فراس الطويل
خاص بآفاق البيئة والتنمية
حينما نتحدث عن الرفق بالحيوان في فلسطين تجد من يؤيد الفكرة وربما يكون مستعدا للعمل من أجلها، على الأقل بشكل شخصي. ولكن في أحيان كثيرة، تقابل فكرة الرفق بالحيوان بالسخرية والنقد بل والعمل ضدها، من منطلق أن نحمي الإنسان أولا، ومن ثم نعتني بالحيوانات. وما بين الرأيين، تبقى حيوانات فلسطين، عرضة للقتل والصيد الجائر، ما يضع جزءً منها على قائمة الحيوانات المهددة بالانقراض.
في الوقت الذي بدأت فيه فكرة الرفق بالحيوان تأخذ اتجاها تصاعديا في الاراضي الفلسطينية، بدأت تطفو على السطح قصص نجاح فلسطينية تدعو للفخر في هذا المجال، ليس على المستوى المحلي فحسب، وانما على المستوى العالمي. فالطالب الجامعي وسيم طهبوب من سكان مدينة القدس المحتلة، شق طريقه بسرعة، وتم انتخابه في السادس من آب/اغسطس الماضي، رئيسا للجنة الرفق بالحيوان في اتحاد طلاب الطب البيطري العالمي. علماً أنه يدرس الطب البيطري في جامعة النجاح الوطنية بنابلس في السنة الخامسة من التخصص، ويتبوأ حاليا رئاسة اتحاد طلبة الطب البيطري في فلسطين ( IVSA-Palestine).
أُنتخب وسيم من قبل الهيئة العامة في اتحاد طلبة الطب البيطري العالمي (IVSA) والذي عقد في جامعة الطب البيطري كلوج نابوكا - في رومانيا، بحضور 31 دولة ليصبح رئيساً للجنة الرفق بالحيوان في الاتحاد، حصل على نسبة 84% ( 44 صوت) من الأصوات ليصبح رئيسا للاتحاد، للسنة القادمة ابتداء من الاول من أيلول/سبتمبر 2015 حتى 31 آب/أغسطس 2016.
قال طهبوب في حديث خاص مع "آفاق البيئة والتنمية "ستكون أمام رئيس لجنة الرفق بالحيوان في اتحاد طلاب الطب البيطري العالمي، تحديات كبيرة لا بد من مواجهتها خلال عام واحد، سيكون مطالبا بتحسين وتطوير التقارير الممثلة للاتحاد بهذا الخصوص، بالاضافة الى السياسات التي من شأنها رفع مستوى الرفق بالحيوان على المستوى العالمي، والتي ستمثل وجهة نظر ومساق عمل الاتحاد (IVSA) باتجاه الرفق بالحيوان".
من ناحية ثانية، سيكون طهبوب مسؤولا بالشراكة مع اعضاء الاتحاد عن تأسيس وتنفيذ مشاريع وخلق فرص أفضل لرعاية الحيوان ونشر أهميته كجزء من التنوع الحيوي، وذلك على جميع المستويات محلياً وعالمياً. ولتحقيق هذه الاهداف يعقد الاتحاد مؤتمرين سنويا، واحد في الصيف والآخر في الشتاء، لرفع مستوى الطب البيطري على مستوى العالم، ومعالجة القضايا المتعقلة بالحيوانات والبيئة العالمية.
نتائج انتخابات لجنة الرفق بالحيوان في اتحاد طلاب الطب البيطري العالمي
ماذا ستستفيد فلسطين؟
ستكون الاستفادة الفلسطينية تراكمية بعد تبوأ طهبوب رئاسة لجنة الرفق بالحيوان، حيث سيتم تنفيذ مشاريع تعنى بهذا الجانب في الاراضي الفلسطينية، عبر توقيع اتفاقيات بين اللجنة في فلسطين ونظيرتها في الاتحاد العالمي. لكن الامر لا يخلو من الصعوبة يقول طهبوب، مضيفا "في فلسطين الوضع صعب، ونحن بحاجة لعمل مضاعف حتى نبدأ في تغيير الصورة النمطية في أذهان الناس عن كيفية التعامل مع الحيوان، وتغيير صورة أن الحيوان لا يشعر، سنعمل بشكل كبير على موضوع التوعية للصغار، خصوصا في المدارس، حتى نخلق جيلا تكون المفاهيم لديه صحيحة...، التوعية ستحتل الجزء الأكبر من عملنا في فلسطين".
العنف ضد الحيوان يولد عنفا مجتمعيا
التعامل مع الحيوان في فلسطين مؤسف جدا، نرى اطفالا وفتية يعدمون قططا أو كلابا بأشكال بشعة. يقول طهبوب "المشكلة بأن الطفل حينما يكبر، سينعكس سلوكه العنيف مع الحيوانات على شخصيته عموماً من حيث تعامله مع أهله وزوجته وأطفاله، ونصبح نسأل أنفسنا لماذا ازدادت حدة العنف في مجتمعنا...، نأمل في النجاح، مع ادراكنا أن الامر ليس سهلا ويحتاج وقتا طويلا، لكن لا بد من الانطلاق رغم كل الظروف المحبطة من حولنا، والمليئة بالافكار الخاطئة".
 |
 |
وسيم طهبوب في المختبر البيطري |
وسيم طهبوب |
الرفق بالإنسان أم بالحيوان؟!!
ما الخطأ في الاهتمام بموضوع الرفق بالحيوان؟ أين المشكلة؟ لماذا لا نعمل في كل الاتجاهات؟ اسئلة عديدة طرحها طهبوب بحرقة. مؤكداً بأن اللجنة ليست ضد التركيز على حقوق الانسان، بل إن الانسان والحيوان عنصران يكملان بعضهما البعض. يقول: "بدأنا العمل على تدريب طلاب الجامعات لتوعية طلاب المدارس والمجتمع المحلي من خلال اشراكهم في مشاريع تهتم في البيئة والحيوان، وقد لمسنا تجاوبا جيدا مع هذه المساعي".
هناك العديد من المؤسسات التي تعنى بحقوق الانسان في الاراضي الفلسطينية، لكن للأسف لم نلمس تغيرا جذريا في هذا الجانب. فهل ننتظر الى حين الوصول الى مرحلة مثالية بالنسبة لحقوق الانسان ومن بعدها نبدأ العمل في ملف الرفق بالحيوان؟ أجاب الشاب وسيم طهبوب على سؤاله، وأكمل "يجب العمل بشكل متواز في كل الاتجاهات. المجتمعات لا تنهض بهذه الصورة، كلٌ عليه العمل في اختصاصه، وبعد فترة سنرى نتائج هذا العمل على مجتمعنا. رفق الانسان بالحيوانات سيؤدي في محصلة الامر الى الرفق الانسان بالانسان.
وهناك مقولة يكررها طهبوب في كل مناسبة يفتح فيها الحديث عن الرفق بالحيوان، "اذا أردت معرفة طبيعة أي إنسان شاهد تصرفاته مع الحيوان"، هذا التعامل يعطيك مؤشرا عن طبيعة الانسان الذي يقابلك، مؤشرا على شخصيته وكيفية تعامله.
تابع طهبوب "ناهيك عن كل ما سبق، فالرفق بالحيوان، من شأنه تحسين صورة الفلسطينين أمام العالم، فيعطينا صورة جيدة امام الشعوب المُضللة التي تصلها صورة بأن الفلسطينيين عبارة عن شعب همجي لا يحترم حتى حقوق الحيوانات".
وسيم طهبوب يعالج الخيول
رؤية عالمية
يسعى الاتحاد العالمي للطب البيطري وخصوصا لجنة الرفق بالحيوان، الى زيادة الوعي والثقافة على مستوى العالم أجمع، مع الأخذ بعين الاعتبار أن كل دولة أو منطقة لها خصوصيتها وقضاياها المتعلقة بالحيوانات والبيئة. فمثلا، في اوروبا، هناك قضية الزراعة الصناعية التي يجري التركيز عليها بهدف سن قوانين تمنع ابقاء المزارع التي تحشر أعداداً كبيرة من الابقار في مساحات ضيقة بشكلها الحالي، بحيث يتم التعامل معها فقط لاستغلال حليبها وبأكثر من طاقتها، دون توفير مساحات رحبة تتجول فيها بشكل طبيعي، واصفاً هذه السياسة الصناعية بأنها من أبشع الانواع لعدم الرفق بالحيوان وفق وصف الطبيب البيطري طهبوب.
وسيم طهبوب أثناء تدربه على معالجة الحيوان
مشروع للكلاب الضالة
من أحد المشاريع القائمة حاليا في الأراضي الفلسطينية، مشروع السيطرة على الكلاب الضالة والذي يتم عن طريق جمعية الرفق بالحيوان الفلسطينية، حيث انطلق المشروع من طولكرم وسيمتد الى بقية المناطق الفلسطينية، ويقوم على تعداد واحصاء الكلاب بعد القبض عليها. ثم بعد ذلك تتم إجراء عملية تعقيم لها من قبل اطباء ومتدربين بيطريين، مع تطعيمها ضد الامراض المعدية، واجراء عملية اخصاء لها بنسب مدروسة، يتم بعد ذلك ارجاع الكلاب للشارع أو توفير مأوى لها.
الهدف من المشروع الحد من الاعداد الكبيرة للكلاب الضالة في طولكرم بداية، ومن ثم سيتم تعميم هذا المشروع على باقي المحافظات في المستقبل.
هوسٌ منذ الصغر
تجدر الاشارة الى أن وسيم طهبوب تخرج من مدرسة شعفاط الثانوية للبنين عام 2010 ، وكان متعلقا بالحيوانات منذ صغره، بدأ مشواره الجامعي في تخصص الطب البيطري عام ٢٠١١ في جامعة النجاح الوطنية، وهو الان في السنة الخامسة والأخيرة من التخصص، تدرب لمدة شهر في مدينة "برنو" بالتشيك في عيادة للحيوانات الصغيرة (الكلاب والقطط)، اضافة الى جولات تدريبية محلية كان ابرزها: حديقة حيوانات قلقيلية، مسلخ بلدية نابلس، مركز تحسين السلالات في الخليل، ودائرة الطب البيطري برام الله. اضافة لكل ذلك، كان للشاب البيطري مشاركات في العديد من البرامج والفعاليات غير المنهجية، كبرنامج زاجل للتبادل الطلابي في دائرة العلاقات العامة في جامعة النجاح و JAI وبعض المؤتمرات على الصعيد الدولي في تمثيل فلسطين.