تدويل مصنع الانتاج العالمي: نوع جديد من العمالة وخيار للمرأة في الدول النامية
ناشطة في مجال التنمية والنوع الاجتماعي
عند التطرق لهذه السياسة العالمية التي برزت كأحد مخرجات العولمة في نهايات القرن الماضي- تبرز الحاجة هنا الى التوضيح أن هذا النوع من العمل العالمي يحمل مستويات مختلفة من التبعية والمحدودية بين الجنسين؟ كيف؟ استند هنا في جدلي الى اطلاعي على عدد من المقالات المتخصصة في هذا الجانب وقراءاتي للعديد من تجارب بلدان العالم الثالث، على سبيل المثال لنجادل ان المرأة تستطيع توسيع مساحة مشاركتها اذا دخلت في الأنشطة الاقتصادية كما يفترض الممول الخارجي!
يستلزم ذلك ان نناقش بدايةً ان ظهور شركات الانتاج العالمي ساهم في دمج المرأة في عملية التنمية ولكنه عزز تبعيتها ودونيتها، حيث حمّلها مستويات اضافية من التبعية، حيث تعمل بوظائف دونية لا تتطلب تعليماً او تدريبا متخصصا وتقوم على اعمال تقليدية وتجميعية لعدد من القطع في الصناعات التقليدية، بينما اعطى الرجال مهام ادارية عليا، وإشرافية على النساء، وميزهم بتعليم أعلى، وتخصيص أكثر، الأمر الذي مكّنهم من أن يكونوا بكفاءة أعلى ويتقلدون مراكز أعلى، وهذا كرس النظام الابوي وقواه.
أضف على ذلك، عدم شعور المرأة بالأمان حيث يتم الاستغناء عنها او استبدالها حسب حاجة السوق، كما ان تبعية المرأة تظهر من خلال تدني أجرها، وأضحت قيمتها في النظام الرأسمالي الجديد قيمة مادية تحدد بمقدار ما تنتجه من عمل في اطول عدد ممكن من ساعات العمل، وبأقل أجر وأكثر كفاءة، ويتم استثناءها من قطاعات او صناعات معينة، وتلتصق بها صفة الدونية نظرا لدونية الوظائف التي تقوم بها.
وكون المرأة تتمتع بالمقدرة على العمل لساعات اطول سواء في الاعمال المنزلية، او خارج المنزل تلك التي تقوم بها في قطاعات العمل الغير رسمي في مصانع الانتاج العالمية، والتي اتخذت منها اداة لتدوير المال وزيادة الإنتاجية، فإنه اذا تم تدريب وتطوير المرأة وتصميم برامج تعليمية وتدريبية متخصصة لها كالرجل، وإدماجها في مختلف القطاعات كونها العنصر الأكثر انضباطا والتزاما بالعمل، فإن هذا بالضرورة سيعزز من شعورها بالثقة ويزيد إنتاجيتها، وإذا ما ترافق من تقويض لسلطة النظام الأبوي، ومنحها وظائف في مستويات ادارية متقدمة، وتنويعاً في علمها، فإن ذلك من شأنه زيادة الانتاجية أكثر، والأهم زيادة فاعليتها وشعورها بالثقة وبأنها مهمة في عملية البناء والتطوير.
من الضروري ان ندرك هنا: أنه ليست المعضلة هنا بدورها في الانجاب حيث انه طبيعي، ولكن المعضلة تتركز في ازدياد العبء المنزلي كون الرجل يعفى من المهام المنزلية، وأضف عليه العبء خارج المنزل، حيث العمل لساعات طويلة، بينما اذا ما تم تصميم التعليم والتدريب المتخصص للمرأة، ودخول القطاعات التقنية المقتصرة على الرجال, فإن المرأة سوف تتمكن من الوصول الى المصادر المالية والإدارية والمعنوية، والمساهمة بفعالية أكثر في الانشطة الاقتصادية.