خاص بآفاق البيئة والتنمية
فرح من ورق
يشعر أيمن عبد ربه الموظف بسلطة جودة البيئة في نابلس، بفرحٍ غامرٍ مع كل تدريب تطوعي يطلقه بجهوده الذاتية والرسمية. يقول: "عقدت منذ بداية العام أكثر من 200 تدريب لطلبة المدارس في محافظات مختلفة، وفي كل دورة نقلت لهم طريقة إعداد عجينة الورق، وكيفية خلطها مع بعض الغراء والمواد المُثبتة وتلوينها، ثم نصنع مجسمات لتحف وأزهار وأدوات تراثية، ونقدم بعض الورود هدايا تشجيعية لمؤسسات عامة وخاصة."
يستحق أيمن، الذي استضافته (آفاق) قبل سنوات، كل تشجيع وإشادة، فهو لا يعرف الملل، ولا تؤثر عليه كل أشكال الإحباط التي تحيط به.
شجاعة عراقية
بخلاف أوضاع العراق الملتهبة بالدم وغبار الاقتتال والفتنة، أعلنت وزارة البيئة هناك، (منتصف حزيران الفائت)، عن إغلاق نحو ٣٠٠ برج للهواتف النقالة في بغداد وعدد من المحافظات خلال الأشهر الستة الماضية، عازية السبب إلى مخالفة تلك الأبراج للضوابط البيئية.
وقالت الوزارة في بيان صحافي، إن “دوائر الوزارة ستزود المحاكم المختصة بدعاوى المواطنين ضد أبراج الهاتف النقال المخالفة للضوابط البيئية بأنها تشكل خطورة على صحة الإنسان”.
وأضافت أنه “تم غلق نحو ٣٠٠ برج للهواتف النقالة مخالفة للضوابط البيئية في بغداد والمحافظات خلال الستة أشهر الماضية”.
الهوائيات الخلوية منتشرة في كل زاوية بمدننا والكثير من قرانا
وكانت وزارة البيئة أكدت في وقت سابق، أنها شددت إجراءاتها الرقابية على أبراج الهاتف النقال لمعرفة مقدار الأشعة الكهرومغناطيسية الناتجة عنها، فيما شددت أن ضوابطها تتضمن عدم استخدام قطعة الأرض التي يتم نصب أبراج الاتصالات فيها لأغرض السكن.
وطالبت الوزارة في وقت سابق، شركات الهاتف النقال العاملة في العراق بتسديد 100 مليار دينار غرامات مالية لمخالفتها الضوابط والمحددات البيئية. بالمناسبة، وبعيدًا عن أرض الرافدين: هل من رقم دقيق لعدد أبراجنا الخليوية؟ وهل اتخذت "جودة بيئتنا" أية إجراءات بحق الشركات المخالفة؟ وماذا عن الأضرار البيئية والصحية التي تسببها هذه الأجسام المعدنية الغريبة عن بيئتنا؟ والأهم: كيف تجري الرقابة والقياسات على الأبراج؟
عصفور الشمس
عصفور الشمس
كلما أشاهد أو أسمع عصفور الشمس الفلسطيني، الذي أعلن في شباط الماضي، طائرًا وطنياً لفلسطين بمبادرة من المطران منيب يونان ومركز التعليم البيئي، إلا وأسرع إلى كاميرتي، وأجلس خلسة لالتقاط صورًا جديدة لهذا الساحر الملون. اليوم، صار في أرشيفي أكثر من مئة صورة له بجودة معقولة في أوضاع وحركات وأمكنة مختلفة. في بعض المحاولات، أحتاج لإمضاء وقت طويل، فالطائر سريع ورشيق، وبالكاد يهدأ على الأغصان أو الورود. وفي مناسبات أخرى، أعود خالي الوفاض، وأعجز عن تسجيل الطائر ضوئيًا. واللافت، أن صغاري صاروا يتأثرون بمطاردتي للطائر، وشغفي بصوره، فيسألني أيهم ويامن: " لديك ألف صوره له، لما تريد تصويره مرة أخرى"؟ فأرد: لكل صورة طعمها الخاص، وجمالها.
مما قرأته وجمعته عنه، وبخاصة من كتاب طيور فلسطين لسيمون عوض: "من أصغر الطيور في فلسطين. رشيق الحركة مفعم بالحيوية، ويطير بسرعة هازا جناحيه بسرعة كبيرة. منقاره اسود طويل دقيق ومنحن إلى الأسفل، الذيل قصير والأرجل سوداء طويلة، أما قزحية العين فلونها بني. الذكر: يتميز بألوانه الزاهية الجميلة على الرغم من أن لونه العام أسود داكن، إلا انه ومع أشعة الشمس تظهر ألوانه الزاهية الخضراء والزرقاء والبنفسجية في الأجزاء العلوية من الجسم ومنطقة الصدر، أما جوانب الصدر وتحت الجناحين فمغطاة بخصلات برتقالية وصفراء. الأنثى: لون الأجزاء العلوية من جسمها رمادي بني، أما الأجزاء السفلية فرمادية ففاتحة اللون.
وهو مقيم بكثرة في جميع المناطق في البلاد. يألف جميع المناطق والبيئات وخاصة المناطق المكسوة بغطاء نباتي مثل الحدائق والبساتين، ويشاهد حول المناطق السكنية. يقف على الأزهار ويتغذى على رحيقها كما يتغذى على الحشرات أحيانا. يبني أعشاشه متدلية بوساطة أعشاب رفيعة على الأشجار والشجيرات. وتمتد فترة التكاثر بين بداية شباط ونهاية آب. عدد البيض 2 – 3 بيضات، وفترة الحضانة بين 12 – 14 يومًا، ويترك العش بعد 14 – 16 يومًا من الفقس، ويعتمد على نفسه بعد 23 – 30 يومًا بعد التحرر من قشوره.
ويتميّز هذا الطائر بصوته المرتفع، ويعتبر من الطيور المعروفة بانتمائه لمنطقة حفرة الانهدام، ويحمل اسم فلسطين، وهو طائر جميل ذو صوت يطرب له الإنسان. ومن المعتقدات الخاطئة أن معظم الناس يظنون انه من الطيور الطنانة لوجود تشابه بينهما في بعض الصفات، إلا أن الحقيقة العلمية تشير إلى انه من عائلة مختلفة تمامًا."
اقتصاديات الصوم
"الصوم مدرسة"، بهذا الوصف كنا نستمع خلال أيام الطفولة، لتوصيف وإيجاز وشرح عن الحكمة من وراء الإحساس بالجوع، لجهة الشعور بالفقراء، والتقرب إلى الله والزهد. بالتدريج، صرت ألتقط مفارقة قاتلة: في شهر الصيام تزيد فواتيرنا، ونغالي في الموائد والولائم، وترتفع معدلات نفاياتنا بكل أسف، ونلقي في حاويات القمامة الكثير من الطعام المهدور؛ لأن غالبية الأسر لا تقبل بتناول أطعمة مطبوخة في اليوم السابق، وتفضل الطازجة، وأن تناولتها يكون ذلك على مضض، ويكون الشهر فرصة للشركات التجارية لرفع أرباحها، وطرح منتجات جديدة، وقد ألصقنا بعض السلع بشهر الصوم.
بعض التقديرات، تفيد بأن كل أسرة تقريباً تنفق في رمضان، بالمعدل ضعف ما تنفقه في الأشهر العادية. وما يثير الدهشة، أن الوقت الذي ينفق في المطبخ في الشهر الكريم، مبالغ فيه.
ككل شيء، نحن بحاجة إلى إعادة النظر في تفاصيل فهمنا للصيام، فلا يمكن أن نستمر في اعتبار شهر التقشف والرحمة والتقرب إلى الله، والإحساس بألم الفقراء، شهرًا للطعام الدسم، والولائم المكلفة، الإسراف المنهي عنه.
في العام الماضي، كنت أدرب مجموعة من أطفال الياسمين البيئي بنابلس، اقترحت على بعضهم أن يقنعوا أمهاتهم بالتبرع كل يوم بوجبة نظيفة، يجري إرسالها قبل موعد الإفطار لبيت المسنين، أو لأسر محتاجة، بعد جمعها في الحي. وبالفعل، نفذ الأطفال المبادرة، وجمعوا يوميًا الكثير من الطعام النظيف، بدلاً من رميه في حاويات القمامة، وأحسوا بالسعادة، وبحكمة الصيام.
aabdkh@yahoo.com