البحار والمحيطات ومخاوف من تصحرها
تلعب البحار والمحيطات دوراً حيوياً لاستقرار الحياة وإستمراريتها على كوكب الأرض، حيث تشكل ما نسبته71% من مساحة الأرض الكلية، فلا يمكن تجاهل دورها في تزويدنا بنصف الأكسجين الذي نتنفسه وإطعام مليارات البشر، فالمحيطات والبحار هي مضخة بيولوجية عظيمة وآلة عملاقة لضبط وتعديل المناخ على سطح الأرض، باختصار هي حليف لا غنى عنه، ويجب بذل قصارى جهدنا للحفاظ عليه.
لقد أصبحت قضية الحفاظ على المحيطات والبحار أكثر أهمية نظراً للتهديدات الغير المتوقعة والمسبوقة التي نعيشها حالياً، فالمحيطات لعبت لفترة طويلة دور الحامي والسد المنيع في وجه المتغيرات المناخية التي تسبب فيها البشر، فيكفي أن نعلم أن المحيطات امتصت 30% من نسبة غازات الدفيئة و90% من الحرارة الزائدة منذ بداية الحقبة الصناعية، لكن للأسف لكل شي ثمن، والضريبة هنا كانت ارتفاع درجات حموضة المحيطات إلى مستوى مرعب باتت آثاره السلبية بارزة للعيان وتتفاقم بمرور الوقت وتهدد الوجود البشري على حد سواء.
فيكفي أن نعلم أن كل يوم هناك 27 تسرباً نفطياً يحدث في العالم أي بمعدل تسرب كل ساعة تقريباً، وأن كميات البلاستيك في البحار ستتجاوز كتلة الأسماك والأحياء البحرية سنة 2050 لندرك هشاشة الوضع الحالي للمنظومة البحرية، هذا إن أضفنا مليارات الأمتار المكعبة من المياه المستعملة التي تصرف كل دقيقة في بحار العالم لتعمق أكثر حجم الكارثة.
كما ساهم الصيد الجائر للسمك في تناقص أعداد بعض الأحياء البحرية وإبادة بعض الأنواع بطيئة التكاثر، ومثال على ذلك فقمة البحر المتوسط التي لم يتبقَ منها سوى بضع عشرات، وكذلك الحوت الأزرق، أكبر أحياء كوكبنا فقد تناقصت أعداده تناقصاً واضحاً، فبعد أن كان تعداده حوالي 200 ألف سنة 1950 أصبح حالياً حوالي 2000 فقط. إن استمرار الوضع على حاله، سيسبب تصحر البحار، على غرار ما يحدث في اليابسة في كثير من المناطق الجافة.
العالم بأسره ينتظر ثمرة الجهود العالمية للحفاظ على ثروة البحار والمحيطات والحد من الأخطار الكارثية، التي تلوث ذلك المصدر الطبيعي، الذي يعتبر الأمل للبشرية لتوفير غذائها ولتأمين التوازن الحيوي الضروري لاستمرار وجود الحياة على هذه البسيطة.