهازها الأمني إلى تسهيل تهريب هذه النفايات إلى أراضي الضفة الغربية لتلقى في الأراضي الزراعية، مقابل مبالغ زهيدة جدا تصل في أعلى تقدير إلى 300 شيقل للشاحنة الكبيرة.
نفايات إسرائيلية خطرة في أراضي شمال الضفة الغربية
ضعف الرقابة
تكمن مشكلة وقف تدفق النفايات الاسرائيلية الى الاراضي الزراعية في الضفة الغربية في الاتفاقيات الموقعة مع الاحتلال الاسرائيلي والتي لا تمنح الجهات القضائية والتنفيذية الفلسطينية حرية العمل في ما يسمى مناطق (ج) والتي تعتبر مسرح عمليات مهربي النفايات.
فالإجراءات اللازمة للأجهزة المختصة بحاجة الى وقت وتنسيق للوصول الى ما يسمى مناطق (ج) والقبض على الفاعلين وتقديمهم للقضاء، وحتى في حال القبض عليهم وإدانتهم فإن الأحكام الصادرة بحقهم غير رادعة، ناهيك عن بطء الاجراءات القضائية فهي تحتاج إلى فترة طويلة لإصدار الأحكام والتي قد تصل لسنوات، وبحسب معلومات خاصة بآفاق البيئة والتنمية فهناك أشخاص تم القبض عليهم وإدانتهم وخرجوا بكفالة مالية وعادوا لتهريب النفايات الاسرائيلية من جديد.
من خلال لقاء المجلة مع الرائد حسام خلايلة مدير العلاقات العامة في الضابطة الجمركية، فقد أكد لنا أن القانون الفلسطيني يمنع نقل أي نفايات من إسرائيل، سواء كانت خطرة أو نفايات عادية، مضيفاً:" دور الضابطة الجمركية يقوم على ملاحقة المهربين والقبض عليهم وتقديمهم للقضاء، ونحن ننسق مع سلطة جودة البيئة في هذا الجانب بناءً على بروتوكولات موقعة معهم، فدورنا ميداني بالدرجة الأولى".
وعن مصير النفايات المهربة التي يتم ضبطها يوضح خلايلة:" العملية تبدأ بحجز الشاحنة، ومن ثم استدعاء سلطة البيئة لمعرفة طبيعة الحمولة، بعد ذلك يتم تحويل صاحب الجرم للنيابة ويتم التعامل معه حسب القانون".
ومن خلال تواصل آفاق البيئة والتنمية مع بعض الاشخاص في مناطق يتم التهريب إليها، تبين أن من يقوم بعملية النقل من إسرائيل الى الضفة الغربية هم في غالب الأحيان من عرب مناطق 1948 الذين يحملون الهوية الزرقاء، في حين أن من يتم القبض عليه من قبل الضابطة الجمركية أو الشرطة الفلسطينية هو المستلم او صاحب الارض التي ستدفن فيها النفايات، ويؤكد الجميع على أن هذه الشاحنات تمر بكل سهولة عن المعابر.
نفايات إسرائيلية سامة ضبطتها الضابطة الجمركية الفلسطينية
مصير غير واضح
عن مصير النفايات المهربة المضبوطة من قبل الضابطة الجمركية يرجّح لنا مدير علاقاتها العامة أن ما يتم ضبطه يعاد إلى "الجانب الإسرائيلي" وذلك وفقا للاتفاقيات الدولية الموقعة، وقد يتم حجز الشاحنة والسائق إذا كانت هناك نفايات سامة وخطرة.
من جانبه يقول مدير مديرية سلطة جودة البيئة في محافظة رام الله المهندس ثابت يوسف: "هناك صعوبة في إعادة النفايات المضبوطة إلى الجانب الإسرائيلي، كما وأن الإجراءات القضائية المتخذة بحق المهربين بطيئة مقارنة بالخطر الناتج عما يقومون به، فهناك قضايا مرفوعة ضد مهربين منذ سنوات في المحاكم".
ضرر مزدوج
الدكتور عقل أبو قرع وهو خبير بيئي أوضح أن عدم معالجة النفايات بطريقة صحيحة له أثر مدمر على النظام البيئي، فكيف إذا كانت هذه النفايات طبية أو كيماوية خطرة، يقول:" مع الزمن سوف تتراكم المكونات الخطرة في التربة وتدريجيا تنزل للأسفل، وتعمل على تلويث المياه الجوفية بمساعدة تغلغل مياه الأمطار في باطن الأرض، فلو فحصنا التربة على عمق 10 سم وبعد فترة على عمق 20سم وهكذا، سنجد أن هذه الجزيئات الخطرة تتغلغل في التربة تدريجيا، ولا تبقى فقط على السطح".
وختم أبو قرع مشيراً إلى خطورة تلك النفايات على الزراعة والنباتات لامتصاصها تلك الجزيئات السامة المتراكمة في التربة، والتي بالمحصلة تنتقل إلى الإنسان وتسبب له الكثير من الأضرار الصحية.