خاص بآفاق البيئة والتنمية
قلق
تحرس أشجار زيتون معمرة وادي تياسير بمحافظة طوباس، وعلى مقربة من عماير الشيخ سعد، ومنطقة "الزيتونات العشر"، والمسقاع، فيما تتوزع أشجار خروب ولوز على جنبات الوداي الممتد، وتكسوه أزهار برية ملونة كالعكوب وشقائق النعمان والبسباس، وتفوح منه رائحة الفيجن المعطرة، وفي نهاية الوادي تجري أعمال محطة التنقية لمشروع الصرف الصحي حديث الساعة.
ويتخوف التياسيريون كالشاب مراد جابر من أن تأتي أعمال المحطة على أشجار الزيتون المعمرة، بعد أن جرى وضع علامات بالطلاء الأحمر على بعضها، وما لذلك -إن تم- من عواقب بيئية.
تتصل (آفاق) بنائب رئيس مجلس الخدمات المشتركة للتخطيط والتطوير في طوباس م. عيسى حمدان، الجهة المستفيدة من مشروع الصرف الصحي، فيقول: " نحن مزارعون بالأساس، وندرك قيمة الزيتون، ولن نقتلع أي شجرة معمرة في مسار الخط الناقل للمحطة، وسنجري في حالات طارئة لإعادة نقل بعض الأشجار الصغيرة."
لكن الأهالي يتخوفون من انتشار الروائح والبعوض للمحطة، وتهديد صفاء الحياة البرية في المنطقة، التي تردد فيها أصداء طيور العويسق والحجل والكروان، وتدل آثار فيها على مرور حيوانات برية أخرى.
معلمون
في مباريات كرة القدم هناك نقطة وخسارة وفوز وانسحاب، وفي رقعة الشطرنج بوسع الحصان أن يشكل حرف (L) لفتح ثغرة في جدار الخصم أو للهروب من وجهه. اللعبة في السياسة وموازين القوى لا تكون على المكشوف غالبًا، ليس من العدل تشبيه أطراف إضراب المعلمين بحجر النرد المكعب، هم مثل قوس قزح. الخاسرون نحن والرابحون نحن والمتفرجون نحن. أهم ما فعله المعلمون أنهم حركوا المياه الراكدة في جسدنا المتخشب، وأهدونا هدفًا ذهبيًا في الوقت القاتل، هم من غرسوا الشجرة، ورعوها، وصعدنا كلنا عليها، حتى أوشكت أن تنكسر.
ومما نراه خلال عدة أسابيع: البلد دون مدارس بلا حياة. هي جثة هامدة. المعلمون والمعلمات والطلبة يشبهون الروح الجميلة التي تعزف نغمة الأمل. لا طعم لأي نشاط مجتمعي دون اختلاط الزي الأخضر والأزرق المُطعم بالأبيض في مفاصلة، ولا حياة في الشارع صباحًا وظهيرة إلا بصخب الحقائب وحملتها. نحن بلا مدارس ومعلمين مثل "البدون" في بعض دول المال والكاز. لأن صخبهم يضبط إيقاعنا التالف!
تسترد ما عشته إبان انتفاضة الحجارة، حين أغلق الاحتلال مؤسساتنا التعليمية، يومها كنا على مقاعد الأول الإعدادي (السابع اليوم). مما يلتصق بالذاكرة، الحصة الخامسة الأخيرة لدرس في الاجتماعيات للمربي إبراهيم أبو سرية. وقتئذ، غادرنا المدرسة ولم نعد إليها إلا بعد سبعة أشهر. أول الأمر طار معظمنا فرحًا للغياب عن مقاعدنا الخشبية الضيقة، ثم أصبحنا ندرك لاحقًا معنى هذا الانقطاع بأوسع المفاهيم. وصلتنا بين فترة وأخرى كراسات للتعليم الشعبي للتحايل على أوامر ما يسمى (ضابط الإدارة المدنية). المدرسة فضاء جميل وملون وفيه يُطلق العنان للطفولة. أما جوهرها وروحها فهو المعلم الذي بحث عن كرامة لم يلتقطها أصحاب الشأن، والخاسر كلنا!
تجربة
عرض في الحادي عشر من آذار الفائت، ضمن فعاليات مهرجان أفلام الأرض بجزيرة سردينيا الإيطالية، الفيلم الوثائقي (ساكوت)، وهو تجربتك الشخصية المشتركة مع الزميل أحمد الكيلاني. يعيد العمل نوال دراغمة إلى أطلال قريتها المدمرة سنة النكسة، ويلخص حكايات تدمير قرى المنطقة عام 1967 من وحي شهود عليها.
ومما يوجزه العمل في بيئة ربيعية تحافظ على آخر عهد الشتاء: بلمح البصر، تقرر إسرائيل تدمير حياة قرية فلسطينية بأكملها، من خلال هدم منازلها وكل شيء فيها. هكذا فعلت دولة الاحتلال منذ عام 1967 في الأغوار الشمالية وغيرها، وتواصل ذلك اليوم بالتدريج.
يلاحق ( ساكوت) عدوان الاحتلال ومحوه لقريتي الساكوت والدير، اللتين كانتا تنبضا بالحياة، قبل 48 عامًا، شأنهما كشأن تجمعات أخرى في المنطقة.
ويعيد الفيلم نوال دراغمة - لأول مرة منذ النكسة- إلى بيتها ومسقط رأسها في قرية الساكوت، في بطن غور الأردن فتشرب من عين الماء التي كانت تلهو فيها خلال طفولتها، وتفتش بدموعها عن أطلال منزلها، ومعالم قريتها، وذكرياتها السليبة، وتجد المستوطنين "يتنزهون" فوق ركام بيتها، وتشاهد عين الماء التي لا زالت تتدفق في شرايين الغور رغم كرة النار التي تحيط به.
وترصد المشاهد التدمير المتواصل في تجمعي الفارسية والحديدية، كعينة ناطقة عما يحدث في تجمعات الأغوار وغيرها، كل يوم. وتلتقط ملامح إرادة البقاء للإنسان وأشكال التنوع الحيوي، رغم "شهوة" التدمير الإسرائيلية التي لا تشبع!
بلاغة
تقرأ في أولى "السفير اللبنانية" عنوانًا رئيسًا، في السابع من آذار يقول ( إلى الطمر أولاً: النفايات أم.. الحكومة!) تحاور الصحافية اللبنانية ميلسيا لوكية، فتقول إن حال لبنان بائس، وهو يغرق في النفايات بصمت، مثلما غرق بقرارات عروبية وحروب أهلية طاحنة وعدوان إسرائيلي وأمريكي وعربي!
مطالب
قال لي أحد طلبة التوجيهي أمس: نحن أيضًا لنا مطالب.. تدفئة مركزية، وحدات صحية نظيفة، غرف صفية تفتح الشهية للدراسة، حدائق، ملاعب معشبة، مياه باردة، مطاعم نظيفة، مواصلات حديثة...!
تدوير
افتتحت جامعة النجاح منتصف آذار زاوية الكتب المستعملة، لتشجيع طلبة الجامعة على تقديم الكتب المستعملة وتبادلها، ولتشجيع وتنمية أسس التعاون والعلاقات المجتمعية بين جمهور الطلبة أنفسهم، كما ذكر بيان رسمي لـ"النجاح".
دون شك، تحمل الزاوية الكثير من مبادئ التكافل والعمل الجماعي، ولا يخلو الأمر من أبعاد بيئية، على رأسها التدوير وإعادة استعمال الكتب، حتى لا تشكل عبئًا على رفوف أصحابها دون استعمال، أو تشق طريقها إلى النفايات والحرق.
aabdkh@yahoo.com